بعد نقل ملف أمن العاصمة مقديشو الى إدارة محافظة بنادر في الثامن والعشرين من شهرشباط/فبراير الماضي بعد يوم واحد من التفجير الإنتحاري الذي استهدف تجمعا للقوات الحكومية المتمركزة أمام فندق اس وي ال في مقديشو والذي اودى بحياة مالايقل عن 20 شخصا، لوحظ تحسن أمني وتراجع عدد العمليات التي كانت تنفذها حركة الشباب ضد الأهداف الحكومية والمدنية سواء كانت افرادا أو مؤسسات داخل العاصمة الصومالية مقديشو، كما استطاعت الأجهزة الأمنية إفشال عدد من العمليات الإجرامية في أحياء متفرقة من العاصمة منذ ذلك الحين، نذكر منها على سبيل الإيجاز لا الحصر إلقاء قوات الأمن القبض على اثنين من منفذي هجوم بقذائف الهاون تعرضت له أحياء في العاصمة مقديشو قبل أيام، كما تم ضبط السيارة التي استخدمت للهجوم أثناء محاولة المنفذين الفرار. وآخر الجهود المبذولة من قبل السلطات المحلية لإفشال مخططات حركة الشباب ما اعلنته الأجهزة الأمنية عن ضبط سيارة محملة بمواد متفجرة في حي عيسى عبدي بناحية داينيلى في وقت مبكر من فجر هذا اليوم، وتأتي هذه التطورات في حين أعلنت أجهزة الأمن عن القاء القبض على عنصر من حركة الشباب في حي سوقا حولها (سوق المواشى) شمال العاصمة كما تم ضبط متهمين بالضلوع في عمليات الاغتيالات التي جرت في مقديشو خلال اليومين الماضيين.
وفي هذه العجالة نقوم بتحليل تلك التطورات مع التركيز على الأسباب الكامنة وراء التحسن الذي طرأ على أداء الأجهزة الأمنية بعد نقل مسؤولية أمن مقديشو الى إدارة محافظة بنادر. هناك عدةأسباب لهذه التطورات الملحوظة على الصعيد الأمني منها:
• التعاون والتنسيق الأمني بين الشعب والأجهزة الأمنية في محافظة بنادر، وهذا التنسيق هو الذي أدى الى ضبط عنصر حركة الشباب الذي كان يختبئ في منزل في حي سوقا حولها (سوق الماشية) في شمال العاصمة مقديشو يوم الأحد. فكلما تكون العلاقة بين الشعب والسلطات الأمنية قوية تتحسن الأوضاع الأمنية بشكل كبير حيث تكون السلطات قادرة على ضبط الأمن بشكل محكم اعتمادا على المعلومات من أفراد الشعب، فلولا وجود هذا الدور لما تمكنت السلطات الأمنية من ضبط عناصر حركة الشباب المختبئين في مقديشو والضالعين في عملية الإغتيالات التي حدثت بالعاصمة أمس الأحد والتي كانت ضحيتها الطالبة فردوس جمال حسن في حي طركينلى، يضاف الى ذلك تمكنت السلطات الأمنية من إحباط عملية انتحارية أو تفجيرية بالتعاون مع سكان مقديشو الأمر الذي تسبب في ضبط السيارة الملغومة والإنتحاري الذي كان يقودها.
• سهولة التحرك والإستجابة،ذلك لأن السلطات الأمنية في المحافظة لها مراكز للشرطة في أحياء العاصمة وهي وثيقة الصلة بالمجتمع المحلي أكثر من أي جهة امنية اخرى، وتخضع كلها لأوامر قائد الشرطة في المحافظة الأمر الذي ساهم في تفيذ المهام الأمنية بسهولة ويسر، يضاف الى ذلك أن قائد الشرطة في المحافظة على حرسى برى نشيط يعمل بدون كلل أو ملل وله خبرة طويلة في مجال الأمن، وهذا بدوره يساهم في الحد من بيروقراطية العمليات الأمنية داخل العاصمة، ثم ان الدوريات الأمنية التي تسيرها الإدارة في أحياء العاصمة والتقاطعات الرئيسية في شوارع العاصمة ساهمت أيضا بشكل ملحوظ في تحسن الوضع الأمني وصورة رجل الأمن كذلك لدى المواطن.
• ضعف القدرات التنفيذية لما يعرف بالأمنيات في حركة الشباب (وهي الجهة المسؤولة عن تنفيذ عمليات الاغتيالات) بسبب تنامي قدرة الأجهزة الأمنية الوطنية وما لاقت عناصرها (أي الأمنيات) من مضايقات من قبل السلطات الأمنية في العاصمة، يضاف الى ذلك ان استراتجياتها الأمنية صارت مكشوفة ومعروفة بعد وقوع عناصر من الأمنيات أسرى في ايدى الحكومة، بينما استسلمت عناصر أخرى منها بعد تنازلها عن الفكر القتالي، ولم تستطع الحركة تغيير استرتيجتها الأمنية لأسباب تتعلق بضعف التمويل وما تواجهه الحركة من ضربات جوية قاسية تستهدف قياداتها الأمنية والعسكرية في جنوب البلاد الأمر الذي انعكس سلبا على أدائها.
وخيرا يمكن لنا القول إن استمر الوضع على ماهو عليه الآن فان العاصمة لامحالة ستشهد تحسنا أمنيا مضطردا وسيودى هذا التحسن الأمني بدوره الى تحقيق إنجازات أمنية على مستوى الأقاليم الجنوبية في البلاد.