إصدار عملة نقدية خاصة ببونتلاند .. البواعث والتّوابع

أمر السيد سعيد عبدالله دني، رئيس ولاية بونتلاند الإقليمية، بنك الولاية ووزارتها المالية، بإجراء دراسة جدوى حول إمكانية الحصول على عملة محلّية خاصة بالولاية خلال العام المقبل 2025م، وذلك وفق المعايير العالمية.

وانطلاقا من رؤيته السلبية نحو الأوضاع الحالية في البلاد، ومجافاتها لمراعاة الوحدة والتماسك الاجتماعي بسبب الممارسات الخاطئة المتبعة، إلى جانب انقراض العملة النقدية الوطنية الصومالية، وانحصار الأموال بالعملات الرقمية الإلكترونية ذات المخاطر الكثيرة، فضلا عن صعوبة توافرها بشكل سلس وسهل في القرى والمناطق النائية التي لم تصل إليها أو تضعف فيها خدمات الشركات المتيحة للتطبيقات المالية المستخدمة في البلاد.

ذكر السيد دني أثناء خطابه في مناسبة افتتاح فرع بنك بونتلاند في مدينة بوصاصو الساحلية حاضرة محافظة بري بولاية بونتلاند شمال شرق الصومال، أنهم بهذه الخطوة لم يتّجهوا نحو الانفصال، وإنما يبحثون حلولا مؤقتة لأزمات مالية تعاني منها الولاية، مضيفا بأنه ليس جديدا أن تُستخدم عملتان مختلفتان داخل دولة فيدرالية، على حدّ قوله.

تفاعل المجتمع مع إعلان السيد دني، رئيس ولاية بونتلاند، وعبّر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن تكون هذه الخطوة، بداية لسيل من العملات المحلية الخاصة بالولايات الإقليمية والعشائر القبلية على غرار الرايات الإقليمية والشارات القبلية المنتشرة في طول البلاد وعرضها.

إن إعلان السيد دني في إيجاد عملة محلّية ببونتلاند، ليس بالأمر الجديد، إذ يتعامل سكان إدارة صوماليلاند الانفصالية منذ انفصالها عن الصومال بعملة خاصة بهم، وذلك عندما طرحوا العملة الوطنية الصومالية جانبا، غير أن ما يميز إعلان السيد دني، زعمه بتمسك الوحدة الصومالية، واعتبار هذه الخطوة إجراء ً محلّيا سيتفاعل مع أيّ نظام حكومي فيدرالي متّزن تحصل عليه الصومال في المستقبل.

ويرى كثير من المتابعين أن تصريحات قادة ولاية بونتلاند تتعارض مع تصرّفاتهم وسلوكياتهم، ففي الوقت الّذي يزعمون فيه أنهم لن يفرطوا في وحدة البلاد واجتماع الأمة، تراهم يتصرّفون كدولة مستقلة، بدءا من قطع تعاونها مع الحكومة الفيدرالية، مرورا برفض الانخراط في امتحان الشهادة الثانوية العامة مع إصرارهم على حصول خريجي ثانوياتها، على الشهادة الحكومية دون أن يجلسوا لهذا الامتحان، الأمر الّذي يثير الاضطراب والتساؤل لدى المجتمع الصومالي، حول نفسيات الطالب الّذي يتكبّد المشاق النفسية والإجرائية للحصول على هذه الشهادة، فيما يحصل عليها زميله القادم من بونتلاند بسهولة ويسر وغالبا بدون إجراءات معقّدة كالتي يمر عليها!

ويتابع المحللون بأن خطوة بونتلاند نحو الحصول على عملة خاصة، ليست إلا تجسيدا للانقسام والبحث عن امتيازات تختص بها هذه الولاية على غيرها من الولايات، الأمر الّذي لا يبشّر بخير، وبالتالي، يدعو المحللون نخبة المجتمع في بونتلاند وقيادته النظر برؤية ثاقبة، إلى القرارات المصيرية التي تتخذها القيادة، وتوابعها على وحدة البلاد وتماسك المجتمع.

وقانونيا، ينص الدّستور الصومالي المؤقت، في الفقرة الثانية من المادة 123 على أن “يكون البنك المركزي الفيدرالي لجمهورية الصومال الفيدرالية مسؤولا عن وضع وتنفيذ السياسات المالية والنقدية، وعلى جميع البنوك الالتزام بالتّشريعات المنظمة التي يضعها البنك المركزي الفيدرالي“، في حين تنص الفقرة الثالثة من هذه المادة أيضا أن من بين “الواجبات الرئيسية للبنك المركزي الفيدرالي لجمهورية الصومال الفيدرالية: إصدار العملة، … “.

أما اقتصاديا، فيقول الخبير الاقتصادي البروفسور يحيى عامر في منشور له على الفيس بوك تعليقا على هذه القضية: “الأمر غير ممكن اقتصاديا، لأنها -أي العملة- لا تجد سوقا كافية لتداول العملة فيها وقادرة على تغطية النفقات التي طُبعت بها النقود“.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ الشلن الصومالي انهار بشكل كبير، وليس له وجود يذكر إلا في دوائر محصورة وضيقة، ليحل محله العملات الرقمية والإلكترونية، مما يتطلب حلاّ جماعيا مدورسا، يهدف إلى الخروج من الضائقة الاقتصادية في البلاد، ويعيد للعملة الوطنية الصومالية دورها وقيمتها المالية في الأسواق المحلية والإقليمية والدّولية.

زر الذهاب إلى الأعلى