اللغة العربية في الصومال: بين نصوص الدّستور والتعاملات اليومية

أقامت الجامعة العربية بالصومال -وهي إحدى الجامعات الأهلية في الصومال- أمس الخميس الـ18/ديسمبر_كانون الأول/2024م، المهرجان الصومالي العربي الأول، وذلك احتفاء باليوم العالمي للغة العربية واحتفالا به.

شارك في المهرجان ما يزيد على 200 شخص من مهتمي اللغة العربية والعاملين على تطويرها في الصومال، سواء من أبناء البلد الّذين انطلقوا من مسؤولياتهم الدينية والاجتماعية تجاه الاعتناء باللغة العربية كونها وعاء الثقافة الإسلامية، وأبناء الجالية العربية في الصومال من أشقائنا اليمنيين والسودانيين والسوريين.

عُرض في المهرجان فقرات مختلفة تنبئ عن مواهب المشاركين ومدى تضلعهم في علوم اللغة العربية وخاصة في الأدب العربي بشقيه النثري والشعري.

أُلقيت في المهرجان قصائد شعرية متنوعة ومتعددة، إلى جانب سرد للقصص القصيرة الملهمة، والسير الّذاتية المفعمة بروح الأدب العربي، مما أثار تفاعل الحاضرين مع المواد المقدّمة في هذا المهرجان.

وعلى الرّغم من أن اللغة العربية ليست لغة الشارع في الصومال، إلا أنها تحظى باهتمام المجتمع الصومالي، ربما لكونها لغة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، فضلا عن أن الدّستور الصومالي المؤقت الصادر في 2012م، ينص في الماد الخامسة من بابه الأول على أن “اللغة العربية هي اللغة الثانية للبلاد”، غير أن الدوائر الحكومية لم تطبق هذه المادة، بحيث تصدر المراسيم الحكومية باللغتين الصومالية والإنجليزية التي لا موقع لها في الدّستور الحالي.

وبالرّغم مما تواجه اللغة العربية من تحدّيات في سوق العمل بالصومال، إلا أن هناك جهود فردية ومؤسساتية، تهتم بتطوير اللغة العربية في الصومال، فهناك جامعات تدرّس اللغة العربية كتخصص من التخصصات، وأخرى تعتمدها لغة التّدريس في الجامعة، بينما هناك بعض الجامعات التي تدرّس اللغة العربية كمتطلبات من متطلبات الجامعة أو الكلية.

وهناك معاهد متخصصة مستقلة أو تابعة لبعض الجامعات، حملت على عاتقها، مهمة تعليم الناشئة فنون اللغة العربية ومهاراتها الأربعة المتمثلة في التحدّث (الكلام)، الاستماع، القراءة، والكتابة، محاولة قدر الإمكان، تحديث وسائل تعليم اللغة العربية وأساليب تعلّهما في الوسط الصومالي.

ولا يزال العلماء في الصومال، يدرّسون فنون اللغة العربية وعلومها من نحو وصرف وغيرهما، في الحلقات العلمية بالمساجد والجوامع، التي تخرّج جيلا يعايش مع كتب الأقدمين المتبحرين في العلوم العربية والإسلامية.

وفي الجانب الإعلامي، فإن اللغة العربية لها وجود وإن كان محدودا، في وسائل الإعلام الحكومية والمستقلة، فهناك العديد من المواقع الصومالية الناطقة باللغة العربية، تقدّم محتوى إخباريا، وتحليلات وقراءات للواقع، إضافة إلى التقارير والدّراسات الموثقّة الخادمة للبحث العلمي.

إنّ للّغة العربية مستقبل واعد في الصومال، إذا تضافرت الجهود، وسعت الجهات المعنية إلى الاستفادة من الفرص القانونية التي يمنحهم الدّستور، حتّى يمكن نشر اللغة العربية في أوساط المجتمع الصومالي، فيخرج من كونه البلد الوحيد في الجامعة العربية الّذي لا يتواصل سكّانه باللغة العربية، حيث انضمت الصومال إلى جامعة الدول العربية في 14/ فبراير – شباط/ 1974م.

زر الذهاب إلى الأعلى