“الإنتخابات المباشرة” حلم يمكن أن يتحقق في الصومال خلال عام 2026  

القائد السياسي يجب أن يتمتع  في بعض الأحيان قدرا من الجرأة  والإقدام، وأن ما يقوم به الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود هو جزء من هذه الحقيقة، وكما نحج في مغامرتاته السابقة بشأن بناء الإدارات الاقليمية في الصومال ، فإنه يمتلك اليوم نفس القدر من الإقدام والمغامرة بشأن إجراء الإنتخابات المباشرة ” شخص واحد صوت واحد”  وهذا مطلب شعبي يمكن أن يتحقق خلال عام 2026 .  وأن من يبرر العودة إلى الانتخابات غير المباشرة وإلى النظام الإنتخابي القبلي بسبب غياب التوافق وانعدام الأمن، فهو يجافي الحقيقة، ويجانب الصواب، ويحاول ذر الرماد على العيون .

التوافق السياسي في الصومال أمر في غاية الصعوبة ولا يمكن تحقيقه في ظل الظروف الحالية وبالتالي فإن القضية لا تحتاج سوى توافق نسبي وأنه يمكن إجراء الإنتخابات المباشرة حتى في غياب ولايتي بونت لاند أو جوبالاند؛ لأن جميع الدول التي خرجت مثل الصومال من رحم الحروب الأهلية كالعراق وأفغانستان لم يتم إجراء الإنتخابات في جميع المناطق في الوهلة الأولى وانما كانت في مناطق محددة ، وأن جميع التيارات السياسية لم تكن راضية بطريقة الإنتخابات وحيثاتها ، فقيادات هذه الدول تجاوزت تلك المرحلة بالإقدام وعدم الإكتراث للصوات السياسية ، وغير المنصفة وأن الإنتخابات التي تلت كانت أحسن بكثير من الإنتخابات الأولى، وحققت جزءا من معايير النزاهة والتوافق السياسي ولذلك فاليوم في الصومال الأمر يجتاج إلى مغامرة ، وكسر حاجز الخوف، واجراء انتخابات شعبية مباشرة بغض النظر عن المستوى التي تحققها من النزاهة والشفافية، فإنها تضع اللبنة الأولى لنظام ديمقراطي في الصومال وتشجع المواطنيين على ممارسة الديمقراطية ، والوقوف بصفوف طويلة أمام صناديق الاقتراع لإختيار ممثليهم في مجالس الحكم.

صحيح إن مثل هذه الإنتخابات سيشوبها عمليات تزوير واسعة النظاق وربما لم يسبق لها مثيل، لكن في موازاة ذلك لا شك ستدخل التاريخ من أوسع أبوابها بإعتبارها الخطوة الأولى نحو الديمراطية الحقيقية والتداول السلمي للسلطة في الصومال، وتغيير مفاهيم وانطباعات لدى الصوماليين سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي بخصوص المرحلة الانتقالية.

 أما فيما يتعلق بغياب الأمن ، فهذا مجرد تبرير غير منصف ، ولا يستند إلى حقيقة فإن الإنتخابات في معظم الدول الإفريقية والعالم الثالث تجرى في أوضاع أمنية أسوء من الوضع الأمني التي نعيش فيه، ويحدث فيها أعمال شغب تودي حياة العشرات من المواطنين، وأن ما حدث في كنييا الدولة المجاورة عام 2022 لخير شاهد على ذلك، وأن الوضع الأمني الحالي في معظم الأقاليم الصومالية بإستثناء المناطق التي تقع تحت سيطرة الفعلية والنارية لحركة الشباب تستوفي جزءا كبيرا من  المعايير الأمنية المطلوبة لإجراء الإنتخابات في البلدان الهشة  ويمكن أن يخرج جزء من الشعب إلى المدارس والساحات العامة للمشاركة في الحملات الإنتخابية ولإدلاء أصواتهم ، وأن الجميع يعرف تاريخ النظام السياسي القائم في الصومال ، وكيف بدأ والتضحيات التي قدمت للوصول إلى مثل هذا المستوى  المتقدم الذي لم يكن يتحول إلى حقيقية دون المغامرة والتضحية. لا ننفي قد تحدث بعض الأحداث المؤلمة وأعمال شغب أو محاولات لإفشال الانتخابات من تنظيم الشباب المسلح، وقوى أخرى غير أنها لن تنجح وأن ممارسة  الشعب الصومالي في المناطق الجنوبية للعملية الديمقراطية بعد أكثر من 50 عاما أهم بكثير مثل تلك الحوادث.

زر الذهاب إلى الأعلى