ذكر وزير الخارجية الإثيوبي تايي أتسقى سيلاسي، اليوم الجمعة، أن مسؤولين في الحكومة الفيدرالية الصومالية يعملون على تصعيد الخلافات بين البلدين، في إشارة منه إلى التقارب الصومالي المصري الجديد، الّذي بموجبه أرسلت مصر معدّات عسكرية إلى الصومال قبل أيّام، الأمر الّذي لم يعجب النظام في أديس أبابا الذي أصدر هو الآخر الأربعاء الماضي بيانا أعرب فيه عن قلقه إزاء هذه التطوّرات في المنطقة.
وأشارت الخارجية الإثيوبية في بيانها إلى أنه في الوقت الّذي تستعدّ فيه الأمم المتحدة والاتّحاد الأفريقي للانتقال من بعثة الاتّحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) إلى بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال (أوسوم) مع مطلع العام المقبل 2025م، فإن المنطقة تدخل مرحلة غير مسبوقة من عدم اليقين، محذّرة في الوقت نفسه ما وصفته بالقوى التي تسعى إلى تأجيج التوتر لتحقيق أهدافها العبثية من العواقب الوخيمة لزعزعة أمن المنطقة، مشددة على أن إثيوبيا لن تتسامح مع الأعمال التي تعرض المكاسب التي تحققت ضد الجماعات الإرهابية للخطر.
بدا لسياسيين صوماليين، أن إثيوبيا، بهذا البيان، تريد أن تفرض وصايتها على الصومال، فتحدّد لها الجهات التي تتعاون وتوقع معها الاتفاقيات، وكأن الصومال دولة غير مستقلة وليس لها سيادة على أراضيها، مما يبدو، إثبات تمسكّها بموقفها إزاء مذكرة التفاهم الباطلة والمنتهكة للسيادة الصومالية.
وفي هذا يقول السيد ثابت عبده محمد، عمدة العاصمة الصومالية “مقديشو” السابق، في منشور له على صفحته في الفيس بوك: “إثيوبيا هي التي خلقت الأزمة في القرن الأفريقي، ويبدو أنها تريد خلق أزمة جديدة في المنطقة، وستتحمل العواقب الوخيمة الناجمة عن ذلك. الصومال له الحق في اختيار الدولة التي تتقاسم معه مصالح متساوية وقضايا ذات اهتمام مشترك، وتوقع معها الاتفاقية الموافقة للنظم والأعراف الدّولية. أدعو قيادة الحكومة الفيدرالية الصومالية إلى عدم الاستهانة بالتصريحات الإثيوبية التي يمكن استقراؤها كذريعة للغزو، وعليه فإن يجب الاستعداد بجدّية لأيّ إجراء ستتخذه إثيوبيا. الصومال للصوماليين“.
وفيما يتعلّق بالتغيّرات السياسية والعسكرية والدّبلوماسية في الجبهتين الصومالية والإثيوبية، فيقول السيد عبدالرّحمن عبدالشكور ورسمي، زعيم حزب ودجر، والعضو في مجلس الشعب بالبرلمان الفيدرالي الصومالي في منشور له على صفحته في الفيس بوك، تعليقا على محادثات أنقرة بين الصومال وإثيوبيا: “تعاني إثيوبيا اليوم من أزماتها الدّاخلية، فهي أضعف من الصومال الذي يتّحد ويجتمع، في الوقت الّذي تتفكك فيه إثيوبيا، لذا، لا ينبغي أن نقبل من أي شخص أو أيّ شيء يحاول إخضاعنا أو خسارتنا“.
بدوره، يقول الصحفي عبدالعزيز غولفي يري، رئيس موقع “جوهر” الإخباري الصومالي: “لقد مرّ على إثيوبيا، مرحلة رُفض فيها طائرة عسكرية مصرية، تقل أدوية للشعب الصومالي، إرضاءً لها-أي إثيوبيا-، وابتعادا عن مصر، وتم استبدالها بطائرة مدنية أخرى، بينما تشتكي إثيوبيا اليوم من نفس الطائرة التي هبطت في مطار مقديشو“.
إن العلاقات الإثيوبية الصومالية، كانت حساسة ومتوترة، منذ فترة طويلة، وصلت في بعض المرّات إلى الصدام المسلح في 1964م، وفي 1977م، وفي 2007م، عندما اجتاحت القوات الإثيوبية العاصمة الصومالية “مقديشو” التي كانت خاضعة يومئذ لاتّحاد المحاكم الإسلامية المناوئ للحكومة الفيدرالية الانتقالية المتمركزة حينئذ في مدينة “بيدوة”، حاضرة محافظة باي، والمقر الانتقالي لولاية جنوب غرب الصومال.
هذا، ويبدي البعض مخاوفه، من أن تتحول الصومال –على الرّغم من حقه في التعاون مع الدول ذات الاهتمام والمصالح المشتركة- إلى ساحة حرب لتصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية، تترك آثارا سلبية على الشعب الصومالي وعلى شعوب المنطقة بأسرها، ما لم تتبادل دول المنطقة احترام سيادة بعضها البعض وعلاقات حسن الجوار، وتبادل التعاون في المجالات المختلفة وفق الأعراف والقوانين الدولية.
الجدير بالذّكر أن الأزمة الإثيوبية الصومالية الحالية، اندلعت في الـ1/يناير-كانون الثاني/2024م، عندما وقّعت أديس أبابا مذكّرة تفاهم باطلة مع إدارة صوماليلاند الانفصالية، بموجبها تصل “أديس أبابا” إلى الساحل الصومالي لأغراض تجارية وعسكرية، الأمر الّذي رفضته الحكومة الفيدرالية الصومالية واعتبرته انتهاكا لسيادتها الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها، وعلى الرغم من جهود تبذلها تركيا للوساطة بين الصومال وإثيوبيا، إلا أن جولتين من المحادثات غير المباشرة بين الطرفين، لم تحقق حتى الآن تقدّما ملموسا في الموضوع.