يحتفل العالم بقدوم عام 2020 والأوضاع في الصومال تتجه نحو منعرجات جديدة ومفتوحة لكل الاحتمالات، بسبب انسداد الأبواب في وجهها، وغياب الرؤية الواضحة حول محددات ومآلات مستقبل البلاد سواء على الصعيد السياسي والأمني والاجتماعي.
تشرف ولاية السلطة التنفيذية والتشريعية في الصومال على الانتهاء ولم يتبق منها سوى العام الجاري، ومع ذلك، لا توجد آليات دستورية أو عرفية بديلة متفقة عليها وقابلة للتطبيق تضمن انتقالا سلسا للسطة في ظل تضاؤل فرص تنظيم انتخابات تشريعية مباشرة وعامة وفق البنود 46 و47 ، و60 من المادة الرابعة في الدستور المؤقت، وحتى أن مواقف الشركاء السياسيين بشأن الأسس والمنطلقات في حل الأزمة، والاتفاق على خارطة طريق مشتركة للحيلولة دون وقوع البلاد في فراغ دستوي متباعدة وخصوصا بين الحكومة الاتحادية وبعض الحكومات الاقليمية من جهة والحكومة الاتحادية والمعارضة من جهة أخرى، ولذلك بات كل طرف يهيم في وجهه ولا يدري أين ستتجه الأمور.
فالحكومة الحالية برئاسة الرئيس محمد عبد الله فرماجو مصرة على المضي قدما في مشروعها السياسي الذي بدأتها عام 2017 دون اعارة أي اهتمام لانتقادات المعارضة وتقوم برتيب أوراقها بشأن المرحلة المقبلة، وتنطلق سياساتها من فكرة مفادها أن الحكومات الاقليمية، بونت لاند، وهيرشبيلي وجلمدغ، وجنوب غرب الصومال وجوبالاند ستكون الجهة الشرعية المخولة بتحديد المستقبل السياسي خلال المرحلة الانتقالية وبالتالي تضع كل ثقلها على إعادة هيكلة تلك الإدارات وانشاء حكومات اقليمية مؤيدة لسياسياتها بشأن صياغة مرحلة ما بعد عام 2020، فقد نجحت حتى الآن في ضمان إدارتين وهما ، هيرشبيلي وجنوب غرب الصومال، وتخوض حاليا معركة شرسة لتشكيل إدارة موالية لها في اقليم جلمدغ وسط البلاد وأن نجاحها في هذه المعركة يبدو أنه تحصيل حاصل بسبب ما لديها من موارد وسلطة وغياب المنافس القوي ، كما تعمل في الخفاء جاهدة من أجل وضع قواعد لعبة جديدة مع ولايتي جوبالاند وبونت لاند، لتقتل عصفورين بحجر واحد فهي تريد من ناحية ابعاد الأحزاب السياسية من مصنع الأحداث ومنعهم من الحصول على موطئ قدم لهم في المشاورات حول الانتخابات المقبلة عبر دخول تفاهمات مع الحكومات الاقليمية المعارضة لها، بونت لاند وجوبالاند وتسعى من جهة أخرى إلى تشكيل أغلبية موالية لها داخل الولايات الاقليمية.
وبعد أن تنهي الحكومة عملية تشكيل إدارة جلمذغ ستبدأ التحركات الحقيقية لبلورة مشروع سياسي حول الانتخابات ستعرضها للحكومات الاقليمية.
أما المعارضة تعتمد على سياسة النفس الطويل وتراهن على ثلاثة عوامل رئيسية، الأولى تآكل شعبية الحكومة داخل البرلمان وفشلها في تنظيم انتخابات شعبية مباشرة (شخص واحد صوت واحد) وأما العامل الثالث تتوقع أن المداهنة مع الإدارات الاقليمة لن تجدي نفعا، وأنه لسي سوى مداهنة من قارورة فارغة.
على الرغم من هذه الصورة القاتمه يمكن القول إن التيه السياسي الذي تواجه الصومال مع بداية العام الجديد ليس أمرا جديدا وكان مألوفا لدى الشعب الصومال منذ سنوات ، وأن الخروج منه سيكون منظما وبدون اراقة دماء، لأن الحل النهائي بيد الراعي الدولي لعملية السلام ويكون الجميع مضطرا بصورة أو بأخرى في نهاية المطاف إلى النزول من الشجر والجلوس على مائدة المفاوضات والتوصل إلى صيغة معنية تضمن اجراء انتخابات عامة وانتقالا سلسا للسلطة.