من المقرّر إجراء الانتخابات الرئاسية لجوبالاند في آغسطس/آب المقبل/2019م، أي بعد ثلاثة أشهر من الآن، لكن إمكانية إجرائها في موعدها ينكتفها غموض شديد، ويذكر بعض المراقبين أن الأوضاع الرّاهنة في الاقليم لا تبشر بالخير وتشير إلى امكانية تأجيل الانتخابات أو إلغائها، حسب بعض المرشحين.
وعلى الرغم من تعهّد الرئيس أحمد إسلام بإجراء الانتخابات في موعدها واصراره على عدم تأجيلها عن موعدها المحدد بيوم واحد، حسب تصريحات أدلى بها في القصر الرئاسي بكسمايو عقب عودته من اجتماع جرووي الذي انتهى بالفشل، إلاّ أن الوضع في الأرض مختلف وأنّ الانتخابات التشريعية التي كانت من المقرر إجراؤها في 15/إبريل – آذار/2019م، لم يتم إجراؤها حتى الآن ولم يتم بعد تحدّيد موعد جديد.
ويعزي البعض تأخر الانتخابات التشريعية عن موعدها إلى وجود خلافات حول طريقة اختيار أعضاء برلمان جوبالاند، إذ يرى رئيس لجنة انتخابات جوبالاند السيد حمزة عبد برّي أنّ تعيين أعضاء البرلمان من اختصاص لجنته، وفي حديث له لبي بي سي أكد حمزة عبد برّي أنّ دور زعماء العشائر يقتصر في تعيين ثلاثة أشخاص من العشيرة على أن يكون نائبهم السابق في البرلمان من بين هؤلاء الأشخاص، وبعدها ستقوم اللجنة بإجراء تمحيص وتدقيق للتمييز بين هؤلاء وفق شروط ومتطلبات وضعتها اللجنة أمام من يريد أن يصبح عضوا في البرلمان القادم.
أثار هذا القرار حفيظة زعماء العشائر ومرشحي رئاسة جوبالاند، واعتبروه مؤشرا خطير وخطوة أولية للتلاعب بانتخابات جوبالاند الرئاسية والتشريعية، وهو ما لايمكن قبوله ، وذلك بحسب قولهم.
ومن بين هؤلاء، الشيخ طاهر الذي هو أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية في جوبالاند والذي صرح للبي بي سي رفضهم التام لهذا قرار رئيس لجنة الانتخابات.
وأكّد السيد ليبان محمد علو وهو أيضا من المرشحين للانتخابات الرئاسة لولاية جوبالاند ومن منتقدي سياسة النظام الحالي، أكّد في حديث له مع بي بي سي أيضا عدم قانونية الطريقة التي قدّمها رئيس اللجنة الانتخابية في تعيين نواب البرلمان حيث من المفروض أن يقوم زعماء العشائر بتعيين النائب البرلماني لكلّ عشيرة، أما ما ذكره رئيس لجنة الانتخابات من أن القرار النهائي لتعيين النائب البرلماني من اختصاص اللجنة أمر يتنافي مع عمل لجنة الانتخابات كما أنه لا يتوافق مع مبدأ تكافؤ الفرص أمام جميع المرشحين.
وأوضح ليبان في حديثه أن لجنة الانتخابات تمثل الحكم بين المتنافسين، وليس لها أي دور في تعيين النائب البرلماني.
كلّ هذه التطورات، إلى جانب الأزمة المحتدمة بين إدارة جوبالاند والحكومة الاتحادية تلقي بظلال كثيف على الانتخابات الرئاسية وتثير مزيدا من الشكوك حول امكانية اجرائها في وقتها.
توجه حكومة جوبالاند باستمرار انتقادات لاذعة لسياسات الحكومة الاتحادية ازاء الولاية، وكان آخر تلك الانتقادات ما جاء في بيان صادر عقب حادثة مطار كسمايو قبل أيام حيث اتّهمت جوبالاند الحكومة الفيدرالية بالسعي إلى زعزعة أمن واستقرار مدينة كسمايو من خلال الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه لمرشحين موالين لها تستغلها في اثار قلاقل سياسية في الاقليم، وفق ما جاء في البيان.
ومهما يكن ألامر فإن الوضع في جوبالاند معقّد جدّا، وأن إدارة جوبالاند تريد أن تجري الانتخابات بعيدا عن تدخّل الحكومة المركزية، كما لا يخفى – أيضا- أن الحكومة الفيدرالية تريد إزاحة النظام القائم في جوبالاند المعارض لكثير من سياساتها، والمتمتع بعلاقات وطيدة مع كينيا التي تأزّمت علاقتها مع الصومال على خلفية قضية النزاع الحدود البحري بين البلدين والمنظورة حاليا في محكمة العدل الدولية بلاهاي، فمن مصلحة كينيا اعادة انتخاب الرئيس الحالي للولاية أحمد اسلام مدوبي، في حين تعتقد الحكومة الفيدرالية أنه لا يمكن استعادة سيادتها على جوبالاند طالما بقي الرئيس أحمد مدوبي على رأس السلطة، وبالتالي- بحسب رأيها- لا بدّ من إزاحته والحيلولة دون عودته مهما كلّف ذلك من ثمن.
وبين هذا وذاك تتعطّل مصالح الشعب، ويمكن أن يحدث ما لايحمد عقباه، ولانستبعد أن تؤدّي هذه التجاذبات إلى استنساخ تجربة الانتخابات الرئاسية التي جرت في ولاية جنوب غرب الصومال نهاية العام الماضي في اقليم جوبالاند، واندلاع مواجهات عسكرية تسيل فيها دماء الأبرياء على غرار ما حدث في مدينة بيدوة إبان الانتخابات، لذا فلا بدّ من الاستماع إلى صوت العقل لإبعاد الولاية عن شبح حرب أهلية مدمرة.