يحتفل العالم في 8 مارس من كل عام بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، دعما لبطولاتها واحتفاء بانتصاراتها الكبيرة التي تحققها في معترك الحياة وتخفيفها عن المعاناة التي تتلقاها في سبيل ذلك، وتعبيرا عن مساندتها ورفضا لكل أشكال الجرائم التي ترتكب بحق المرأة في أنحاء العالم المعمور ولا سيما في البلدان النامية التي لا تزال تقيد المرأة بقيود وسلاسل العرف الاجتماعي وتقاليد لا تمت إلى قوانينها وتشريعاتها الدينية بصلة، أو البلدان المتقدمة التي تلقي المرأة في التهلكة وتجعلها عرضة بأبشع أصناف الاتجار بالمرأة ، ودعاية لمنتجاتها دون مراعاة لدساتيرها وقوانيها الخاصة لحماية المرأة من الانتهاك بحقها واتخاذها وسيلة لجني المال والتربح غير المشروع وما يحدث في قطاعات السياحة والإعلام وصناعة الأفلام في أوروبا والغرب عموما خير دليل على ذلك.
وفي مثل هذا اليوم وأيام أخرى كثيرة يجب الاصغاء لأنيين المرأة المضطهدة ، وألا يعلو صوت فوق أهزوجة المرأة المتنصرة وأن يقف الجميع وقفة اجلال واكبار واحترام لدورها في المجتمع واعترافا لحقوقها وأن يكون هذا اليوم مناسبة لتنفيذ كل القرارات الرسمية وغير الرسمية الصادرة والمتعلقة بتعزيز دور النساء في مختلف مجالات الحياة وتحويلها إلى واقف ملموس يساهم في تحسين ظروف حياتهن وتحصينهن من الاستغلال أيا كان نوعه أو مبرره ويساعدهن في أن يكن عضوات صالحات يشاركن بقوة في بناء الوطن والشعب وحمايته من العدو الداخلي والخارجي من خلال بناء مجتمع متحضر واثق بنفسه معتمد على ذاته وقدراته وطاقاته التي منّ الله عليه ويحترم ذاته لكسب احترام الآخرين.
كانت المرأة الصومالية على مر العصور عماد الأسرة ، وقلبها النابض والقائم بأعمال رب البيت، ولبؤة ثاقبة لا تهاب الموت وعنصرا فعّالا في تركيبة الأسرة وكانت لا تترد من ركوب الأسنة وخوض الملمات وشدائد الدهر ومواجهة المدلهمات في سبيل تربية الأولاد وضمان لقمة عيشهم، كانت تحمل المجرفة والعصى جنبا إلى جنب مع أبيها أو زوجها أو أخيها تحرث الأرض وتزرع وتترد على المزرعة لحمايتها وصيانيها ، وتشارك في يوم الحصاد تحمل على ظهرها صبرة من الحبوب لتطمع أهلها، وتقطع مسافات طويلة حاملة ظهرها قواي ( أنية قديمة لتخزين الالبان) لتبيع ثم تشتري لأولادها السكر والموز والخبز والمستلزمات المنزلية الأخرى، ولم يكن يقتصر دور المرأة البدوية على ما ذكرنا ، وانما كانت أيضا ترعى المواشي وتسقيها وتبحث لها الماء والكلأ.
لكن للأسف الشديدة هذه المرأة الجسورة وذات الأدوار المتعددة لم ينصفها العرف الاجتماعي ولم يعط حقها كاملا وكانت ولا تزال حتى الآن في بعض المناطق شخصية مهمشة محرومة من التعليم والصحة وحق الميراث المنصوص في الكتاب والسنة، تنتهك حرمتها من قبل زوجها أو أهلها أو الرجال الآخرين بأتفه الأسباب وليس لها معين ولا ملجأ الا الله وحتى العلماء اذا لجأت إليهم كانوا مقصرين بحقها وينظرون إليها بنظرة دونية ويعتبرونها ناشزة أو رافضة لسلطة الرجل وقوامته.
لكن في المقابل تعاني المرأة الصومالية في الوقت الحالي وخصوصا التي تعيش في المدن من ثقل الحاضر ومتطلبات العصر وصارت تزاحم الرجال في كل المجالات بل وتجاوزه أحيانا متأثرة بافرازات الحضارة العلمية والتكنولوجيا المتقدمة وبصورة غير منظمة ومهذبة يصعب لجمها وتقييدها في المستقبل، وهذا بلاشك يؤدي في النهاية إلى اهتزاز دورها في الأسرة أو ضياعها وانحلال اخلاقها ورسالتها المجتمعية وانجرارها وراء سراب لا يسمنها ولا يغنيها من جوع ويجعلها أداة سهلة للاستغلال الناعم ووسيلة لهدم المجتمع والنيل من مقدساته وثوابته.
وبالتالي، فالمرأة الصومالية، باتت اليوم أمام امتحان صعب يتمثل في إثبات ذاتها ، والتحرر من الإرث القديم وتحمي نفسها في ذات الوقت من ثورة الانحلال الأخلاقي السائد في عالم المرأة الحديث.