مشروع خط أنابيب جوبا-لامو مشروع عملاق يهدف إلى تحرير جنوب السودان وإثيوبيا من ارتباطهما بالموانئ البحرية العربية، عبر السماح لدولة جنوب السودان ممرا بحريا لتجارتها النفطية، وتوفير امتيازات مغرية لإثيوبيا مقابل استخدامها ميناء لامو بدلا من الموانئ السودانية والجيبوتية والصومالية، وبمعنى آخر يهدف الخط إلى إنشاء خط بديل عن موانئ البحر الأحمر التي يُسيطر عليها السودان وجيبوتي والصومال، والذي يربط وسط وشرق إفريقيا بغربها وجنوبها.
في مارس عام 2012 ، التقى رؤساء دول كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان في مدينة لامو على المحيط الهندي ، لإطلاق مشروع إنشاء ميناء وخط أنابيب نفط معاً يمتد من جنوب السودان إلي إثيوبيا عبر كينيا، وتبلغ تكلفته 23 مليار دولار ، سيتم تأمينها من قبل حكومات الدول الثلاثة بالإضافة إلى مانحين دوليين ومؤسسات مالية دولية واقليمية أخرى، ولا يزال تنفيذ هذا المشروع يسير على قدم وساق رغم ما يواجهه من مشاكل تمويلية .
يأتي هذا المشروع الطموح في اطار رؤية كينيا 2030 حول تطوير البنية التحتية لمدينة لامو القديمة وجعل مينائها المطل على المحيط الهندي أكبر الموانئ في شرق إفريقيا متقدما مونئ ممباسا في كينيا وجيبوتي وعصب، ويتضمن المشروع أيضا بناء خط سكة حديدية وطريق سريع ومصفاة لتحويل كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان إلى دول متوسط الدخل خلال العقدين المقبلين.
لكن يواجه مشروع خط أنابيب لنقل بترول الجنوب عبر ميناء لامو بكينيا تحديات كبرى أبرزها أنه يمر في منطقة شرق أفريقيا التي يسكنها غالبية صومالية ومسلمة، وبعد ساعات من اعلان المشروع تظاهر سكان شرق كينيا معارض لهذا المشروع باعتبار أن المنطقة المقترحة لإقامة المصفاة تعد منطقة حدودية ومحل نزاع بين كينيا والصومال منذ العام 1992م.
كما أن ميناء لامو يقع بالقرب من الصومال غير المستقر سياسيا وأمنيا، وعزا بعض المحللين أن هذا هو السبب الرئيسي لدخول القوات الكينية في مدينة كسمايو نهاية عام 2012 لتوجيه رسائل طمأنة للشركات والجهات التي قد تمول المشروع.
أضف إلى ذلك أن كينيا بدأت منتصف العام الحالي تصدير أول دفعة من النفط الخام في تاريخها، في إطار خطة تجريبية تعرف باسم “مشروع النفط المبكر”. وكذلك تم العثور على النفط الخام في حوض لوكشار شمالي شرق كينيا في الحدود مع الصومال وعدد من الاستكشفات النفطية الأخرى ؛ بما يؤهل البلاد لأن تكون من بين الدول المنتجة للذهب الأسود لكن معظم المناطق التي اكتشف فيها الغاز الطبيعي مناطق حدودية متنازعة عليها بين الصومال وكينيا.
ولخص مدير برنامج السودان في معهد السلام الأمريكي (جون تيمين) التحديات التي تواجه هذا المشروع في التضاريس الصعبة التي تميّز مسار الخط، علاوة علي اضطرابات المنطقة الشمالية الشرقية الكينية التي تقطنها المجموعات الصومالية والساكويّة، والتي دأبت طيلة العقود الماضية تطالب بحق تقرير مصيرها، بجانب كونها دفيئة إرهابية ومعقلاً لتنظيم الشباب الصومالي.
نظرا لضخامة هذه المشروع وأهدافه الإستراتيجية يحتمل أن يشكل تهديدا مباشرا على مصالح الدول العربية في منطقة القرن الإفريقي، وأن خريطة التحالفات الجديدة التي أضحت جنوب السودان جزءاً لا يتجزأ منها تعني في دلالتها الإستراتيجية خصما إستراتيجيا للدول العربية ودعما لقوى إقليمية غير عربية أبرزها كينيا وإثيوبيا، بحسب محللين. والملاحظ أيضا أننا أمام تشكل محور إستراتيجي جديد يضم كلاً من الصومال وإثيوبيا واريتريا والذي قد تضم إليه لاحقا كلا من كينيا وجيبوتي لتعزيز هذا المحور الذي يعطي الأولوية القصوى للمجالات الاقتصادية والتنموية ويتوقع أن يتم إطلاق مشاريع تنموية تستفيد منها دول أخرى في المنطقة ويجعلها كتلة اقتصادية قوية تعتمد على النفط وتنافس اقتصاديات دول شبه الجزيرة العربية بصورة غير شريفة.