في ضوء التطورات السياسية الأخيرة في الصومال، طفا على السطح وجود حرب باردة بين الحكومة الإتحادية والمعارضة. يسعى كل طرف إلى ليّ عنق الأخر وسحقه. فالحكومة فيما يبدو نجحت في أخذ زمام المباردة والقيام بالضربة الاستباقية بعدما قامت بإعتقال وتهديد عدد من رموز المعارضة ومنعهم من تنظيم لقاءات وإجتماعات جماهيرية في مقديشو، وجعلتهم ما بين من آثر السلامة والإنكفاء وتارك البلاد بحثا عن فضاء اكثر حرية طمعا في أن يعود إليه منتصرا.
خطة المعارضة
تتبع قوى المعارضة بعدة مسارات لخفض سقف مطالب الحكومة والحد من سياساتها التي وصفها البعض بالإقصائية أبرزها:
1- تعزيز أواصر التعاون والتنسيق مع الإدارات الإقليمية
تراهن المعارضة على الإدارات الاقليمية ودورها في خلط أوراق الحكومة الاتحادية واشغالها عن مخططاتها بشأن سيطرة مفاصل الدولة والتفرد بالحكم. تبذل المعارضة جهودا كبيرة من أجل تعزيز التعاون والتنسيق مع رؤساء الإدارات الاقليمية وتسويق نفسها بأنها هي التي تصلح لحكم البلاد والقادرة على توفيق المصالح بين رؤساء الولايات الاقليمية والحكومة الفيدرالية.
2- التصعيد الشعبي
غادرت خلال الأيام القليلة الماضية مجموعة من نواب البرلمان وعدد من السياسين البارزين المعارضين لحكومة خيري، البلاد بحثا عن فضاء أكثر حرية وهربا من إعتداءات ومضايقات السلطة في مقديشو وفق تصريحات لبعض المعارضين.
وصل معظم هؤلاء السياسين إلى العاصمة الكينية نيروبي وعدد من العواصم الأوروبية وشرعوا في تنظيم لقاءات جماهيرية واجتماعات سرية لجمع صفوف المعارضة بغض النظر عن ألوانها وأطيافها وترتيب أورقها وحشد التأييد لمواقفها المناوئة للرئيس فرماجو ورئيس وزرائه خيري.
خطة الحكومة
لكن تفاديا لتداعيات تحركات المعارضة قررت الحكومة بدورها ما يلي :
- كسب دعم نواب مجلس الشعب عبر تعيين عدد منهم لمناصب حكومية وقام رئيس الوزراء خلال الشهر الجاري بملء المناصب الوزارية الشاغرة منذ فترة وعينها لـ 12 نائبا في مجلس الشعب. لم يتخذ رئيس الوزراء هذه الخطوة سوى تخقيق هدف واحد وهو تحصين حكومته من مشاريع سحب الثقة.
- فتح حوار مع بعض السياسين وقيادات من الإدارات الاقليمية وعقد صفقات معهم ، وتشهد عدة مدن افريفية وأوروبية تحركات في هذا الشأن، حيث التقى الرئيس محمد عبد الله فرماجو خلال زيارته لكينيا الأخيرة عددا من النواب في البرلمان ورئيسي كل من ولاية جنوب غرب الصومال ولاية هيرشبيلي للتصالح معهم وتبديد مخاوفهم. وكذلك يرى البعض أن تجدد الخلافات السياسية بين رئيس جلمدغ “حاف” من جهة ونائبه ورئيس برلمان الاقليم من جهة أخرى وإنشاء كيان سياسي معارض لرئيس جوبالاند أحمد اسلان في مقديشو جزء من هذه الخطة.
- تحسين العلاقة مع دول الجوار ولاسيما إثيوبيا وكينيا وجيبوتي واقناعها بالامتناع عن دعم قوى المعارضة أو رؤساء الولايات الاقليمية، وأن الزيارات الأخيرة التي قام بها كل من الرئيس فرماجو لكينيا ورئيس الوزراء خيري لإثيوبيا وجيبوتي تدخل في هذه الإطار.
بغض النظر عمن سينتصر في هذا الحرب، فأن قطاعا عريضا من الشعب يرى ضرورة أن تغير الحكومة سياساتها تجاه المعارضة وتخفض جناح الذل للسياسين المطالبين بالشراكة وعدم الإقصاء ، وكذلك يجب على المعارضة أن تنزل من الشجرة، لأن التاريخ اثبت استحالة أن تحكم جهة ما هذا البلاد بالحديد والنار وبالتالي ينبغي أن يكف كل طرف عن سياسة عض الأصابع وتجريب المجرب واستخدام وسائل قديمة أثبتت فشلها.