من الأمور التي لاحظتها ،خلال تتبعي للأحداث السياسية في الصومال ،منذ إنقلاب عام 1991 الى وقتنا الحاضر أن الصوماليين قد ابتلوا بسياسيين اشتهروا بازدواجية المواقف وتغيير المبادئ والمواقف فتارة تجد السياسي مع موقف ما ، ويتعصب لهذا الموقف ثم تجده فجأة قد غير موقفه لموقف اخر ، وتارة تجده يقف في صف حليف له ، ثم تجده قد انقلب عليه ،فيتحول اصدقاء الأمس الى أعداء اليوم…وسنضرب لكم بعض الأمثلة :
بعد الانقلاب الذي جرى في مقديشو عام 1991، عقد زعماء المعارضة باجتماع في مقديشو مناقشة مرحلة ما بعد الانقلاب…وأرسلوا دعوة لزعيم جبهة SNM آنذاك عبدالرحمن تور والذي أصبح فيما بعد حاكم ما يسمى بجمهورية..(صومالي لاند ) غير معترفة بها ، ولكنه رفض المشاركة في المؤتمر ، بحجة أنهم أصبحوا دولة مستقلة ومنفصلة عن باقي الصومال. وحينما خسر أمام خصمه (محمد حاجي ابراهيم عقال) في الانتخابات التي جرت في المناطق الشمالية، قام فجاة بتغيير موقفه وأصبح يؤيد الوحدة ما بين الشمال والجنوب، ما أدى إلى اندلاع حرب أهلية في الشمال بسبب تبدل موقف تور….وسميت بإسم (حرب الهبرهبر)…
وللأسف سقط ضحايا في هذه الحرب…وكل هذا بسبب (ازدواجية المواقف) التي اشتهر بها السياسيون الصوماليون.
وسأضرب لكم مثالا آخر لهذه الأنواع من ازدواجية المواقف… السيد علي خليف جلير سبق وأن عمل مع حكومة محمد زياد بري وشغل فيها عددا من المناصب . وعقب سقوط نظام بري صار مع التيار الجديد وأصبح رئيسا للوزراء في عهد عبد القاسم صلاد حسن. كان ضد انفصال الشمال، واعلن موقفه تجاه الإنفصال مرارا وأمام الملأ وذكر للاعلام أنه مع الوحدة وضد انفصال الأقاليم الشمالية…. وها هو رأيناه ينادي ويتعصب لإقليم (خاتمو) ويطالب بمنح الاقليم حكما ذاتيا ودخل انصاره في معارك ضد (اقليم صومالي لاند)…الذي يعارض وجود ما يسمى باقليم خاتمو وكالعادة سقط هنالك ضحايا بين الطرفين…وأخيرا شاهد العالم أجمع السيد علي خليف جلير وهو يحط رحاله في مدينة هرجيسا عاصمة صومالي لاند ويتم استقباله استقبال الأبطال !!!
ما هذه الإزدواجية في المواقف.؟؟!!
وسأضرب لكم ميثالا ثالثا وهذه المرة لما سمى بـ(أصدقاء الأمس أعداء اليوم)…
تحالف الجنرال عيديد والسيد علي مهدي من أجل الإطاحة بنظام سياد بري عام 1991 وكانا حلفين وعندما أعلن علي مهدي نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، اعترف به الجنرال عيديد في بادىء الامر ، ثم بعد فترة انقلب عليه وجرت حرب اهلية بين أنصار الرجلين أودت بحياة آلاف من المواطنين وتسببت في تشريد ملايين آخرين. إذا لما ذا كل هذه الكارثة ألم يكونوا أمس حلفاء ؟؟!!
والمثال الرابع والأخير :
حينما قام الجنرال عيديد باعلان الحرب على السيد علي مهدي كان ذراعه الأيمن السياسي المعروف عثمان عاتو لكن بعد فترة أعلن السيد عثمان عاتو انشقاقه عن تحالف حليفه السابق الجنرال عيديد ودرات حرب أهلية بين الطرفين حصدت أرواح مئات من الأبرياء.
للاسف لقد ابتلي الشعب الصومالي منذ ما يقارب 27 عاما بهذه النوعية من الساسة الذين استهروا ،بتغيير مواقفهم وتغيير تحالفاتهم وولاؤهم ..فليت شعري ،متى يصحو الشعب من غفوته…؟؟؟