مقديشو ( مركز مقديشو) أظهر الإنفجار الذي ضرب ، يوم السبت الماضي مدينة مقديشو، معدن الشعب الصومالي الأصيل، ومتانة قوته، وقوة تماسكه، واللحمة الوطنية القوية بين الحكومة والشعب.
لم يتوانى الشعب ،عن الخروج إلى الشوارع تلبية لنداء الوطن، ونصرة لإخوانه الذين حصدتهم آلة الإرهاب الحادة في واحدة من أكثر الحوادث الارهابية دموية، وأشدها عنفا وايلاما في تاريخ المدينة، فقد راح ضحيتها ما لايقل عن 300 شهيدا ومئات من الجرحى حالات عدد كبير منهم خطرة ويصعب علاجها داخل مستشفيات مدينة مقديشو وأنها بحاجة إلى نقلها خارج البلاد لتلقي العلاج الفوري لإنقاذهم من موت محقق.
خرج أهالي المدينة مسؤولون ومواطنون ، شبان وشيوخ، رجال ونساء إلى الشوارع واصطف بعضهم في طوابير طويلة أمام المستشفيات للمشاركة في حملة تبرع بالدم للجرحى وتعبيرا عن تضامنهم وتعاطفهم مع أهالي الضحايا، ولتوجيه رسالة قوية إلى من يقف وراء هذه التفجير بأنهم لن ينالوا من عزيمتهم ، وحقهم في الحصول على الأمن والحياة الكريمة.
أقام شباب متطوعون مراكز لجمع التبرعات، وغرف عمليات لتنسيق الجهود الجارية لبحث المفقودين واخراج الجثث تحت انقاض المباني التي هدمها التفجير، في حين هب الإعلام المحلي المرئي والسمعي، لتنظيم برامج خاصة يشارك فيها مسؤولون ، وقيادت المجتمع المدني من العلماء، وشيوخ العشائر، والوجهاء لتأكيد أهمية الوحدة في مثل هذه الأوقات الصعبة، ومناشدة المواطنين إلى جمع التبرعات لصالح المصابين وأسر الضحايا.
كما أشعلت مناشدات التبرع بالدم والتضامن مع أهالى الضحايا مواقع التواصل الإجتماعي.
تستقبل مستشفيات مقديشو كل صباح أعداد جديدة من المواطنين جاؤوا من أجل مواساة أهالي الشهداء ولتضميد جراح المصابين الذين يرقدون فيها، يقدمون لهم رغم قصر ذات اليد ما يستطعون من أموال، وملابس، وأغذية جاهزة تجسيدا لقول المصطفي محمد عليه الصلاة والسلام،” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي..”
ما حدث يوم السبت يعجز اللسان عن وصفها، كانت مأساة وطنية ومجزة فاقت أهوالها خيال الصوماليين، لأنهم لم يروا مثلها قط رغم الهجمات والانفجارات الارهابية التي عاشوها خلال السنوات الماضية.
قض الحادث مضاجع الصوماليين مواطنيين ومسؤولين، عسكرين ومدنين، وقوى عزيمتهم، ومنع جفونهم من أن تغمض، حيث واصل المسؤولون وفي مقدتهم رئيس الجمهورية محمد عبدالله فرماجو، ورئيس الوزراء حسن علي خيري، منذ يوم السبت الماضي، نهارهم بليلهم ، ووقوا ساعات طويلة في مطار مقديشو لترحيب ضيوف العالم الذين جاؤوا للتعبير عن تضامنهم ووقوفهم إلى جانب الشعب الصومالي في التصدي للإرهاب، كما ظلوا لساعات جنبا إلى جنب مع المتطوعين، وقوات الأمن بمختلف قطاعاتها في موقع الحادثة ومراكز جمع التبرعات و تنسيق الجهود للمشاركة في عمليات بحث المفقودين وانتشال الجثث ورفع الأنقاض وتنظيف الشوارع.
برهن الصوماليون ولاءهم للوطن ، وأبدوا وقفة تضامنية رائعة، وعرضوا للعالم مشاهدة جميلة تحكى عن قصة شعب مظلوم يكافح من أجل الحصول على أدنى حقه الذي تكفله له الشريعة الاسلامية، والقيم الانسانية والمعاهدات الدولية في وقت عز الصديق وقل فيه الناصر.