مقديشو ( مركز مقديشو ) في إطار التحضيرات للانتخابات البرلمانية، تشهد الساحة الصومالية تطورات سياسية لافتة، وتحالفات ظرفية واضطرارية، وصراعات سياسية خفية قد يزيد من ضبابية الواقع السياسي في الصومال.
تسابق الأطراف السياسية المختلفة الزمن لتحقيق انتصارات على الأرض، لأن جميعها على وعي تأم بحساسية المرحلة، وأن الغد السياسي محكوم بمبدأ “ أن أكون أو لا أكون” .
ولضمان الكينونية والاستمرارية، يسير المشهد السياسي نحو تحالفات مبني على مصالح وقتيه غير استراتيجية، حيث بدأ الرئيس حسن شيخ بقبول إعفاء وزراء ومسؤولين وتعين آخرين بهدف تعزيز تحالفه مع التكتلات السياسية الأخرى وخاصة حاكم إدارة جنوب غرب الصومال صاحب الأغلبية المتوقعة للبرلمان المقبل.
عين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أمس الأحد في مرسوم رئاسي اسماعيل عثمان نائبا لرئيس جهاز الوطنية.
وأبلغ مكتب رئيس الجمهورية عثمان بتولي مهامه في حين لم تتضح بعد ما اذا سيكون نائبا رابعا للجهاز أم سيحل محل أحد النواب الثلاثة لجهاز الاستخبارات، عبدلله تربيعي، ومحمد عبد الله حامد، وسلب أحمد.
ينحدر نائب رئيس المخابرات الجديد اسماعيل عثمان من اقليمي باي وبكول وينتمي إلي عشيرة القائد العام للشرطة الاتحادية.
كما اقال الرئيسن حسن شيخ محمود، اليوم الاثنين عبد الرزاق على يوسف بهلاوي المدير العام لوزراة الإعلام من منصبه لأسباب لم تعلن بعد.
وفي سياق آخر عزل رئيس الوزراء عبد الرشيد شرماركي، في25 من شهر يونيو الماضي وزيري الصحة والتعليم، السيدة حواء حسن، والسيدة خضرة بشير من منصبيهما، وعين بدلا منهما محمد حاج عبد النور وزيرا للصحة، والدكتور عبد القادر حاشي وزيرا للتعليم، وذلك في خطوة رأها المراقبون بأنها كانت مفاجأة، واثار توقيت هذا التعديل الذي حصل على موافقة رئيس الجمهورية شكوكا حول مغزاه وهدفه في وقت لم يبق من فترة الحكومة سوى ثلاثة أشهر على أكثر تقدير .
ورأى المراقبون أن هذا التعديل ليس الا نتاج تفاهمات بين الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان حول تعين مقربين منهم لمناصب مهمة وذلك في اطار التحالفات التي تنشأ في البلاد في الآونة الاخيرة.
ينحدر محمد حاج عبد النور، وزير الصحة الجديد من القبائل الرحنوينية فرع هدمى نفس العشيرة التي تنحدر منه الوزيرة السابقة حواء حسن، وهو الأخ غير الشقيق لحاكم اقليم جنوب غرب الصومال،شريف حسن ولذلك يرى المراقبون بأنه حصل محمد حاج على هذا المنصب الجديد في اطار تنفيذ اتفاقات بين الرئيس وحاكم اقليم جنوب غرب الصومال.
أما الدكتور عبد القادر عبد حاشي الذي ينحدر من قبيلة دارود وخاصة عشيرة “ليلى كسى” لم يتم تعيينه لهذا المنصب الا بعد اتفاق سري بين رئيس الوزراء عمر شرماركي، وحاكم اقليم بونت لاند عبد الولي غاس. عمل حاشي وزير الدولة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي بولاية بونت لاند، وعين وزيرا للدستور في التشكيلة الأولى لحكومة عبد الرشيد شرماركي، وللدكتور حاشى علاقات جيدة مع الرئيس الحالي لإدارة بونتلاند عبد الولي غاس.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتحدث أنباء عن وجود خلاف بين رئيس البرلمان محمد عثمان جواري ورئيس الوزراء عبد الرشيد شرماركي من جهة والرئيس حسن شيخ محمود من جهة ثانية حول جدول الانتخابات، فيرى رئيس الوزراء وبدعم من رئيس البرلمان تمديد فترة ولاية البرلمان الحالي لغاية أكتوبر المقبل مع العلم أن البرلمان صوت الشهر الماضي لصالح تعديل دستوري يسمح بموجبه البرلمان الحالي بالاستمرار في عمله لحين انتخاب برلمان جديد.
لكن رئيس الجمهورية يرفض هذه الفكرة جملة وتفصيلا ويبدي شكوكه من وجود مؤامرة تحاك ضده، ويرى أن تمديد فترة ولاية البرلمان يمكّن رئيسه بتولي رئاسة الجمهورية بعد انتهاء فترة ولاية الرئيس الحالي التي تنتهي في 10 من شهر سبتمبر المقبل.
وتأكيدا لامكانية تأجيل الانتخابات لأشهر لم يتم تحديد حتى الآن فترة محددة لهذه الانتخابات، وجميع المسؤولين المحليين والاقليمين والدولين يشددون فقط على ضرورة اجراء الانتخابات في هذا العام ويتفادون من تحديد تاريخ معين. وكان آخر تلك التصريحات ما جاء في بيان للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال مايكل كيتنغ .
وأوضح البيان على أن البلاد سيشهد هذا العام إجراء عملية انتخابية غير مباشرة، مشيدا بمؤتمر منتدى القيادة الوطنية الذي اختتم في مدينة بيدوة في الاسبوع الماضي دون ذكر تاريخ الانتخابات مع أن هناك جدول زمني يوضح مواعيد الانتخابات وهذا دليل على امكانية تأجيل الانتخابات في أية لحظة.
اضف الي ذلك ان بعض الجهات سربت لمركز مقديشو ان المجتمع الدولي ليس مستعدا بالالتزام بتعهداته ازاء تمويل الانتخابات حيث أبلغ مايكل كيتنغ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال للجهات المختصة أن المجتمع الدولي ليس مستعدا لدفع سوى 6 مليون يورو، وهذا المبلغ لا يكفي لتسيير العملية الانتخابية.
وتتزامن هذه التطورات في وقت أعلنت الحكومة بانطلاق حملة عسكرية واسعة ضد معاقل حركة الشباب في جنوب الصومال وهو الأمر الذي يلقى ظلالا من الشك على امكانية اجراء الانتخابات في موعدها.