أعلن ممثلون من المجتمع الدولي في الصومال، أمس السبت أنهم لن يقبلوا على أي خطوة من شأنها أن تعرقل الاتفاق الذي جرى بين الفرقاء الصومالين في مقديشو في 12 شهر أبريل نيسان الماضي، وطالبوا أعضاء البرلمان بالإسراع في مصادقة هذا الاتفاق والذي عرضه رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد على البرلمان للموافقة عليه نهاية الشهر الماضي .
أعرب ممثلون من الأمم المتحدة، وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، والهيئة الحكومية للتنمية( الإيغاد) والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وإثيوبيا، والولايات المتحدة الأمريكية، والسويد، وإيطالي عن قلقههم العميق إزاء عملية بيروقراطية تحول دون الاسراع في المصادقة على النظام الانتخابي 2016، والذي قدم إلى البرلمان الاتحادي من قبل رئيس الوزراء عمر شارماركي في 30 ابريل.
وحث الشركاء الدوليين أعضاء البرلمان بالإسراع في المصادقة على نموذج العملية الانتخابية، ودعوا جميع المؤسسات الاتحادية ذات الصلة للتحرك نحو إعداد وتنفيذ العملية الانتخابية لـ 2016.
وكرر السفراء والمبعوثون الخاصين خلال اجتماع مع القيادات التنفيذية والبرلمانية الصومالية قبل ثلاثة أيام دعواتهم السابقة لإقرار سريع للنموذج الانتخابي الذي توصلت إليه القيادات الصومالية الفدرالية والإقليمية في 12 أبريل الماضي، والذي رأوه أنه ضروري للمضي قدما في تنفيذ العملية الانتخابية.
وأشار السفراء والممثلون إلى أن طرق المتفقة عليها لتنفيذ العملية الانتخابية كانت نتيجة لشهور من المشاورات والمحادثات على الصعيد الوطني، وبدعم من الرئيس حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء شارماركي، وجميع رؤساء أعضاء الفيدرالية الصومالية الحالية والناشئة ورئيس البرلمان الاتحادي محمد الشيخ عثمان جواري وممثلين آخرين من البرلمانات الاقليمية، مؤكدين إلي تحقق توافق واسع حول العناصر الرئيسية للنموذج الانتخابي، بما في ذلك إنشاء مجلس الشيوخ وتخصيص 30 ٪ من المقاعد للنساء في مجلسي الشعب والشيوخ.
وأكد ممثلوا المجتمع الدولي في الصومال على ضرورة أن يفهم البرلمان أهمية الاسراع في الوفاء بتعهداته تجاه اقرار الإتفاق قبل عشية زيارة وفد مجلس الأمن الدولي إلي مقديشو، ودون مزيد من التأخير.
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال، مايكل كيتنغ أن المستقبل السياسي للصومال مرهون بموافقة البرلمان على النموذج الانتخابي، وبالتالي من الضروري أن يحدث ذلك بسرعة للسماح بتحقيق تقدم في مسار الانتقال السياسي في الصومال واجراء الانتخابات في موعدها.
وأكد الممثل الخاص كيتنغ أن الفشل في الموافقة على هذا النموذج سيبعث إشارة مقلقة إلى العالم وإلى الملايين من الصوماليين الذين يتطلعون إلي رؤية تحقيق تقدم نحو الوصول إلي انتخابات شعبية مباشرة في عام 2020.
يأتي بيان المجتمع الدولي بالتزامن مع بيان آخر أصدرته إدارة بونت لاند حذرت فيه من مغبة عرقلة مسار الانتقال السياسي في الصومال وتأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة إجراؤها قبل نهاية شهر أغسطس المقبل .
أعربت إدارة بونت لاند في بيانها الذي قرأه للصحفين الناطق بإسم الإدارة، عبد الله محمد جامع قرانجعل عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بتحركات يقوم بها رئيس البرلمان الاتحادي لعرقلة مسار الانتقال السياسي في الصومال.
تناول البيان ثلاثة بنود:
1- ضروة مصادقة البرلمان الفدرالي النظام الانتخابي المتفق عليه من القيادات السياسية في البلاد
2- التأكيد على ضرورة الإلتزام باجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها
3- بالاضافة إلي المؤتمر الوطني حول الدستور المؤقت المقرر عقده في ٢٥ من الشهر الجاري في جروي عاصمة إدارة بونت لاند.
وشدد بيان حكومة بونت لاند على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، متهما رئيس البرلمان الفدرالي محمد عثمان جواري بالوقوف وراء تأخير مصادقة البرلمان على الاتفاق الذي جرى بين الحكومة الاتحادية والإدارات الاقليمية.
وأوضح البيان أنه لن يكون هناك تمديد في حال انتهاء فترة ولاية البرلمان والتي تنتهي في 20 من شهر أغسطس المقبل، مشيرا إلي انتقال ولايته لرئيس الوزراء عمر عبد الرشيد شرماركي ومجلس الوزراء.
وكشفت إدارة بونت لاند في بيانها عن مؤتمرات ينظمها البرلمان الصومالي لمناقشة مستقبل الدستور الصومالي المؤقت ستعقد قريبا في نيروبي بهدف عرقلة المؤتمر الوطني حول الدستور المقرر عقده في 25 من شهر مايو الجاري.
وعلى الرغم من التحذيرات التي تطلقها جهات محلية ودولية من الفشل في مصادقة البرلمان على النموذج الانتخابي الا أن الرئيس حسن شيخ ورئيس البرلمان محمد عثمان جواري من جانبهما ضما صوتهما إلي الأصوات المطالبة بالإسراع في إجازة الاتفاق الذي توصل إليه منتدى الوطني الاستشاري الصومال في منتصف شهر أبريل الماضي وذلك في خلال اجتماع الرئيسين مع اللجنة البرلمانية المكلفة بالنظر في هذا الاتفاق.
ومن هنا بات ملحا أن تنسائل مادم جميع الأطراف تنأى بنفسها عن أداء دور المعرقل في العملية الإنتخابية من هي الجهة التي تعرقل مسار الانتقال السياسي في الصومال ؟ .
لا نبالغ إذا قلنا أنه من الصعب الحصول على إجابة دقيقة لهذا السؤال، لأن القيادات السياسية الصومالية لا تريد أن تكون طرفا في خطوة قد تؤدي إلي صدام مع المجتمع الدولي، الأ أن المؤكد وجود جهة سياسية ما تعمل في الخفاء وخلف الكواليس وتريد فرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي عبر استخدام اساليب المماطلة وكسب مزيد من الوقت. وهذه الجهة هي التي امتنعت ولا تزال تمتنع عن وضع جدول زمني محدد لانتخابات عام 2016 وستكشف لنا الأيام هذه الجهة التي تريد الإصيطياد من المياه العكر.
يجب على المجتمع الدولي ولا سيما المجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته تجاه العملية السياسية في الصومال، وأن يمارس مزيدا من الضغط على الجهات السياسية التي تشكل عقبة على تطلعات الشعب الصومالي لثنيها عن عرقلة المسار الانتقال السلمي في البلاد، والا يستبعد احتمالات فرض عقوبات عليها إذا دعت الضرورة كما فعله في عدة بلدان كاليمن وليبيا… لتكون رسالة قوية إلي من يهمه الأمر تعبر مدى جدية المجتمع الدولي في الالتزام بتعهداته تجاه الإنتقال السياسي في الصومال، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تردع معرقلي مسار بناء الدولة في الصومال، وتزيل حالة الإحباط لدى المواطنين الذين سئموا من مماطلة قياداتهم السياسية وفشلهم في تحقيق طموحاتهم المتمثلة في الأمن والاستقرار، وايجاد حكومة قادرة على تلبية مطالبهم واحتياجاتهم.