حددت وزارة الداخلية في العاشر من شهر يونيو المقبل كأقصى حد موعدا لتشكيل إدارة محافظتي هيران وشبيلى الوسطى. وقال يحيى علي إبراهيم السكرتير الدائم في وزارة الداخلية في 10 من شهر مايو الجاري في تصريح لوسائل الإعلام إن وزارة الداخلية تعتزم على إتمام مسار تشكيل إدارة محافظتي هيران وشبيلى الوسطى في غضون شهر، مشيرا إلى أن الظروف السياسية التي تمر بها البلاد حاليا لا تسمح بمواصلة مؤتمر تشكيل إدارة محافظتي هيران وشبيلى الوسطى لمدة أكثر من شهر، ومطالبا المشاركين في المؤتمر المنعقد في مدينة جوهر بتقديم تنازلات للاسراع في عملية تشكيل الإدارة.
أعادت تصريحات السكرتير الدائم في وزارة الداخلية ورئيس جامعة الصومال سابقا يحيى علي إبراهيم إلي الواجهة، الجدل السياسي حول الأسباب الحقيقية وراء تأخر عملية تشكيل إدارة هيران- شبيلي التي تستمر ما يقارب عاما كاملا عكس عملية تشكيلات الإدارات الإقليمية الأخرى، ومن هي الجهات التي تعرقل تحقيق تقدم في هذا المسار؟.
بدايات المؤتمر
تعود بدايات مؤتمر تشكيل إدارة هيران- شبيلي الوسطى إلي نهاية العام الماضي حين وقع ممثلون من محافظتي هيران وشبيلي الوسطى على تشكيل إدارة تضم المحافظتين بحضور رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود وممثلين من المجتمع الدولي.
وبعد هذا الإتفاق بأيام أعلنت وزارة الداخلية عن جدول أعمال لفعاليات مؤتمر تشكيل إدارة محافظتي هيران وشبيلى الوسطى في 8 أغسطس الماضي، وعن لجنة فنية مكلفة بتسيير فعاليات تشكيل الإدارة يتم تعيينها في الفترة من 9 إلى 15 من شهر أغسطس الجاري.
وضم جدول أعمال الفعاليات التي أعلنتها وزارة الداخلية مراحل مفصلة يمر بها المؤتمر لغاية انتخاب رئيس الإدارة وقررت 24 من شهر نوفمبر عام 2015 موعدا لإنتخاب الرئيس في حين يتم تنصيبه في الواحد من شهر ديسمبر.
في 16 من من شهر نوفمبر الماضي افتتحت وزارة الداخلية مؤتمر مصالحة لقبائل محافظة شبيلى الوسطى في مدينة جوهر مركز محافظة شبيلى الوسطى، ووصل إلى المدينة وفود من مختلف القبائل القاطنة في محافظة شبيلى الوسطى للمشاركة في افتتاح مؤتمر المصالحة بين العشائر القاطنة في المحافظتين بحضور مسؤولين من الحكومة وعلى رأسهم وزير الدولة في وزارة الداخلية عبد الرشيد محمد حدغ.
سياق التدخل الحكومي
لم تكلل جهود وزير الداخلية بالنجاح، ولم يتم الإلتزام بالجدول التي وضعته الوزارة الداخلية بسبب اعتراضات من قبل بعض القبائل على طريقة إدارة الحكومة للمؤتمر . وهكذا توقفت أعمال المؤتمر لغاية شهر يناير عام 2016.
على الرغم من إعلان الحكومة أن دورها يتحدد في تسهيل أعمال المؤتمر ودعم العشائر في المحافظتين في التوصل إلي مصالحة شاملة وتشكيل إدارة موحدة لكن الأمر كان مختلفا حاولت وزارة الداخلية التدخل في شؤون المؤتمر بشكل فج وحاولت تقرير كل صغيرة وكبيرة، واتهمها بعض النواب في البرلمان الفدرالي بشق صفوف الزعماء التقليدين في المحافظتين ودعم بعض العشائر على حساب أخرى.
اتهم النائب في البرلمان عبد الله جودح بري الحكومة بتهميش سكان محافظة هيران والانحياز لسكان محافظة شبيلى الوسطى، وشكك النائب قرار الحكومة بعقد مؤتمر تشكيل إدارة هيران- شبيلي الوسطى في مدينة جوهر دون الحصول على موافقة جميع العشائر في المنطقة، ملقيا مسؤولية الفشل في الاسراع في تشكيل الإدارة على الحكومة.
وبالتوازي مع انتقادات بعض العشائر لدور الحكومة في مؤتمر ، تقدم أكثر من40 نائبا في البرلمان الفدرالي في نهاية شهر أبريل الماضي مشروع اقتراح لوقع أعمال مؤتمر تشكيل إدارة هيران- شبيلي الوسطى، وأثار المشروع ضجة كبيرة في البرلمان، مما تسبب في فشل انعقاد إحدى جلسات البرلمان.
كلفت الحكومة لجنة خاصة لتسير أعمال المؤتمر خلف الكواليس، تضم شخصيات مقربة من الرئيس حسن شيخ محمود أبرزهم وزير الداخلية عبد الرحمن أودوا وزير الدولة لشؤون الرئاسة ، مهد صلاد ، والسيدة مليون حيدر التي تعمل في مكتب مهد صلاد. وضعت هذه اللجنة كل ثقلها خلال الشهور الماضية لانجاح المؤتمر لصالحهم، وتشكيل إدارة تحظى بقبول الرئيس حسن شيخ محمود وحتى وإن تسببت هذه الخطوة في مقاطعة بعض زعماء العشائر الكبرى في المحافظتين نتائج المؤتمر. لكن اعترى طريق هذه اللجنة مشكلتين، هما غياب شخصية يحظى بثقتهم ويتولى رئاسة الإدارة الجديدة، ومشكلة التمويل.
غياب شخصية لديه ولاء مطلق
انطلاقا من سياسة السيطرة على مفاصل الدولة في الصومال يولي الرئيس حسن شيخ محمود والمقربين منه إهتماما خاصا على مسألة الولاء والثقة على حساب الكفاءة والمهنية، ويفضلون دائما اسناد المهام الحكومية للإشخاص الذين لديهم الولاء المطلق لسياسات تحالف الرئيس، وبالتالي واجهت اللجنة المكلفة بإدارة مؤتمر شبيلي الوسطى مشكلة غياب الشخصية التي يريدونها لهذا المنصب الحساس ولا سيما بعد إعلان وزير الدستور السابق فارح شيخ عبد القادر بعدم ترشحه لرئاسة إدارة هيران وشبيلي الوسطى.
نفى فارح شيخ عبد القادر النائب في البرلمان ترشحه لرئاسة إدارة محافظتي هيران وشبيلى الوسطى، في حوار أجرت معه قناة يونيفرسل الصومالية، موضحا كذلك عدم ترشحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية القادمة. هذا الإعلان كشف اللثام عن افتقارهم لشخصية مناسبة تملأ هذا الفراع ، ولم يبق في جعبهتهم الا وزير الأمن الحالي عبد الرزاق عمر محمد ، والنائب والمرشح الرئاسي السابق، عبد القادر عوسبلي، وعبد الله محمد نور وكلهم خيارات لا تحظى بموافقة مستشاري الرئيس .
ويذكر أن كثيرا من مقربي الرئيس يرون الأول بأنه شخصية مسالمة لا يقدر على النهوض بالمهام التي يريدون من يتولى رئاسة إدارة هيران- شبيلي الوسطى في حين أن الثاني لم يحسم بعد موقفه تجاه الإدارة وأنه لا يزال يعلق آمالا على الانتخابات الرئاسية الفدرالية المقبلة، ولم يتنازل بعد عن مساعيه للترشح في الانتخابات الرئاسية. أما الأخير الذي يتمتع بفوذ مالي، فعلاقاته مع الرئيس ليست علام يرام ، ولم تبق كما كانت في عام ٢٠١٢ حيث شارك بقوة في حملة تأييد حسن محمود خلال الانتخابات السابقة.
غياب التمويل
أكد محللون أن مشكلة التمويل هي المشكلة الثانية التي تعرقل الانتهاء من انجاز مؤتمر تشكيل إدارة هيران- شبيلي الوسطى، وأن معظم الجهات الصديقة والشقيقة التي وعدت بدعم المؤتمر لم تف بإلتزاماتها مبررة بالغموض الذي يكتنف بالعملية السياسية في المؤتمر، ودور الحكومة فيها بالإضافة إلي مقاطعة بعض العشائر للمؤتمر. في حين لم تعد الحكومة الاتحادية قادرة على تحمل كل الإعباء الاقتصادية المترتبة في ظل استعدادات الرئيس وطاقمه للانتخابات الإتحادية. وأضاف المحللون أن فرص الحصول على تمويل خارجى في المستقبل ستكون ضعيفة إذا لم يوجد توفق حقيقي بين العشائر القاطنة في تلك المنطقة على المستبقل السياسي للإقليمين.
مهما تكن الأسباب الحقيقية وراء التأخر ، سيتم تشكيل إدارة هيران وشبيلي الوسطى خلال الشهر المقبل أو في شهر يوليو القادم على أبعد تقدير، لكن وفق آراء المحللين لن تكون إدارة تحظى بموافقة العشائر والقوى السياسية المنحدرة من المحافظتين كما كان الحال لإدارة جلمدغ ، ومباركة قوية من المجتمع الدولي والدل المعنية بالشأن الصومالي.