مركز مقديشو للبحوث : في الأسبوع الماضي انفجرت سيارة مفخخة خارج مطعم مزدحم في مدينة بيداوة الواقعة جنوب غرب الصومال( على بعد 220 جنوب غرب مقديشو) وبعد لحظات فجر انتحاري نفسه وسط الناجين من الانفجار، وقد أسفر الهجوم عن مقتل 30 شخصا على الأقل .
هذا هو أحدث هجمات حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة التي تتحدى التوقعات المتكررة لزوالها، وقبل يومين من تفجيرات بيداوة قتل 14 شخصا عندما انفجرت قنبلتان خارج فندق وحديقة عامة في العاصمة مقديشو.
هذا، وقد كشفت التحقيقات أن زنة القنبلة المحلية الصنع كان حوالي 200 كيلو غرام ، وهذه هي المرة الثانية التي تستخدم فيها ” الشباب” قنبلة بهذا الحجم من الضخامة ، وكانت المرة الأولى في يوليو الماضي وقد مزق الانفجار فندق الجزيرة المكون من ستة طوابق.
وقبل خمسة أسابيع لقي 19 شخصا مصرعهم في هجوم بالقنابل والرصاص على مطعم في شاطئ ليدو بالعاصمة مقديشو.
وليس المدنيون هم الذين يتم استهدافهم في هجمات الحركة ففي 15 من يناير الماضي اجتاح مقاتلو حركة الشباب موقعا عسكريا في قرية عيل عدى جنوب الصومال وكان في حراسة القاعدة ما يصل 200 جندي كيني تم نشرها كجزء من بعثة لفرض السلام التابعة للاتحاد الإفريقي ، وقد رفضت كينيا الإفصاح عن عدد القتلى في الهجوم.
وقد وصف مات برايدن Matt Bryden مدير مركز SAHAN للبحوث الذي يتخذ مقرا في نيروبي أول هجوم من نوعه على قاعدة عمليات بروندية متقدمة البوروندية في ليغو يونيو الماضي بأنها “عملية افتتاحية”، وأن نجاحها يعني أن الاعتداءات على وحدات قوات أميصوم المعزولة في المناطق ستصبح إجراء قياسيا لتحركات حركة الشباب.
في السياق نفسه فإن أشد ما يعوق فعالية قوات الاتحاد الأفريقي هو الشك والغيرة بين البلدان الرئيسية المساهمة بقوات وغياب التنسيق، وضعف التمويل، والتركيز والإرادة، إنها أيضا تكافح للتكيف مع حياة الريف بعد أن حققت نجاحا في نهاية المطاف في القتال في المناطق الحضرية مما دفع حركة الشباب من الانسحاب من العاصمة مقديشو قبل خمس سنوات.
الصومال ليست في انبعاث
وقال ستيغ هانس Stig Jarle Hansen وهو أكاديمي نرويجي ومؤلف كتاب سيصدر قريبا عن الجهاد في إفريقيا إن أميسوم تخوض حرب خاطئة مضيفا ” إن جنود أميصوم يحمون ظهورهم، ويمكثون في ثكناتهم فقط يخرجون لدوريات مرة واحدة في الأسبوع، وبقية أيام الأسبوع تتولى حركة الشباب زمام الأمور “
من خلال استثمار الدعم المحلي بإمكان “الشباب” البقاء على قيد الحياة لمدة 30 عاما مقبلة- حسب تعبير هانس
وقد تسببت الخسائر الفادحة التي لحقت ببروندي في ليغو، والأوغنديين في جنالى والكينيين في عيل عدى إلى تراجع قوات أميصوم في بعض المناطق واحتمائها في الآخرين.
وقال برايدن إن أميصوم ليست في موقف هجوم بل إن حركة الشباب تمسك بزمام المبادرة ولديها مساحة واسعة من التفكير والتخطيط والتحرك .
الضربات المؤلمة التي تتعرض لها قوات أميصوم تمثل أهمية كبيرة لحركة الشباب لأنه في حالة غياب جيش وطني فعَّال، فإن بعثة أميصوم وقوامها 22000 تبقى الحارس الوحيد للحكومة الصومالية المدعومة دوليا والتي يصر الجهاديون القضاء عليها.
وبالمثل فإن قتل المدنيين يعمل على تقويض الثقة في الحكومة وقال هانس ” إنهم يهاجمون جميع المظاهر التي تدل عودة الحياة الطبيعية عن طريق إطلاق النار في الأماكن الشعبية مثل منتجع في شاطئ ليدو، وتحويل حديقة السلام العامة إلى مسلخ ذبح أو تفجير مشجعي كرة القدم.
ومن جانبه قال سيدريك بارنر Cedric Barnes وهو مدير قسم أفريقيا في منظمة أبحاث مجموعة الأزمات الدولية إن الرسالة واضحة تقول حركة الشباب :” لا يوجد شيء طبيعي، لا أمن، وليست الصومال في حالة تعافي وصعود”
ولادة جديدة لحركة الشباب
وأشار بارنز إلى أنه مع حلول تغيير متوقع في الحكومة في وقت لاحق من هذا العام، فإن وتيرة هجمات الشباب آخذة في الارتفاع في محاولة لتقويض شرعيتها المهزوة أصلا، وإعاقة العملية السياسية الجارية. وقال كين منخوس Ken Menkhaus وهو أستاذ في كلية ديفيدسون في الولايات المتحدة إن نمط الهجمات بدأ يتحول شيئا فشيئا ، مؤكدا أن هجمات الشبات باتت أكثر إرعابا وتبحث عن الحد الأقصى للتأثير ولفت الأنظار.
كما تؤكد الهجمات في العاصمة مقديشو مدى تغلغل الشباب المستمر في المناطق الحكومية وسهولة استخدامها للفساد المالي والمتعاطفين معها في الداخل بغية تخريب الترتيبات الأمنية ، والانتقال بالشاحنات المفخخة من خلال الحواجز – كما هو الحال في المؤامرة الفاشلة في فبراير – أو وضع قنبلة محمولة على متن طائرة داخل المطار الذي من المفترض أن يكون المكان الأفضل حماية في البلاد.
ورغم أن الهجوم مني بفشل ذريع حيث إن المفجر نفسه أصبح الضحية الوحيدة هاويا من الحفرة التي أحدثها التفجير في جانب الطائرة، إلا أن النية والقدرة على الحصول على قنبلة والوصول بها إلى متن الطائرة كان هو الجديد المثير للقلق.
وفي الأسبوع الجاري حذرت سلطات المطار في كينيا المجاورة – والتي هي مستهدفة من قبل الشباب بشكل متكرر- من مؤامرة لتفجير طائرات ، وهو أمر قد حاولته حركة الشباب ومثيلاتها في اليمن ( القاعدة في جزيرة العرب) ولكن هل كان هناك احتمال بانتقال التكنولوجيا من القاعدة في جزيرة العرب إلى حركة الشباب بالتأكيد هذا أمر وارد.
“الشباب” تحت قيادتها الجديدة
كانت إحدى الخطوات الأولى لزعيم حركة الشباب أحمد ديري عندما تولى قيادة الحركة في عام 2014 إعادة تأكيد التزام حركة الشباب ولاءها لتنظيم القاعدة. ومع بروز أصوات تمرد تدعو إلى تحويل الولاء للدولة الإسلامية لكن تمت مواجهتها بالسحق ، وأصبحت كل التوقعات بتحويل تعاونها إلى الدولة الإسلامية مثل بوكو حرام في غرب إفريقيا غير قابلة للتصديق.
وقد اكتسبت الحركة تحت قيادة ديريه زخما جديدا وتوسعت نطاق عملياتها إقليميا وعالميا، وهذا يفند توقعات الكثيرين الذين تفاءلوا بنهايتها.
وحسب مات برايدن فإن حركة الشباب هي أوسع من حيث العضوية والانتشار مما سبق وتنشط عمليا في ست دول على الأقل في المنطقة. وأضاف : هي أضعف وأكثر خطورة في الوقت نفسه مؤكدا أن الشباب حاليا لم تعد تدير أراضي كبيرة ولكن أصبحت تتكيف مع الظروف بسرعة وهي أبعد من الهزيمة بل إنها تولد من جديد- حسب منخوس مؤكدا أنه ليس صحيحا ما يقال إن حركة الشباب يائسة بل إنها تعيد تنظيم صفوفها من جديد واضاف “القول بأن حركة الشباب آيلة للانهيار مجرد هراء
المصدر: ا ف ب. ترجمة المركز