في الحادي عشر من أكتوبر من عام 2015 الماضي أعلن السيد حسن محمد حسين مونغاب محافظ محافظة بنادر وقتها عن نية إدارة المحافظة إعادة بناء أحد أهمّ شوارع مقديشو وبجهد وأموال صومالية، وذلك من خلال فرض رسوم ضريبية على المنازل السكنية في المحافظة وقال: إنّ هذه الأموال تخصص لبناء هذا الشارع. مؤكّداً أنّ هذه الضرائب سيتم تحصيلها ورقابتها وفق أحدث نظم الرقابة المالية الصارمة لضمان عدم تعرضها للسرقة والاختلاس.
وبعد أيام من هذا الإعلان وتحديداً في السادس والعشرين من الشهر نفسه استقال مونغاب أو أقيل من منصبه قبل أن يكمل الخطط والترتيبات للبدء في تحصيل الضرائب، لنشهد مع مطلع العام 2016 تطبيقا مسعوراً لعملية تحصيل الضرائب في محليّة واحدة فقط من بين محليات المحافظة وهي طركينلي وبمبالغ فلكية وبكثير من الفوضى والعشوائية.
فالقرار الذي لم يعرف الجهة التي اتخذته والزمن الذي أخذته فيه أو وضعت تفاصيله تمّ تطبيقه بصورة خاصة على المواطنين في حيّ طركينلي حيث يؤكّد معظم سكان المحليات الأخرى عدم وقوفهم على شي من هذه العملية التي صارت معاناتها ومظاهرالإذلال والاستغلال التي ترافقها محور حديث سكان الحي عن حكومة تتعامل مع شعبها بعقلية حقبة أمراء الحرب ومليشياتهم. وذلك إمّا لعدم تطبيق القرار في المحافظات الأخرى أو أن تطبيقه في تلك المحافظات أخذ منحى أكثر احتراماً وتنظيماً.
ففيما يتعلق بالمبالغ الجنونية التي تفرض على المنازل كضريبة فهي كالتالي :
- أربعة ملايين وأربعمائة وستة وستين ألف شلن صومالي عن المنزل المؤلف من دورين أرضي ودور أوّل على مساحة 10×20 مترا. أي ما يعادل مائتين وثلاث دولارات. يضاف إليها مبالغ تصوير وتسجيل لا تظهر في الإيصال تصل إلى اثني عشر دولارا. ليكون مجموع التكاليف مائتين وخمسة عشر دولاراً. ويكون المبلغ ضعفين إذا كانت المساحة 20×20متراً
- مليون وستمائة ألف شلن صومالي واثنا عشر دولاراً للبيوت الأسمنتية البسيطة على مساحة 10×20متر. أي ما يعادل 85 دولار يضاف إليها مبالغ تصوير وتسجيل لا تظهر في الإيصال تصل إلى ثمانية دولارات. ليقارب مجموع التكاليف المائة دولار. ويكون المبلغ ضعفين إذا كانت المساحة 20×20متراً.
- مائة ألف شلن صومالي أو مائة وخمسين ألف شلن أو مائتي ألف شلن فصاعداً عن الأرض الخالية بمساحة 10 ×20 متراً على تفاوت حسب موقع القطعة داخل المربع ووقوعها على الشارع من جهة واحدة، أو موقعها في أطراف المربع ووقوعها على الشارع من جهتين، وحسب وقوع الشارع في شرقها أو غربها، ويتضاعف المبلغ مرتين إذا كانت المساحة 20×20متراً
وفيما يتعلق بالعشوائية فإن تسلم الإشعار بدفع الضريبة لا تفصله مهلة كافية عن حملات الملاحقة والتغريم بتكاليف إضافية. فبعد أقل من أسبوعين من الإشعارتنطلق حملة لاعتقال المتأخرين عن تسديد الضريبة في المربعات التي تمّ توزيع الإشعار فيها. حيث يتمّ احتجازهم حتى دفع الضريبة مضافاً إليها غرامة عشر دولارات لا تتفاوت بالنسبة للجميع على حدّ سواء، وهناك بعض الناس يبقون في هذا الاحتجاز لأيام لعدم قدرتهم على دفع الضريبة وعدم أقرباء أو أهالي يدفعونها عنهم. وفي حالات الرحمة يطلق سراحهم بعد دفع مبالغ الغرامة البالغة عشر دولارات مقدّماً والتعهد بدفع الرسوم الضريبية في أقرب وقت.
ومدّة أسبوعين غير كافية لتوفير تلك التكاليف الباهظة، بل يتطلب أشهرا بالنظر إلى الأوضاع المالية التي يعيشها المواطن، وفي حالة اعتبار المسألة طارئاً كان ينبغي إمهال المواطن شهراً على الأقل حتى يتسلم راتبه الشهري ويدفع الضريبة منه إذا كان من القلائل الذين يتقاضون راتباً يغطّي ذلك.
كما يتم دفع المبالغ ضمن طوابير طويلة قد يستغرق انتظار الدور فيها أكثر من اثنتي عشرة ساعة، إذ أنها تدفع من شباك واحد على الجميع انتظار دوره ضمن الصفوف الطويلة، ويضطرّ البعض إلى التردد هناك لأيام، في نفس الوقت الذي تجري فيه حملات اعتقال المتأخرين على قدم وساق، بدلاً من الانتظار لحين انتهاء الدفعات الموجودة والمتراكمة حاليًّا، وذلك حرصاً على تحصيل الغرامات منهم والتي لا تظهر في الإيصالات.
مشكلة ومعاناة سببها الحكومة، بانتظار المعالجة والتخفيف بتعميمها أولا على كل محليات المحافظة، بل وعلى كل محافظات البلاد الداخلة تحت سيطرة الحكومة، ثم إعادة تنظيمها ومراجعة أسسها لتناسب الإنسان الصومالي البسيط الذي يصارع من أجل القوت اليومي، ولتناسب موقع مسؤولية الحكومة.