تشهد أوغندا في هذه الأيام استعدادات كبيرة لقرب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر ان تبدأ يوم غد الخميس الثامن عشر من فبراير لعام 2016م.
وقد شهدت الأيام الأخيرة حملات ضخمة قام بها المرشحون الثمانية لمنصب رئيس جمهورية أوغندا، وفي مقدّمتهم الرئيس الأوغندي الحالي يوري موسفيني والذي يلقى معارضة وتنافسا حادا من قبل شركائه السابقين في الحكم وهم كيسي بوسيجيو زعيم المعارضة الذي نافس الرئيس موسفيني في ثلاثة انتخابات سابقةـ واماما امبزازي رئيس الوزراء الاوغندي السابق المرشح بدوره لمنصب الرئيس الى جانب المرشحين الآخرين.
ويعتبر كيسي بوسيجي قائد المعارضة الأوغندية والمرشح الأكثر تأييدا لديها حسب استطلاعات الرأي الأخيرة في البلد، وقد شهدت برامجه الانتخابية عدة مضايقات من قبل سلطات الحكومة التي اتهمته بمخالفة قوانين البرامج والدعاية الانتخابية، كان آخرها احتجازه لعدة ساعات في الخامس عشر من هذا الشهر، حيث خرج أنصاره في تظاهرات احتجاجية ضد توقيفه واستخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم ولكنها لم تتوقف إلا بعد الإفراج عنه بعد احتجازه لعدة ساعات.
وفي يوم السبت الماضي الثالث عشر من هذا الشهر عقدت مناظرة تلفزيونية بين المرشحين الثمانية للرئاسة في اوغندا، والتي غطّت عدداً من القضايا المهمة في أوغندا أبرزها قضية الأمن والاستقرار الداخلي، والاقتصاد والعلاقات الدولية والإقليمية .
وكان للملف الصومالي نصيب كبير من هذه المناظرة التلفزيونية، نسبة لدور أوغندا الكبير في عملية اعادة السلام في الصومال، حيث إن الآلاف من قواتها متواجدة في الصومال تحت مظلة قوات الاتحاد الافريقي لحفظ السلام ( اميصوم) منذ عام 2007م، وهي تمثل أكبر قوة إفريقية متواجدة في الصومال، وتدعم القوات الصومالية لمساعدة الحكومة على بسط سيطرتها على كافة المناطق وانتزاعها من سيطرة حركة الشباب. وقد حققت القوات الأوغندية جدارة وانتصارا في هذا الصدد حيث تمكنت من دحر مسلحي حركة الشباب المجاهدين من العاصمة مقديشو ومدن كثيرة في الجنوب الصومالي مثل مركة وبراوي وافجوي وجوهر .
لذا يحظى الملف الصومالي باهتمام كبير من قبل الشعب الأوغندي ونخبه السياسية ومنهم المرشحون للرئاسة. حيث يرى الرئيس موسفيني وانصاره ان اوغندا تلعب دورا ايجابيا كبير في عملية حفظ السلام والاستقرار في الصومال ، وانها تمكنت الى حد كبير من مساعدة الشعب الصومالي على اعادة بناء بلده ودولته.
ورغم ان المرشحين الآخرين للرئاسة لا يرون مشكلة في مساعدة اوغندا للصوماليين من اجل اعادة الاستقرار والامن في الصومال، الى انهم ينتقدون كيفية ادارة هذا الملف من قبل حكومة الرئيس موسفيني.
ويرى قائد المعارضة الاوغندية كيسي بوسيجي ان التواجد الاوغندي في الصومال كان ضروريا ، إلا ان تدهور الاوضاع الامنية في الصومال ناتج عن سوء الادارة السياسية القائمة في الصومال، لذلك فإن محاولة تشجيع هذه الادارة السياسية السيئة هي مضيعة للمسئولية.
من جانبه يرى المرشح بنانا براري أن التواجد الاوغندي هو من اجل مساعدة الشعب الصومالي على اعادة امنه واستقراره، وان على الصوماليين ان يبنوا وطنهم بالاعتماد على الذات ويسعو من اجل اعادة الاستقرار اليه وإن عليهم ان لا ينتظروا من الاوغنديين ان يبنوا لهم البلد، داعيا الى تحديد مدة زمنية ينتهي فيها تواجد القوات الاوغندية في الصومال.
إلى جانب أهمية تواجد القوات الأوغندية في الصومال، فإن هناك الآلاف من الصوماليين المتواجدين في اوغندا، حيث ان اوغندا كانت من اهم الدول التي استقبلت الصوماليين ورحبت بهم وسهلت لهم العيش والدخول الى اوغندا،
ويتمتع الصوماليون في اوغندا بامتيازات كبيرة مقارنة مع الدول الأخرى التي لجأ اليها الصوماليون بعد انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام 1991م.
وأصبح للصوماليين دور نشط في اوغندا في مختلف مجالات الحياة، خاصة المجال الاقتصادي الذي تنشط فيه شركات تجارية صومالية ورجال أعمال صوماليين، ويبرز هذا الدور بصورة أوضح في الحركة التجارية النشطة بين أوغندا وجمهورية جنوب الصومال. ( وهناك دراسة سابقة أعدّها مركز مقديشو للبحوث والدراسات عن النفوذ الاقتصادي للصوماليين في أوغندا ، يمكن الاطلاع عليها من موقع المركز ).
يتواجد في اوغندا الآلاف من اللاجئين الصوماليين الذين نزحوا اليها بعد انهيار الحكومة المركزية ومازال كثير منهم مقيمين بها الى يومنا هذا، بالاضافة الى تواجد الآلاف من الطلاب الصوماليين الدارسين في مختلف الجامعات الاوغندية وايضا هناك رجال الاعمال الصوماليين والذين لهم دور كبير في التجارة الصومالية.
لذا يترقب الصوماليون ما ستلقي عليهم الانتخابات الاوغندية من ظلالها والذي سيؤثر على وضعهم الاقتصادي والمعيشي.
ويرى الكاتب الصومالي عبد الفتاح شيخ محمد محمد (مثقف) إن هناك حالة خوف وترقب شديدة من قبل الجالية الصومالية في اوغندا بمختلف قطاعاتها وشرائحها سواء كانوا لاجئين او طلبة او تجار لما ستؤول اليه الانتخابات الحالية في البلد، وكيفية سير هذه الانتخابات والوضع الأمني المحيط بها.
ويضيف عبد الفتاح ان هناك رؤس اموال ضخمة للتجار الصوماليين في اوغندا يتمّ استثمارها في مختلف المجالات التجارية في هذا البلد سواء كانت في مجالات النفط والبترول والصرافة والحوالات والنقل والبضائع، لذا يتخوف هؤلاء التجار الصوماليون مما ستشهده هذه الانتخابات وما يمكن أن يحيط بها. حيث ان حدوث حالات مخلة بالأمن أو سلامة سيرها سينعكس سلباً على تجارتهم، ويتطلع هؤلاء التجار إلى أن تمرّ هذه الانتخابات بسلاسة وبالقدر الكافي من الأمن والاستقرار .بما يجنب البلاد مخاوف النزاع واختلال العملية السياسية فيها.
ويشير عبدي خضر علي طوح الكاتب الصومالي ان هناك المئات او الآلاف من الطلبة الصوماليين في اوغندا ينتظمون في جميع التخصصات والكليات العلمية والادبية ويتسلط عليهم القلق من حدوث حالات انفلات امني خلال الانتخابات يكون لها أثر سيئ في عرقلة سير دراستهم أو حدوث تجميد لها.
بالاضافة الى هذا ، هناك الآلاف من اللاجئين الصوماليين والذين يتواجدون داخل المدن الاوغندية يترقبون أضاً من جانبهم ما ستسفر عنه هذه الانتخابات .
ورغم ان الحكومة الاوغندية تعهدت بحماية الامن والاستقرار في كافة ارجاء البلد خلال الانتخابات الحالية وما بعدها، ونشرت عشرات الآلاف من الشرطة والأمن العسكري من اجل المحافظة على الأمن والاستقرار في البلد، كما تعهدت بأن العملية الانتخابية ستكون حرة ونزيهة وانها ستتخذ كافة الإجراءات من اجل إجراء هذه الانتخابات في كافة ارجاء البلد ومن أجل ضمان سلامة سيرها ونزاهتها. رغم كل ذلك إلاّ أن لهذه المخاوف ما يبررها لدى الصوماليين فقد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.