في يوم أمس الإثنين 26 من أكتوبر فاجأ خمس وزراء وأربعة مساعدي وزراء إعلان استقالتهم من مناصبهم في حكومة الرئيس أحمد محمد سلانيو بشكل جماعي، ويعتبر هذا العدد من الوزراء التكنوقراط أكبر عدد يقدم استقالته مرة واحدة في الحكومات التي تعاقبت على الحكم في إدارة أرض الصومال، وقد شملت هذه الاستقالة كل من :
- وزير الخارجية محمد بيحي يونس
- وزير العدل حسين أحمد عيديد
- وزير شئون الرئاسة حرسي حاجي علي حسن
- ووزير العمل والشئون الاجتماعية عبد أو طاهر
- ووزير الأشغال العامة والإسكان عبد الرزاق خليف أحمد
- والناطق الرسمي للقصر الرئاسي أحمد سليبان طحل.
- ونائب وزير الصحة حسن طاهر طمبيل
- ونائب وزير الأشغال العامة علي عبده سائق
- ونائب وزير البيئة، ونائب وزير الأشغال العامة
- ونائب وزير التأهيل نعمة حسين قوطان
- ومدير عام لوزارة الصناعة موليد يونس.
وعن سبب الاستقالة فقد أكد بعض الوزراء لوسائل الإعلام أن سبب الاستقالة هو ما أقدم عليه الرئيس من مساندته لأحد المرشحين للرئاسة من داخل الحزب ليمثل حزب ” كلميه” (التجمع) في انتخابات مارس 2017م بينما كان من المفترض أن يقف على مسافة واحدة من الجميع، والجدير بالذكر أن جميع الأعضاء المستقيلين هم أعضاء في حزب كلميه الحاكم، علما بأن ثمانية مرشحين على الأقل يتنافسون في الترشح لكرسي الرئاسة والحصول أولا على ثقة الحزب.
رد فعل الرئيس سيلانيو:
من جانبه أعرب رئيس أرض الصومال عن استعداده لقبول الاستقالة وإحلال كفاءات وطنية محل الأعضاء المستقيلين نافيا وجود تهمة الانحياز لأحد المرشحين المتنافسين وأضاف في تعليق على إعلان الاستقالات الجماعية: ” إذا اختاروا الاستقالة فمن حقهم ذلك، فالوطن كبير ويوجد الكثير من الكفاءات القادرة على ملئ هذه المناصب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما تأثير هذا الإجراء على حزب “كلميه”(التجمع) الحاكم وعلى الحكومة بشكل عام ؟وهل من الممكن أن يصبح أزمة عنيفة تعصف بمستقبل الحزب أو تشيع التجاذبات بين أعضائه مما يشكل عائقا على حظوظه في انتخابات 2017م؟.
الكثير من المراقبين يستبعدون تأثير الاستقالات الجماعية بشكل مباشر على الحزب ، وأشار المعلق السياسي مهدي حسن حسين تعليقا على قرار الاستقالة إلى أن بواعث الاستقالة الحالية ، وهي كونها احتجاجا من داخل حزب “كلميه” ( التجمع) بسبب تأييد الرئيس سيلانيو لأحد المتنافسين على الترشح للرئاسة يضعف من تأثير هذه الاستقالات الجماعية.
فلو افترضنا أن الوزراء المستقيلين أقدموا على الخطوة لأسباب أخرى لكان ذلك مؤشرا خطيرا على مستقبل الحزب والحكومة، مع أن المتنافس الذي يواجههم هو رئيس الحزب الحالي موسى بيحي عبدي وهو سياسي مخضرم يتمتع بخبرة سياسية ويستعد حاليا للخوض في منافسة ليفوز بمرشح الحزب للرئاسة عام 2017م وهو سياسي مخضرم من بقايا الحركة الوطنية الصومالية المعروفة بـ SNM التي مهدت حروبها مع الحكومة العسكرية بقيادة سياد بري إلى انفصال منطقة شمال الصومال عن بقية الجمهورية الصومالية عام 1991م.
ويبدو أن كفة الترجح آلت في تصفيات الترشح لتمثيل الحزب في الانتخابات إلى رئيس الحزب الحالي السيد موسى بيحي ، وكان من المتوقع أن يفتعل الخاسرون أزمة تربك سير أعمال الحزب وقيادة الحكومة نظرا لأن تلك الهزات تصاحب القرارات الصعبة، ويعتبر أمرا من اللوازم السياسية.
وهذه ليست أول مرة يقدم فيها أعضاء من الحزب الحاكم استقالتهم فقد سبقها استقالة وزيرين في حكومة الرئيس سيلانيو وهما وزيري المالية عبد العزيز محمد سماله وزير التعليم أبيب ديريه نور في مارس 2015، وهذه الاستقالة السابقة لم تؤثر على الحكومة، ويبدو أن موجة الاستقالات مصيرها مصير تلك الاستقالة وكانت في خضم التنافس داخل الحزب. كان من المنطقي أن تؤدي هذه الاستقالات إلى أزمة سياسية ترمي البلاد في أودية المتاهات لو كانت الاستقالة لعوامل أخرى بعيدا عن التنافس والترشح دخل الحزب ، ومن الواضح أن الرئيس أحمد سييلانيو أيد رئيس حزب كلمية ( التجمع) منافسه السابق على حساب العديد من المرشحين ،طالما أن السيد بيحي رئيس الحزب وشخصية مناسبة لقيادة البلاد .
اتهام بالفساد واستغلال السلطة:
الأمر الآخر الذي يقلل من احتمال حدوث ردة فعل وهزات شعبية أو تخلخل في داخل الحزب هو أن بعض الوزراء الذين قدموا استقالتهم ظلت توجه إلى انتقادات نقص الكفاءة واستغلال المنصب السياسي لمصالح شخصية، كما أن تفادي ذلك يتطلب من الرئيس سيلانيو الإسراع بتعيين قيادات كفؤة في ملئ الحقائب الخالية، وأي تأخير في تعيين أعضاء أكفاء من شأنه أن يقوي في إحراج الموقف على الحكومة ويقوي من انتقادات الأعضاء المستقيلين .
بدوره كرئيس للحزب يتوجب على رئيس حزب ” كلميه”( التجمع) القيام بإجراء إصلاحات ، وترتيب توافقات داخل الحزب حتى لا يتأثر انسحاب هؤلاء الأعضاء ، ونظرا لكونه رئيس الحزب ومرشحه الوحيد فيتوجب عليه أن يجمع كل جهوده في لم شمل الحزب وحمايته من الانهيار، وإعداد الحزب للاحتفاظ بالفوز بولاية ثانية.
ومن المقرر أن يعقد حزب “كلمية” الحاكم في أرض الصومال في شهر نوفيمبر القادم مؤتمره السنوي والذي سيتم فيه اختيار المرشح الذي سيدفعه الحزب للمنافسة كمرشح للرئاسة في الانتخابات القادمة التي من المزمع عقدها في مارس عام 2017م.
هذا ، وقد أعلنت أرض الصومال- وهي محمية بريطانية سابقة- انفصالها عن بقية البلاد عام 1991م ولكن لم تعترف بها أي حكومة في الأسرة الدولية، وقد نجحت منطقة أرض الصومال التي تتمتع باستقرار نسبي تشكيل أحزاب سياسية وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لفترة كل أربع سنوات. ويتنافس في الانتخابات ثلاث أحزاب سياسية هي : كلميه ( التجمع وهو الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه الرئيس أحمد محمد محمود سيلانيو) وحزب أوعد ( الحزب العدالة والرفاهية) وحزب الوطني.