أهمية المنتجعات:
تنتشر ظاهرة المنتجعات في كثير من الدول التي تقع في أماكن ذات أهمية استراتيجية، لاسيما بالقرب من الأنهار والبحار والجبال والمناظر الخلابة، وتجذب السياح والزوَّار في العطلات الرسمية أو غير الرسمية، وقد تزايدت أهمية المنتجعات السياحية بالنسبة لكثير من المجتمعات الحضرية في العالم نظرا لكونها مكانا للاسترخاء والراحة أو الترفيه بعد ممارسة كثير من الروتينيات.
وتعتبر مدينة مقديشو عاصمة الصومال المطلة على ساحل المحيط الهندي من المدن التي كانت تحظى باهتمام سياحة الأجانب قبل سقوط الحكومة المركزية ودخول الصومال في أتون حرب أهلية شاملة، ولا تزال مقديشو تتمتع بنفس المزايا، وتعود تدريجيا إلى الاهتمام والإعمار والبناء والاستثمار.
ساحل ليدو بين الأمس واليوم:
نظرا لموقعه الاستراتيجي ولقربه من قلب العاصمة مقديشو يعتبر ساحل ليدو في مقديشو من السواحل الأفريقية التي تتَّصف بجمال الطبيعة وعذوبة المنظر، وكان ليدو منتزهًا يقصده السياح الأوروبيون خاصة الإيطاليون إبَّان الاستعمار الإيطالي لجنوب الصومال، وفي فترة الحكومات الصومالية المتعاقبة في الستينات والسبعينات والثمانينات تحول المنتجع إلى منتزه جميل تكسوه أشجار النخيل ويتخلله شارع نظيف له إنارة جميلة، مما أكسب المنتجع رونقا وجمالا وبهاء، تنجذب إليه النفوس الطامحة إلى التنزه والاستجمام،وخاصة أيام العطلات الأسبوعية والرسمية والأعياد وغيرها.
وكان سفراء دول العالم في مقديشو -في تلك الفترة– والعاملون فى السلك الدبلوماسي، إضافة إلى موظفي الهيئات والشركات الأجنبية في البلاد والطبقة العليا، والطبقة الوسطى، يذهبون إلى ذاك المنتجع للتنزُّه والاستجمام، ويستنشقون الهواء والنسيم العليل الساحر الجميل، إلا أن الحرب الأهلية دمَّرت المنتجع وحوَّلت الأبنية التي كانت مطلة على الساحل الساحر أطلالا مدمَّرة، وأثرا بعد عين كباقي البنى التحتية التي انهارت أثناء الحرب الأهلية المستمرة لمدة عقدين من الزمان.
وأثناء فترة الحرب الأهلية لم يكن الشباب يذهبون إلى منتجع “ليدو” لأسباب أمنية، كما أن الأهالي لم يكونوا يسمحون لأبناءهم الذهاب إلى “ليدو” خوفا عليهم من المليشيات القبلية المنتشرة في المباني المدمرة في هذا الساحل الجميل.
وبعد انسحاب حركة الشباب من مقديشو في أغسطس 2011م، وتوقُّف الحرب وأصوات المدافع والرشاشات، عاد الأمل من جديد، وبدأ الناس يعمرون المدينة التي أنهكتها الحرب لسنوات طويلة، وإعادة إعمار القطاعات المتنوعة، وانتشرت بناء المنازل وبعض الأماكن الحيوية في العاصمة مقديشو خاصة بعد عودة الكثيرين من المغترين الصوماليين إلى الوطن واستثمارهم في بعض القطاعات الخدمية،خاصة في قطاع المطاعم والفنادق وملاهي الأطفال والحدائق الجميلة.
مميزات منتجع ليدو:
كان منتجع ليدو – الذي يقع في الطرف الشرقي من ناحية عبد العزيز أحد الأحياء القديمة في مقديشو ويقرب من قلب المدينة – من الأماكن التي عادت إلى الوجود بسرعة في عام 2012م، وفي نفس الوقت حظيت باهتمام الإعلام المحلي والدولي ووجدت رواجا غير مسبوق، وفي كل جمعة – عطلة الأسبوع – كان الإعلام الرسمي وغير الرسمي يقوم بتغطية المنتجع المتعافي من الدمار الشديد كأحد الأدلة على تحسن الوضع الأمني في مقديشو.
تم إعادة ترميم بعض المباني المطلة على ساحل ليدو، وتحولت إلى مطاعم فاخرة يغشاها الناس، ويطوفون به خاصة في ذروة الأوقات المسائية الجميلة، ويقدّم المطعم إلى زبائنه مختلف أنواع الأطعمة الخفيفة والمشروبات الساخنة والباردة، وفي بعض الأحيان يستوظف المطعم بعض الأجانب العرب والأفارقة كنوع من الدعاية في تقديم أفضل الأكلات العالمية الخفيفة.
ويذهب نحو سبعمائة نسمة إلى ساحل ليدو في كل يوم جمعة في نهاية الأسبوع للتنزه، في شكل أفراد وجماعات أصدقاء، وفي بعض الأحيان يصطحب الناس مع أسرهم وأطفالهم، ويقوم الشباب بلعب كرة القدم في الساحل، والسباحة في اليمِّ، بينما يستمتع آخرون بالنظر إلى الساحل الساحر ، وتقوم بعض الشركات المحلية بتوفير قوارب صغيرة تشتغل بالمحركات تذهب بالسائحين إلى 2 كيلومتر في عمق البحر.
إلا أن حضور سكان مقديشو في المنتجع هذا العيد كان ملفتًا للنظر حيث أصبح العدد أضعافا مما سبق، وفي الحقيقة تعتبر هذه الظاهرة في الأعياد أمرا جديدا على المجتمع الصومالي، الذي كان يقضي معظم عطلة العيد في زيارة الأقارب ولا يحبّذ التنقُّل في الأحياء المتباعدة، وقد شبَّه أحد المغرّدين في موقع الفيس بوك أعداد متنزّهي المنتجع يومي الخميس والجمعة (أول وثاني أيام العيد الأضحى) بأعداد الحجاج إلى بيت الله الحرام.
ويأخذ السياسيون نصيبهم في الذهاب إلى المنتجع وإثبات حضورهم في المكان رغم بعض المخاوف الأمنية حيث يأخذون بعض الأوقات في المنتجع ويلتقطون الصور، ففي بعض الأحيان يزور رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان أو أحد الوزراء المنتجع، ويشرفون على ساحل المحيط الهندي من الفنادق المحصنة ذات الطوابق.