بقلم عبد النور معلم محمد
ذكر تقرير أصدرته “مؤسسة مستقبل عالم واحد”(One world future foundation) وهي مؤسسة تعنى بقضايا التنمية، ومقرها الولايات المتحدة الإمريكية، ان هناك تزايدا ملحوظا فى عدد السفن الأجنبية التي تمارس الصيد غير القانوني فى المياه الإقليمية فى الصومال، وتجنى بعض الشركات وبعض الدول من عمليات الصيد البحري غير القانوني والمشروع ارباحا طائلة، حيث يبلغ اجمالي عائدات الصيد البحري غير المشروع وغيرالمرخص الى306$ مليون دولا امريكي سنويا، وان سفن الصيد الأجنبية تصطاد أكثر من ثلاثة أضعاف ما تصطاده تعاونيات صيد الأسماك المحلية حسب التقرير، وهناك دول بعينها تمارس الإصطياد غير المشروع فى مياه الصومال، منها مصر العربية واليمن وجمهورية ايران، واسبانيا وغيرها،من دول آسيوية واوروبية.
يتناول هذا الموضوع بتحليل نقطتين اساسيتن:
اولا: أسباب عودة نشاط السفن الأجنبية
هناك عدة أسباب تشجع الدول والشركات الأجنبية على ممارسة انشطتها غير القانونية تجاه اصطياد الأسماك قبالة السواحل الصومالية،منها:
أ) غياب الرقابة الحكومية:
لم تكن هناك رقابة حكومية على الشواطئ وتحركات السفن، بينما تهتم دول الجوار الأفريقية لهدا الموضوع بصورة جادة، فمثلا حصلت كينيا مؤخرا على تسعة سفن بحرية حديثة مجهزة بأحدث التقنيات الحديثة لمراقبة السفن الأجنبية التي تمارس الاصطياد غير القانوني في مياهها الإقليمية فى المحيط الهندي وبحيرة فكتوريا، ومنع القراصنة من اختطاف السفن التجارية المحملة بالبضائع العابرة عبر الشواطئ الكينية.
ب) قلة الاهتمام:
وكما بيدو فإن اهتمام وزارة صيد الأسماك والثروة البحرية وهي الجهة المعنية بهذا الموضوع لا يرقي إلى المستوى المطلوب، فهي لا تمتلك خطوة عملية واضحة لمواجهة هذا التحدى، وذلك بسبب نقص خبرة العاملين في الوزارة في المجال البحري.
ج) ضعف الحكومة الصومالية:
معلوم ان الحكومة الصومالية لا تسيطر على كل اقاليم البلاد، كما ان الإدارت الفيدرالية التابعة لها لا تملك القدرة اللازمة لمراقبة السفن الأجنبية على السواحل، أضف الى ذلك طول السواحل الصومالية، حيث يمتلك الصومال وحدا من أطول السواحل فى أفريقيا، ويقدر طوله ب3300كم، ولايمكن مراقبتها،الا اذا استعانت الدولة بجهات خارجية، ريثما يتم تدريب وتأهيل قوات خفر السواحل الصومالية.
د) المبالغ الخيالية:
ومن الأسباب المشجعة أيضا تلك المبالغ الطائلة التى تجنيها الدول الممارسة للصيد السمكي غير القانوني، وخاصة أن هناك نقصا ملحوظا فى بعض اصناف السمك فى بعض السواحل، حيث لا تزال تتوفر فى المياه الصومالية.
ه) منح تراخيص غير مكتملة:
تحصل بعض السفن والشركات الأجنبية بعض الأحيان على تراخيص من إدارات إقليمية لممارسة الإصطياد فى المياه الإقليمية للصومال، وبصرف النظر عن شرعية هذه التراخيص من عدمها،الا انها تفتقد المعايير القانونية والفنية اللازمة، فلايوجد اتفاقيات وقوانين منظمة لهذه التصاريح، فمثلا الإطار الزمني والوصفي للترخيص، متى يبدأ وكم يستمر؟، ما نوع السفن المستخدمة، ماهي نوع الشباك، ما الأصناف المسموحة اصطيادها والممنوع.
ولاشك أن هذه الشركات الحاصلة على التراخيص من بعض الإدارات المحلية تتصرف بصورة مطلقة، إذ لم تكن هناك مراقبة ولا تفتيش، ولا مخاوف من التتبع والمساءلة القانونية والمحاسبة، كل هذه من الأسباب المشجعة لإستمرار وتزايد الإصطياد الغير المشروع .
ثانيا: التداعيات المحتملة
ومن التداعيات المحتملة لتزايد السفن الصيد الأجنبية قبالية السواحل الصومالية مايلي:
1- عودة القراصنة
ارتبط ظهور القراصنة على السواحل الصومالية بنشاط السفن البحرية الأجنبية التى كانت تمارس عملية الاصطياد الجائر وغير المشروع، وفى بداية الأمر كان القراصنة صيادين محلليين للأسماك، ولم يكونوا يمتلكون غير سفن صغيرة و محلية الصنع. وبما ان السفن الأجنبية غير الشرعية تدخل فى المياه القريبة بأدوات صيد متطورة، أدت الى اختفاء أصناف من الأسماك المعروفة، مما اضطر الصيادين المحليين الى تنظيم أنفسهم للدفاع عن انفسهم ثم مهاجمة تلك السفن الى ان تطور الأمر الى اختطاف جميع السفن العابرة قبالة السواحل الصومالية بما فيها السفن التجارية واحتجاز الرهائن واطلاق سراحها مقابل فدية مالية كبيرة.
ولا يستبعد ان ينظم القراصنة أنفسهم من جديد لمواجهة هذه السفن، ومنعها من الدخول الى مياه الصومال.
2- قلة مخزون الأسماك فى الشواطئ
تستخدم هذه السفن تقنيات متطورة، كما ان حجمها كبيرة نوعاما، وهذه الميزة تمكنها من اصطياد كمية كبرة من الأسماك فى فترة زمنية وجيزة، مما يقلل مخزون الاسماك فى المياه المحلية، أضف الى ذالك الاستغلال العشوائي الجائر وغير المنظم الذي يشمل الى جانب الاسماك الأصناف البحرية الأخرى.
3- نقص إنتاج الصيادين المحليين
فالصيادون المحليون عندهم قوارب صيد صغيرة و محلية الصنع كما اسلفنا، وهذه القوارب لا تستطيع مقاومة هذه السفن الكبيرة والتى ربما تكون مدججة بالسلاح، وتقوم هذه السفن بمنع وعرقلة الصيادين من ممارسة حقهم الطبيعي للأصطياد، الأمر الذي يؤثر سلبا على الكمية الانتاجية للأسماك، ويخفض المستوى المعيشي للصيادين.