الجيل المعلّق بين حطام الدولة وحلم المستقبل

بقلم: [عبدالله محمد حسن ]

في أعقاب عقود من الحرب الأهلية والانقسامات السياسية ، نشأ في الصومال جيل جديد لم يعرف الدولة إلا حكايات

 ترى على ألسنة الكبار  الكبار. إنهم شباب مابعد التسعينيات، أولئك الذين وُلدوا في الفوضى، وكبروا على أنقاض التعليم المتردي، والبطالة، وفقدان الأمل، ليجدوا أنفسهم اليوم أمام واقع قاسٍ يهدد حاضرهم ومستقبل وطنهم.

يأس متجذّر في الواقع

ليس اليأس الذي يشعر به شباب الصومال وليد لحظة عابرة، بل هو نتيجة تراكمية لسنوات من الحرمان والإقصاء وانعدام الأفق. فكم من شاب حمل شهادته الجامعية على أمل وظيفة لم تأتِ؟ وكم من فتاة وجدت أن أحلامها تصطدم بواقع اجتماعي لا يعترف بطموحها؟!

وفي ظل غياب الدولة بمفهومها الكامل، وانعدام الأمن والاستقرار، يجد الشباب أنفسهم بين خيارات محدودة: الهجرة المحفوفة بالمخاطر، أو الانخراط في جماعات مسلحة، أو البقاء في حلقة الفقر والتهميش.

التعليم لا يُنقذ وحده

رغم تحسّن نسبي في بعض القطاعات، خاصة التعليم، إلا أن النظام التعليمي نفسه يعاني من هشاشة في البنية، وغياب الرؤية التنموية، وعدم ارتباطه بسوق العمل. مئات الآلاف من الشباب يتخرجون من الجامعات كل عام دون فرص حقيقية، فتتحول الشهادات إلى مجرد أوراق تُضاف إلى خزانة اليأس.

البطالة والفراغ القاتل

تشير الإحصاءات إلى أن نسبة البطالة بين الشباب الصومالي تتجاوز 67% في بعض المناطق، وهي نسبة كارثية في بلد يشكل فيه الشباب أكثر من 70% من السكان. الفراغ الكبير الناتج عن البطالة لا يخلق فقط إحباطًا نفسيًا، بل يشكّل أرضية خصبة للتطرف والانحراف أو الانطواء والانسحاب الاجتماعي.

الغربة داخل الوطن

كثير من الشباب اليوم يشعرون أنهم غرباء في وطنهم، لا يملكون صوتًا في القرار، ولا حظًا في التنمية، ولا حتى حافزًا للبقاء. وتزداد هذه المشاعر عندما يرون أبناء السياسيين والتجار يعيشون في بحبوحة، فيما يعانون هم من العجز عن تأمين احتياجاتهم الأساسية.

هل من أمل؟

رغم قتامة الصورة، لا يمكن القول إن كل شيء قد ضاع. فهناك تجارب فردية ملهمة لشباب صوماليين نجحوا في مجالات التعليم، والابتكار، وريادة الأعمال، داخل الوطن وخارجه. كما بدأت مبادرات مجتمعية صغيرة تسعى لخلق فرص عمل، وتعزيز المشاركة السياسية للشباب، وبناء وعي جديد يرفض الانقياد وراء العنف.

لكن هذه المحاولات الفردية تظل محدودة الأثر إن لم تُصاحبها إرادة سياسية جادة، واستثمار حكومي فعلي في الإنسان الصومالي، وخاصة الشباب.

ختاما

إن يأس الشباب الصومالي ليس قدَرًا، بل نتيجة ظروف يمكن تغييرها إن توافرت الرؤية والإرادة. فجيل ما بعد الحرب، رغم كل ما عاشه من معاناة، لا يزال يحمل في داخله بذورًا يمكن أن تُثمر مستقبلًا مختلفًا. فقط إذا أُعطي الفرصة

زر الذهاب إلى الأعلى