كرة القدم ليست مجرد لعبة ولا هي رياضة تمضي كما تمضي الساعات هي لحظة من الشعر، تشتعل ثم تختفي، ولا تعود كما كانت هي الانفعال حين يغلب القانون، والعاطفة حين تهزم الارقام، والقدر حين يتجاوز التوقع
في ويمبلي، عام 1995، فعل الحارس الكولومبي رينيه هيغيتا شيئا لم يسبقه إليه أحد قفز إلى الخلف، وسدد بكعبيه كرة مرتفعة في لحظة شعرية مجنونة
لم يكن تصديا عاديا، بل جنونا على هيئة مهارة
حركة العقرب لم تكن مجرد استعراض، بل كانت رسالة تقول:كرة القدم لا تشرح، لا تعتذر، لا تتكرر فقط تمرّ
ثم جاءت يد الله
مارادونا، القصير الذي حمل التاريخ على كتفيه، لم يسجل بقدمه وحدها، بل بيده أيضا في مونديال 1986، قفز وخدع الحكم، وسجل هدفا لا ينسى
ثم راوغ الجميع وسجل هدفا قالوا عنه إنه الاجمل في القرن ومنذ ذلك اليوم، لم نعد نسأل: من الاحق
بل: من الاجمل، من الاجرا، من الاكثر شاعرية
لكن في هيسل، عام 1985، توقفت القصيدة
اللعبة تحولت إلى مأساة الجماهير التي جاءت تهتف، خرجت في توابيت جدار انهار، دماء سالت، وتسعة وثلاثون مشجعا لم يعودوا إلى بيوتهم ليلة كتبت بالحزن، لا بالنتيجة ليلة قالت لنا إن العشق إذا انفلت، يقتل
ثم جاء الدور على زيدان الاسطورة الفرنسية، العبقري، الانسان في لحظة من الغضب، نطح ماتيرازي في نهائي 2006 خرج مطرودا، وخرجت فرنسا من الحلم وذهبت الكأس إلى إيطاليا
لا لأنه شرير، ولا لأنه ملاك، بل لأنه بشر
وفي كامب نو، عام 1999، حدث ما لم يكن في الحسبان بايرن ميونيخ متقدم، والمباراة تقترب من نهايتها ثم جاء تيدي شيرينغهام، وبعده بثوان، سولشاير هدفان في اقل من دقيقتين الكأس تنتزع من بين ايدي الالمان، وتذهب إلى مانشستر يونايتد
لم تكن مباراة، بل سرقة منظمة بقوانين اللعبة
وكانت ساحرة
اما في إيطاليا، فالسحر انقلب إلى خيانة
عام 2006، سقط يوفنتوس إلى الدرجة الثانية
ليس لأنه خسر، بل لأن وثائق سربت، واحكاما صيغت، وظلالا ألقيت الكالتشيوبولي أطاحت بفريق لم ينازعه أحد على عرشه لم يثبت عليه شيء يقيني، ولم يمنح فرصة عادلة للدفاع كان العقاب جاهزا، فقط لأنه الاقوى
هل هذه كرة قدم؟
نعم، هذه هي كرة القدم حين تكون مرآة للحياة
فيها الالهام وفيها الخذلان، فيها المجد وفيها الدم، فيها النطحة وفيها الظلم
من العقرب إلى اليد ومن الجماهير إلى الطرد ومن الدراما إلى القانون كلها فصول من ملحمة واحدة
ملحمة لا تحتاج إلى تبرير، بل إلى شغف
لا نريد تفسيرا ولا نطلب عدالة مؤجلة نحن فقط نريد أن نتابع، أن نتحمس، أن نصرخ من قلوبنا
إلى اللقاء