نيروبي ، وضعف إدراك العواقب

-ألقت زيارة الرئيس الكيني “وليم روتو”  إلى جنوب السودان بظلالها على مستقبل العلاقات مع سودان ما بعد البشير، خاصة أن توقيتها جاء في الوقت الذي تتقدم فيه القوات المسلحة السودانية لدحر مليشيات الدعم السريع الساعية للسيطرة على السلطة وبدء العد التنازلي لحقبة جديدة لسودان جديد بلا مليشيات، إلا أن تلك الزيارة أرى أنها تحمل في طياتها الكثير والكفيل بتغير قواعد اللعبة بين الخرطوم ونيروبي.

‏- لو كانت زيارة الرئيس الكيني “وليم روتو ” إلى جوبا منفردة لأحسنا الظن وقلنا أنها زيارة في إطار ترتيبات إستعداد الرئيس سلفاكير ميارديت لتولي قيادة الإيغاد التي تأجلت قمتها في يونيو بطلب”كيني” نتيجة الإحتجاجات ضد حكومة روتو في ذلك الوقت، ولكن وجود “عبد الرحيم دقلو” في هذه الزيارة فهذا يعني أن  دعم نيروب لمحاولات مليشيا الدعم السريع اليائسة لفرض واقع جديد في السودان لم تنتهي بإستقبال وفد من المليشيا الذي كان يتقدمه “نصر الدين عبد الباري” و “طه إسحاق” في اغسطس الماضي، وهذا يعني إعلان صريح للحرب على الدولة السودانية، ولا أعتقد أن نيروبي في ظل حالة الإنشقاق الداخلي بين أذرعها الأمنية بحاجة إلى فتح جبهة حرب مع دولة بحجم السودان، فالإدارة الكينية الجديدة بقيادة “وليم روتو” إن لم تكن مُدركة لعواقب ما ستقدم عليه، فهناك مؤسسات كينية عريقة لها تاريخها الإستخباراتي والأمني في الشرق الإفريقي وقطعاً هي ترى ما لا تراه المؤسسة الرئاسية، وبالتالي هي مدركه للنتائج المترتبة بقبول مليشيا “متعددة الجنسيات” على مرمى حجر منها تماماً كإدراكها للتقاطعات التي حالت بينها وبين جوارها الإقليمي منذ سبعينات القرن الماضي حتى الأن.

‏- مثلما تدرك حكومة الرئيس “وليم روتو” بأنها تواجه أزمة داخلية حقيقية، تتمثل في بروز معارضة من نوع خاص، معارضة لها ثقلها السياسي والإجتماعي في الداخل والخارج الكيني بعد إنضمام النائب السابق للرئيس “Gachagua” مع “Kalonzo” وزير الخارجية السابق بالتعاون مع وزيرة العدل السابقة “Martha” في تحالف تتوسع دائرته كل يوم ضد “روتو” وقادر على تأليب الشارع الكيني ضد النظام الحالي، فهي تدرك أيضاً بأن الشخصيات الكينية الآنفة الذكر كانت لها طريقتها في التعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية السودانية على مدى سنوات طوال ولن تحتاج  الخرطوم لجهد كبير لإعادة ذلك متى ما أرادت، فنيروبي من أكثر العواصم الأفريقية بعد إنجامينا معرفة بمسالك ومداخل ومخارج التركيبة الأمنية السودانية في وقت السلم ناهيك عن وقت الحرب.

-قال الرئيس الكيني الأسبق “دانيال موي” الذي حكم البلاد منذ ١٩٧٨-٢٠٠٢  “علاقتنا بالدولة السودانية وعلى مر التاريخ علاقة تتجاوز الجوار الجغرافي، ولا يدركها الساسة، ونحن مؤمنون بها وإن جحدها الإقليم، نأمل كما تأمل الخرطوم أن تبرهنها أجيالنا القادمة ذات يوم”

سؤالي هو هل تعي الإدارة الكينية اليوم بقيادة “وليم روتو” ذلك؟

د.أمينة العريمي

باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي

د.أمينة العريمي

أمينة العربمي باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
زر الذهاب إلى الأعلى