الحكومة الصومالية ومشكلة وسائل التواصل الاجتماعي

في ظل التطور  التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، وتغير أنماط الحياة، يواجه المجتمع الصومالي، تحديات اجتماعية هائلة،  قد تحدد مستقبله في السنوات المقبلة. وهذه التحديات تحتاج إلى مقاربات علاجية لا تتفرد الحكومة في اعدادها ، وصياغتها ، وتنفيذها ، وانما يجب أن تشارك فيها قطاعات متعددة من المنظومات الإجتماعية المختلفة في الصومال، وأن أي محاولة لمعالجتها  عبر حلول تقليدية واجراءات تحركها العواطف لن تؤدي الا إلى مزيد من المشاكل والتحديات وطورا جديدا من الإنحلال والتفكك المجتمعي.

ظل المجتمع الصومالي الذي كان  يعد ضمن المجتمعات المسلمة المحافظة تقليديا ، منذ ما يقارب 30 عاما ، يعيش في حروب وكوارث طبيعية قادته  إلى مزيد من التشدد والتمسك بتقاليدة وعاداته الدينية والقومية والاهتمام بالمظاهر الدينية، والإلتزام بالتعاليم الإسلامية، لكن فجأة وجد الجيل الجديد من المجتمع الصومالي نفسه في غمرة التطور التكنولوجي الهائل في العالم، وبدأ يتهافت بشكل مطلق على افرازات التكولوجيا الحديثة مع غياب واضحة لمؤسسات حكومية أو مجتمعية تقوم بتوجيه وتدريبه في استخدام التقينات الحديثة وطرق التعايش مع أنماط الحياة المعاصرة ، وظهرت عليهم سلوكيات وأخلاقيات لا تمت لتقاليد الصومال  بصلة، وتجاوزت كل خطوط الحمر.  

انكبت مختلف فئات المجتمع الصومالي وخاصة فئة الشباب التي تمثل 70% من المجتمع على  وسائل التواصل الاجتماعي في ظل تحسن نسبي للوضغ الأمني في البلاد وخصوصا في المدن الكبرى ، وبدأت  تستخدم بصورة مفرطة مغ توفر انترنت  رخيص، وتشكلت شبكات شبابية تتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتقوم بسلوكيات باتت تهدد الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي في الصومال.

ظهرت في الآونة الأخيرة شبكات شبابية تدعوا بشكل صريح إلى الفسوق، والفجور، والانحراف الأخلاقي، وأخرى تحرض على الفتنة بين القبائل والعشائر، في حين تجاوزت شبكات أخرى إلى جميع الحدود وبدأت تنال المجتمع الصومالي في مقتل في دنية وإرثه الديني ورموزه وتدعوه إلى كسر القيود المجتمي، والتخلي عن ثوابته ومقدساته الدينية والوطنية عبر التشكيك في كل ما كان يراه المجتمع الصومالي مسلما ومقدسا وثابتا دون النظر إلى عواقب ذلك في تماسك الشعب الصومالي ووحدته.

لمواجهة تلك التحديات، اتخذت الحكومة الصومالية اجراءات أمنية الا أن تلك الإجراءات تعتبر علاجات مؤقته وسطحية لا ترقى إلى حجم المشكلة ، ولا تشكل حلا جذريا للقضية بل إنها تساهم إلى تفاقمها وجعلها قضية تتجاوز حدود الصومال، لأنه القضية ليست قضية أمنية وانما قضية اجتماعية يجب مواجهتها عبر  سلسة اجراءات متعددة الأهداف والأنماط. قامت الشرطة الصومالية بحظر بعض وسائل التواصل الاجتماعي، واعتقال عشرات من شباب المشاهير في مواقع التواصل بشكل عفوي وبطريقة غير مدروس. كان من المفروض أن تقوم وزارة الشباب بالتعاون مع الوزارات الأخرى والقطاعات ذات الصلة بإعداد دراسة واضحة عن وسائل التواصل الاجتماعي في الصومال ودورها في تأجيج الصرعات والنعرات القبلية، وانتشار الانحلال والانحراف ومن ثم طرح حلول جذرية تعالج المشكلة ليس في الوقت الحالي فقط وانما في قادم السنوات.

ما تقوم به الحكومة في الوقت الحالي بعد  فترة قليلة ستتوقف ، وستعود المشكلة من جديد بصورة أكثر فتكا وإيلاما. ناهيك عن ذلك أن خطر وسائل التواصل الاجتماعي لا تأتي من داخل البلاد وانما أيضا من الخارج وأن نسبة كبيرة من الصوماليين في المهجرة يمثلون  رأس حربة للحملات التي تشوه صورة الصومال وتدعو إلى الانحلال الخلقي وتهدد تقاليد وعادات المجتمع الصومالي النبيلة، وبالتالي يجب أن تغيير الحكومة الصومالية نهجها وسلوكها في التعامل مع الوضع ، وأن تطرح رؤى وحلولا غير تقليدية بصورة عاجلة قبل فوات الأوان.

زر الذهاب إلى الأعلى