لا أريد الدخول إلى الفضاء السياسي، لكن أنا وطني غيور على سادة البلاد في داخل الحدود وخارجها، ولا أعتقد بأني طرازي والباقون لاشىء، بل أنا أدعم المواطن صاحب الضمير الحي، والحس الوطني، يؤمن بنفسه وتنمية بلاده، وبناء المجتمع الجديد، المتحضر الواعي، يفهم الواقع ومايجري حوله، وطبيعة المجتمع المتفاعل مع القضايا، إما توجسا، أو قبولا أو رفضا. رغم أننا نرحب بالتنمية والتطور ، والإستثمارات الضخمة للصوماليين هنا وهناك، لكن حسنا الوطني يحتم علينا الإشارة إلى بعض الجوانب السلبية لتلك القضية، لأن سحب الإستثمار من البلاد ونقله الى الدول الجوار أمر لا يتماشى مع مصالح المواطن ، وكذلك عقد المؤتمرات والتدريبات التأهيلية في خارج البلاد ليس قرارا صائبا البتة. دعنا نضع رأس حبرة القلم على أحدى عواصم الجوار التي أصبحت كربلة الصوماليين وهم يأتون إليها من كل فج، نيروبي عاصمة جمهورية كينيا التي يتعدى عدد سكانها ثلاثة ملايين ومأئة وثلاثين نسمة تقريبًا بحسب أحدى آخر الإحصائيات. وهي تقع على نهر نيروبي في جنوب البلاد على إرتفاع 1,795 متر فوق سطح البحر ، وتعد العاصمة من العواصم الحبيسة بحيث لا تطل على ساحل المحيط الهندي وإنما تعتمد على ميناء ممباسو الواقعة على بعد حوالي 441.52 كم.
تعتبر نيروبي من المدن التي تأثرت بالإستعمار البريطاني الذي كان يحتل بعض دول شرق أفريقيا وما خلفه من تراث مترسخ، فيها ، وتركيب اجتماعي متنوع ، ومراكز للتسوق تستقطب سكان الدول المجاورة كالصومال التي تبعد عن نيروبي حوالي 1,178.2 كيلومترا.
الأمر الذي لا فكاك منه، ولا يمكن إنكاره بأي حال من الأحوال هو أن عددا كبيرا من المجتمع الصومالي الذي عاني من لظي الحروب الأهلية، والغزوي الإيثوبي في مقديشو 2006م هجروا من منازلهم وأعمالها التجارية بحثاً عن الأمان، ومنذ ذاك الوقت بدأت الأموال الصومالية تتدفق إلى نيروبي، وأصبحت حاضنة للإستثمارات الصومالي ، ومقصدا لرجال الأعمال الصوماليين وقبلة للقيادة الصومالية وذلك لعوامل عدة:-
العامل الأول : العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين البلدين في المجالات الاقتصادية والهجرة والأمن والصحة والتعليم ومكافحة الإرهاب.
العامل الثاني :- كثرة السياسيين الحاصلين على الجنسية الكينية والذين يتولون مناصب عليا في الصومال وأن أهلهم وذيهم يعيشون في نيربي ولا يرغبون في العودة إلى بلادهم ؛ لأن لهم مصالح في نيروبي، وإذا فقدوا مناصبهم يتخلون عن مسؤولياتهم الوطنية ، ويعودون إلى نيروبي ، مبررين ذلك بالوضع الأمني في الصومال.
العامل الثالث :- السفريات الترفيهية المتواصلة بحجة أن نيروبي مدينة آمنة وخضراء وذات أجواء باردة.
العامل الرابع :- تعقد مؤسسات الحكومة الصومالية وكذلك المنظمات الدولية، المؤتمرات والإجتماعيات والتدريبات التأهيلية في نيروبي، ولم تترسخ في أذهان تلك المؤسسات فكرة أن مقديشو مؤهلة لإستضافة مثل هذه البرنامج التي تدر أرباحا كبيرة سواء كانت مادية أو معنوية لمدينة نيروبي.
في الختام نقول:
1- إن بلادنا بحاجة مأسة الى رأس المال والاستثمار الذي ينقل الى الخارج لاسيما إلى نيروبي، فالفنادق والمطاعم وقاعات المؤتمر والمناسبات في مقديشو بحاجة إلى تلك الأموال .
2- غرس الثقة والآمال في نفس المواطن الصومالي وتشجيعة بالعودة الى بلاده، والتأكيد له على أن مرحلة عدم الإستقرار والأمن في طريقها إلى الإنتهاء.
3- ضرورة الاعتماد على القدرات والإمكانيات التي يتمتع بها المجتمع الصومالي وعدم إضاعتها وتنميتها عبر الاستثمارات .
ربّما يُجادل البعض بأنّ مقديشو ليست آمنة، ولا نُبالغ إذا قُلنا إنها من بين أكثر العواصم الإفريقية أمنًا واستقرارا في الوقتِ الرّاهن، ، لكن اللافت غياب قيادة صومالية جديرة بالثقة تلعب دورا ملموسا في توجيه مواطنيها، وترفض الإملاءات الخارجية وعقد المؤتمرات في الخارج ، وتشجيع رجال الأعمال على إستثمار بلادهم ، وتذلل كافة المعوقات التي تواجه القطاع الإستثماري في البلاد من أجل تحقيق التنمية الشاملة .