من المقرر أن تنطلق اليوم الأربعاء في مدينة طوسمريب عاصمة ولاية غلمدغ فعاليات المرحلة الثاني لأعمال مؤتمر طوسمريب التشاوري الّذي يتحاور فيه قادة الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية الأعضاء في الاتحاد الفيدرالي.
هذا، وقد وصل الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو مدينة طوسمريب مساء السبت للمشاركة في المؤتمر التشاوري، وكذلك وصل إلى المدينة رئيس الوزراء حسن علي خيري للمشاركة في هذا المؤتمر.
ويأتي مؤتمر طوسمريب التشاوري بعد فترة من الجمود والركود الذي ساد في العلاقات بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية، حيث لم يتم لقاء بين الطرفين منذ فشل مؤتمر جرووي التشاوري في مايو 2019م، وهو ما أدى إلى تعقيد الخلافات السياسية بين الولايات الإقليمية والحكومة الفيدرالية، وخاصة، بين الحكومة الفيدرالية من جانب، وولايتي جوبالاند وبونتلاند من جانب آخر.
هذا، ويعقد كثيرون آمالا عريضة على هذا المؤتمر ومخرجاته التي ستكون بمثابة الخروج عن عنق زجاجة الخلافات السياسية الصومالية، غير أن الظروف المحيطة بهذا المؤتمر وتباعد مواقف المشاركين فيه تمثل تحدّيات كبيرة أمام نجاح المؤتمر والوصول إلى صيغة تفاهمية حول القضايا العالقة، وأبرزها قضية الانتخابات المقبلة التي يدور حول محورها ثقل الخلافات السياسية بين شركاء السياسة في الصومال، وعلى رأسهم قادة الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الإقليمية.
ومما يجدر الإشارة إليه هو تباين الرؤى واختلاف وجهات نظر بين قادة الحكومة الفيدرالية نفسها بشأن الانتخابات المقبلة، فبينما يرى الرئيس محمد فرماجو –رغم تحفظاته حتى الآن على إبداء رأيه- ورئيس البرلمان محمد مرسل شيخ عبدالرحمن، ورئيسة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، ضرورة وإمكانية إجراء انتخابات “صوت واحد لشخص واحد” خلال 13 شهرا المقبلة، يرى رئيس الوزراء حسن علي خيري ورئيس مجلس الشيوخ للبرلمان الفيدرالي محمد عبدي حاشي والنائب الأول لرئيس البرلمان السيد مودي، ضرورة إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها والاتّفاق على نموذج انتخابي يمكن تطبيقه في تلك الانتخابات، بعدما تبين تعذّر إمكانية إجراء انتخابات مباشرة في الموعد الانتخابي القادم.
ويرى رؤساء الولايات الإقليمية ومعظم الأحزاب السياسية بما فيها منتدى الأحزاب الوطنية المعارض الّذي يعدّ أكبر تجمع لقوى المعارضة الصومالية، يرى هؤلاء إلى جانب المجتمع الدولي أنه من الضروري إيجاد صيغة انتخابية متّفق عليها تضمن إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدّد.
إنّ مؤتمر طوسمريب، يمثل بحدّ ذاته إنجازا في سبيل إيجاد حلّ للأزمة السياسية الراهنة في البلاد، غير أن نجاحه مرهون بمدى تنازل الأطراف عن مواقفها من أجل مصلحة العليا للوطن، وأنّه من الصعب ومن غير الممكن الوصول إلى حلّ ناجع للأزمة طالما لم تقدّم الأطراف استعدادها للتنازل والمساهمة في المساعي الحثيثة لبحث حلّ للأزمة السياسية في البلاد.
ووفقا للقرائن والمعطيات المتوفرة، ففي حال تمسكّ الأطراف بمواقفها الحالية تجاه القضايا العالية فإنه من الممكن أن ينتهي المؤتمر بإحدى النتائج الآتية:
- فشل المؤتمر برمته كما فشل مؤتمر جرووي السابق وعدم الوصول إلى أي تفاهمات حول القضايا العالقة في البلاد.
- بروز تباين آراء المنتسبين إلى الحكومة الفيدرالية حول القضايا العالقة إلى العلن، وتكوّن تحالفات وتكتّلات سياسية داخل الحكومة بغرض إقصاء الطرف الآخر، وإخراجه من دائرة الحكومة عبر مشاريع تطالب بسحب الثقة إما عن الرئيس أو رئيس وزرائه أو رئيس البرلمان الفيدرالي، ليتفرّد فريق واحد بقيادة ما تبقى من عمر الحكومة الحالية.
- تدخّلات المجتمع الدّولي لإنهاء الخلافات، وقد يكون ذلك عن طريق إقناع الأطراف على وضع خارطة طريق زمنية معينة ومحدّدة، تضمن إجراء انتخابات متفق عليها في موعدها وفي صيغتها، وإما بإقناع الرئيس أو رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان على التنازل عن منصبه حفظا لمكتسبات تجربة الدولة الصومالية الوليدة، وتشكيل حكومة جديدة توافقية مهمتها العمل على إعداد وتنظيم انتخابات يمكن إجراؤها في مدّة زمنية معيّنة، وإمّا بإقناع الأطراف، بما فيهم الشركاء السياسيون الآخرون مثل الولايات الإقليمية والأحزاب السياسية، على تمديد فترة البرلمان الحالي ليتسنى له إعداد وتحضير عمليات انتخاب رئيس جديد يتولى مقاليد زمام إدارة البلاد في السنوات الأربعة القادمة.