لن تنال من عزيمة الشعب الصومالي تلك الأطراف السياسية الساعية إلى تقليل أهمية قرار صندوق النقد الدولي الأخير والتشكيك في مصداقية الحكومة الاتحادية التي مس بيأفوخها السماء، سعيا لتحقيق أجنداتها السياسية ومصالحها الضيقة، فقرار الصندوق الذي أكد التزام الصومال بالإصلاحات الاقتصادية واتاح الفرصة أمام الحصول على موارد مالية جديدة، قرار تاريخي بكل المقايس وانجاز عظيم لم يسبق له مثيل منذ السنوات الأخيرة ويفتح باب الأمل واسعا أمام الشعب الصومالي ويحثه على مزيد من الجهد والعمل لتحقيق طموحاته وتمنياته المتمثلة في الاستقرار والتنمية والإزدهار وكذلك يجب على جميع الأطراف السياسية في البلاد حكومة ومعارضة الاغتنام عن هذه الفرصة النادرة وتسخيرها في خدمة البلاد والشعب الصومالي العظيم، ولتقريب وجهات النظر بينهم والوقوف صفا واحدا من أجل اخراج البلاد من دوامة العنف وطرد الكابوس الجاثم في صدور الشعب منذ عشرات السنين، كما يجب تكاثف الجهود بغض النظر عن تباين واختلاف الرؤى السياسية لدى الساسة من أجل الحفاظ على هذا الانجاز والحيلولة دون التقهقر إلى الوراء والوقوع في فخ جديد يبقى البلاد في سجله الأسود.
لا يخفى على أحد أن هذا القرار ليس وليدة اللحظة ولم يتحقق خلال ثلاثة أعوام التي تحكم البلاد الحكومة الحالية وأنما جاء نتيجة سلسة جهود بدأت منذ عام 2006 ولذلك لا يمكن أن ينسب أحد لنفسه ومن يعتقد غير ذلك فليقرأ التاريخ وليقرأ تقرير وكالة أنباء الكويت بعنون: البنك الدولي يوافق على شطب ديون يقيمة 37 مليار دولار المنشور في 29 من شهر مارس عام 2006 وكان الصومال بين تلك الدول التي استفادت من هذا القرار واستفاد أيضا من مبادرة أخرى من مجموعة دول الصناعية الثماني الكبرى لإلغاء ديونها المستحقة على تلك الدول بمساعدة من البنك الدولي وصندق النقد الدولي وصندوق التتنمية الإفريقي، وكان من المفترض أن تبدأ تنفيذ القرار في شهر يوليو عام 2006، وبالتالي ما تحقق يجب أن يعتبر جهود جماعية شاركت فيها جميع الحكومات التي مرت البلاد منذ عام 2004 وكل أدلى بدلوه ولكل مجتهد نصيب وأن الحكومة الحالية كان من حظها أنها أكملت المسيرة وحقق الانجاز في عهدها وينبغي أن نقول لها مبروك ألف مبروك هذا الانجاز، وأن نساعدها على القيام بما تبقى من برنامج إعفاء البلاد من الدويون الخارجية.
من جانبها يجب على الحكومة أن ترتقي إلى تطلعات الشعب الصومالي الذي عانى ويعاني من ويلات الحروب الأهلية والارهاب وجشع المؤسسات التجارية والإقتصادية في الصومال وأن تستغل من هذا الإنجاز لتخفيف الأعباء من المواطن العادي المثخن بالأزمات والمشاكل الإقتصادية وليس من الحكمة أن توظف مخرجات الانجاز لمصالح سياسية قريبة الأجل وأن تكون حذرة من ممارسة مزيد من الضغوط على القوى المعارضة والحكومات الاقليمية حتى لا تنفجر الأوضاع السياسية والأمنية وتوفر للمؤسسات المالية الدولية مبررات لتتراجع عن التزاماتها وتعهداتها وحتى لا نعود إلى المربع الأول ويكون حالنا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.