يعتبر الصومال من الدول الأفريقية التي تتمتع بموقع استراتيجي متميّز، مما يمنحها الكثير من الفرص الاستثمارية، إذ إنها تقع في شرق أفريقيا وخاصة في منطقة القرن الأفريقي، ويحدّها من الشمال خليج عدن، ومن الشمال الغربي جيبوتي، ومن الشرق المحيط الهندي، ومن الغرب إثيوبيا، ومن الجنوب الغربي كينيا.
ويمتلك الصومال ساحلا طويلا يعد ثاني أطول ساحل في إفريقيا يصل طوله حوالي 3300كم، 2200كم هي طول السواحل المطلة على المحيط الهندي، في حين أن 1100كم هي طول السواحل المطلة على خليج عدن.
هذا الساحل الطويل الّذي تتمتع به الصومال لم تتم الاستفادة منه على الوجه المطلوب، ذلك أنّه بعد سقوط الدولة الصومالية في 1991م انهار معها كلّ شيء بما في ذلك المصانع والشركات العاملة في مجال صيد الأسماك وتعليبها ومن ثم توزيعها في الدّاخل أو تصديرها إلى الخارج تلبية لحاجات أسواق السمك الدّاخلية والخارجية. ومع بدء الصومال تعافيه من أزمة الحروب الأهلية بدأت بعض القطاعات الخاصة والعامة تتعافى مما طالها من خراب ودمار، ومن تلك القطاعات قطاع صيد الأسماك حيث ظهرت شركات تجارية ومصانع من القطاع الخاص لتعليب السمك تعمل في مجالات الاستثمار بسوق السمك في الصومال، إلاّ أنّ هذه المصانع والشركات لم تغطّي بعد متطلّبات سوق السمك الصومالي، مما كشف الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات كون الساحل الصومال غنيا بمختلف أنواع الثروة البحرية السمكية منها والنفطية.
ورغم أن شركات أجنبية تقوم بعمليات صيد في البحار الصومالية، ويشوب بعضها الكثير من المغالطات القانونية إلاّ أنّه يؤكّد كثير من الاقتصاديين المتابعين لسوق الأسماك في الصومال يؤكّدون أن هناك في سوق الأسماك بالصومال فرصا استثمارية يمكن أن تستفيد منها الجهات والشركات الخارجية ومن هذه الفرص:
1. توفير أجهزة الصيد الحديثة: إن من أهم المجالات التي يمكن الاستثمار بها في سوق السمك الصومالي، الأجهزة الحديثة لصيد الأسماك، حيث إن الشركات الصومالية العاملة في هذا المجال تنقصها الأجهزة الحديثة التي تساعدها على صيد الأسماك، إذ إنّها تستخدم الأدوات البسيطة في صيد الأسماك والتي لا تستوعب كمية كبيرة من الأسماك مما يجعل الإنتاج السمكي محدودا للغاية، وهنا يمكن للشركات الخارجية الاستثمار في هذا المجال وذلك بتوفيرها للأجهزة الحديثة التي تساعد الأفراد والشركات على تطوير مجال صيد الأسماك بطريقة واسعة. وقد يكون توفير هذه الأجهزة على شكل الاتّجار بها وبيعها من الأفراد والشركات العاملة في مجال الصيد، أو تأجيرها واستخدامها عبر شروط وأسس يتم الاتّفاق عليها وغير ذلك مما يساهم في زيادة إنتاج الثروة السمكية لتغطية طلبات السوق الصومالية والخارجية، حيث إن السواحل الصومالية يتوفّر فيها الكثير من أنواع الأسماك كالقرش والتونة وغيرهما.
2. توفير الأجهزة الحديثة لحفظ الأسماك: ومن المجالات التي يمكن فيها الاستثمار توفير الأجهزة الحديثة لحفظ الأسماك بعد صيدها كالثلاجات والسفن المتطوّرة التي تستخدم في صيد الأسماك، حيث إن معظم العاملين في مجال صيد الأسماك لا يمتلكون الأجهزة الحديثة التي من الممكن أن تحافظ على طبيعة السمك لفترات طويلة حتّى بعد استخراجه من البحر، وتمتلك حاليا معظم الشركات العاملة في مجال صيد الأسماك أجهزة تحفظ السمك لفترة قصيرة لا تتعدّى اليوم أو اليومين، مما يساهم في تحديد كمية الأسماك التي يتم اصطيادها في اليوم الواحد.
3. إنشاء مصانع لتعليب الأسماك: رغم وجود مصانع محلّية لتعليب الأسماك في الصومال مثل مصنع لاسقوري وأومار وغيرهما، إلاّ أنّ هذه المصانع لا تلبي حاجات السوق الصومالية فضلا عن الأسواق الخارجية، مما يحتّم وجود مصانع عملاقة لتعليب الأسماك تستطيع تلبية احتياجات السوق الداخلية من الأسماك المعلّبة وتصدّر كميات هائلة من الأسماك إلى الأسواق الخارجية وفي ذلك تنمية للاقتصاد الوطني واستفادة من الثروات الطبيعية في السواحل الصومالية
4. تدريب الصيادين الصوماليين على الطرق الحديثة للصيد: ومن أهم المجالات التي يمكن أن تستفيد منها الشركات الخارجية تدريب الصوماليين على الطرق والأجهزة الحديثة لصيد الأسماك، إذ إن معظم الصيادين الصوماليين يستخدمون طرقا وأجهزة تقليدية لا تلبي متطلّبات العصر الحديث، كما أنّ المطلوب توعية الصيادين الصوماليين على القوانين الدولية المنظمة لعمليات الصيد في المياه الإقليمية والدّولية مما يساعدهم على تجنّب خروقات وثغرات قانونية قد تحرمهم من ممارسة أعمالهم المتعلّقة بصيد الأسماك.
وبناء على ما سبق، يبدو أن سوق الأسماك بالصومال بحاجة إلى من يستثمرها حتّى تكون على مستوى طول ساحلها وتنوع أسماكها والّذي قد يرجع إلى تنوع البحار المطلّة على الصومال حيث يطلّها خليج عدن من الشمال، والمحيط الهندي من الشرق، لذا فإنّه ينبغي للشركات الخارجية المهتمة باستثمار سوق الأسماك بالصومال الإسراع في هذا المجال حتّى تعم الفائدة الطرفين، حيث إن الصومال ستزوّد الأسواق الخارجية بأنواع مختلفة من الأسماك النادرة كالقرش والتونة وغيرهما، وبالمقابل ستحصل على عائد مالي يساهم في تنمية اقتصادها أو على مشاريع تنموية تساهم في تنمية البنى التحتية لها.