بعد سقوط الحكومة المركزية دخلت الصومال في دوامة من الفوضى وحرب أهلية كان المسيطر عليها القبائل الكبيرة في الصومال، ونتيجة لهذه الحرب هاجر بعض الصوماليين الى الدول المجاورة ليقيموا في مخيمات النازحيين ، ثم تتابعت ظهور بعض الحركات التى تدعى صلتها بالدين, ومن ابرزها الاتحاد الاسلامي والمحاكم الاسلامية التي تخلصت من الميليشيات القبلية في المناطق الجنوبية ما عدا ولاية شبيلي السفلى لان قائد الميليشيات في تلك المنطقة اتذاك انشق عنهم لينضم الى ركب المحاكم الاسلامية.
ولكن في ظل الصراع السياسي القائم في البلد لم تستطع المحاكم الاسلامية حينئذ الصمود طويلا في حفظ المناطق التي سيطروا عليها بسبب ضعف سياساتهم وفشلهم في التوصل الى إتفاق مع الحكومة الفيدرالية . وعندما تولى الرئاسة الرئيس حسن شيخ محمود ظهرت فكرة تطبيق الفيدرالية داخل الأوساط السياسية مرة اخرى آملين ان تكون الحل الأمثل لجمع شمل الصومال المشتت في مخيمات النازحين ودول العالم بعد فشل جميع السبل الأخرى السلمية منها والحربية.
كانت أول ظهور للفيدرالية في الصومال أثناء الاستعمار الإيطالي لجنوب الصومال فى عام 1953 ، ويعتبر السياسي عبدالقادر زوبي من ابرز الاشخاص الذين ناشدو بتطبيق النظام الفيدرالي في الصومال تعبيرا منه عن رغبات سكان الولايات الستة فيما كان يطلق بجنوب غرب الصومال يومئذ. ولكن لم يتم الترحيب بفكرته وعارض الحكومة القايمة حينها بسبب عدم تقبلهم لهذه الفكرة وبذل اقصى مايملك في سبيل اقناعهم ولكن تم انهاء هذه القصة بارساله إلى السجن.
بما ان الصومال لم تعد دولة فعالة منذ إنهيار الحكومة العسكرية برئاسة الجنرال سياد بري في 1991من القرن الماضي ، استطاعت الدول المجاورة تشريع النظام الفيدرالي في الصومال وذلك بالتعاون مع حفنة من قيادة الفصائل فى مؤتمر الدوريت ، وهذه النوعية من الفدرالية تصب في مصلحة الدول المجاورة وليست في مصلحة الصومال ولم تكن الفدرالية اطلاقا خيارا للشعب انما كانت خيار هذه الدول والامم المتحدة والاتحاد الأوروبي ، مما يعنى ان النظام الفيدرالي القائم حاليا لايقدم خدمة للشعب ولا للدولة .
النظام الفيدرالي هو عبارة عن حكومة مركزية وحكومات فيدرالية تكون السلطات مقسمة دستوريا على مناطق الدولة بحيث يكون معتمدا من كلا الطرفيين وكل منطقة أو ولاية يكون لديها مجلس وزاري منفصل عن الحكومة المركزية يديرون أمور المنطقة بدون الرجوع الى الحكومة المركزية وهذه الحكم يكون كفيلا بتوزيع خيارات البلاد بين المناطق وإثبات كل حكومة لنفسها ، اما النظام الفيدرالي في الصومال فهوعبارة عن توليف محاصصة العشائر المعروفة اختصارا بــــ 4.5 الى النظام الفيدرالي حيث تسيطر القبائل الكبيرة على كل الحكومات الفيدرالية ، والقبائل المهمشة لم يحصلوا على حقوقهم رغم فدرلة النظام مما افضىى إلى تنافس ومشاحنات بين النظام المركزي وحكومة المناطق بدرحة ان وصلت إلى مقاطعة الأخيرة لإجتماعات الحكومة المركزية أو أي اجتماع يتم دعوته من قبل رئيس الحكومة ، وقد صرحوا مقاطعتهم بشكل علني وصريح مقاطعين بذلك علاقة الحكومة المركزية.
لم تستطع الحكومة المركزية في السيطرة على حكام المناطق الفيدرالية بسبب اختلافهم في وجهات النظر ، ليمتد خلافهم الى درجة ان أصبح حكام المناطق يعقدون مؤتمرات واتفاقات مع دول الجوار وتهميش دور الحكومة المركزية وتفاديا لمثل هذه الحوادث اصبحت الحكومة المركزية تحاول خلع حكام المناطق الحاليين وتبديلهم بحكام تابعيين لها ورفع شكوى ضدهم في الامم المتحدة بسبب تهميشهم دور الحكومة المركزية وهذا فيه تشتيت لجهود الحكومة وتبديد لأموال الشعب في نزاعات داخلية في حين يجب الاستفادة من هذه الأموال في تطوير الدولة ومرافقها وتغطية إحتياجات الشعب وتجنب هذا الخلاف .
في النهاية من الممكن أن نقول أن النظام الفدرالي لايناسب او يتوافق مع طبيعة المجتمع الصومالي الرعوي البدوي غير المتحضر.