للمرة الثالثة خلال شهور اجتمع زعماء كل من الصومال محمد عبد الله فرماجو ، وإثيوبيا آبي أحمد، وإريتريا أسياس أفورقي، يوم الجمعة الماضي في مدينة جوندر بولاية أمهرة في إثيوبيا، بهدف تعزيز نتيجة اتفاق التكامل الاقتصادى والسياسي والأمني بين دول الثلاثة الذى وقع فى العاصمة الإريترية أسمرة فى سبتمبر الماضى، بحسب مركز والتا للإعلام الإثيوبي .
ووفقا لوكالة الأنباء الإثيوبية “إينا”، بحث الزعماء آليات تنفيذ الخطة الاقتصادية التي وضعها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد قبل شهرين، والتي سيتم تنفيذها حسب مراحل كما تم الاتفاق عليه.
وأكد القادة الثلاثة على التزامهم بالعمل من أجل التعاون والسلام الإقليمى الشامل فى المنطقة، مرحبين بالرفع الوشيك للعقوبات المفروضة على إريتريا، لأهميتها فى تعزيز السلم والأمن لدول الإقليم.
كما شددوا على أهمية احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه واستقلاله السياسى، والتزامهم بدعم شعب الصومال والحكومة الفيدرالية ومؤسساتها.
وقرر الزعماء اجراء قمة مباحثات ثلاثية أخرى في العاصمة الصومالية مقديشو.
هذه اللقاءات المتكررة بين الزعماء الثلاثة آبي آحمد وفرماجو وأفورقي، فتحت الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول مغزى التحول الدرامي والتحالف الاستراتيجي بين البلدان الثلاثة، وعن أسبابه وأهدافه ومآلاته فى ظل تنوع واختلاف مصالح تلك الدول ، وما هو السر الذي يجعل الصومال أحد أهم أركان هذا التحول بالرغم من الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في الصومال واختلاف موقعه في الاصطفافات الإقليمية عن إثيوبيا وإرتيريا وكيف يمكن فهم قواعد اللعبة السياسية في منطقة القرن الإفريقي برمتها.
بدون مقدمات
حركت التحولات الكبرى التي شهدها إثيوبيا بعد انتخاب آبي أحمد رئيسا للوزراء في 27 مارس 2018 ، المياه السياسية الراكدة في منطقة القرن الإفريقي وفتحت آفاقا جديدة للعلاقات بين دول المنطقة التي ظلت منذ سنوات تتسم بالتوتر والمناكفة ولا سيما العلاقة الإريترية مع كل من إثيوبيا وجيبوتي والصومال.
فجاة استيقظت شعوب المنطقة برؤية قيادة هذه الدول تتعانق وتتصافح بحرارة ودون مقدمات ومفاوضات أنهت الصراع والنزاع بينها، بل وصل الأمر لحد توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية بين الدول الثلاثة الصومال ، اريتريا، إثيوبيا.
مفتاح السر
يعتبر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مهندس التقارب الصومالي الإثيوبي الاريتري ومفتاح سره، فالرجل أيقن استحالة بقائه على رأس هرم السلطة في إثيوبيا دون إحداث تغيير شامل في موازين القوى في بلاده، ودون اطلاق تحالف يعتمد على ثلاثة رؤية وهي :
1- انهاء مقاطعة ارتيريا ، وفك العزلة عنها ليستعين بها في مواجهة أي حراك ضده في منطقة التغراي الحدودية
2- فتح الموانئ الصومالية والإرتيرية أمام الصادرات والواردات الإثيوبية
3- تمكين الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو من حكم الصومال ودعمه في القضاء على حركة الشباب.
كسر العزلة
فارتيريا التي كانت تعاني منذ سنوات من العزلة والمقاطعة التقطت مشروع آبي آحمد بسرعة وتفاعلت بشكل لافت طمعا في أن يكسر عزلتها ويرفع عنها العقوبات المفروضة عليها منذ عام 2006 واستعادة موقعها الاقليمي والدولي وانعاش اقتصادها عن طريق فتح موانئها للاستثمار الخارجي، وفي المقابل تعهدت الرئيس الإريتري بدعم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في تعزيز نفوذه داخليا، وتخفيف العبء السياسي والأمني الذي قد تشكله قومية تغراي في الحدود بين إثيوبيا وارتيريا على حكومته والتعاون مع إثيوبيا لدعم الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو في القضاء على حركة الشباب.
هموم الرئيس فرماجو
لا يشغل بال رئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو التعاون مع اثيوبيا وارتيريا بقدر ما يشغله المحافظة على حكمه وبسط سيطرته على مفاصل الدولة ، فوفق معلومات سرية توجد مفاوضات بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الاريتري أسياس أفورقي والرئيس فرماجو لدعم الأخير من أجل ترسيخ دعائم حكمه من خلال ارسال قوات إثيويية واريترية إلى الصومال تشارك في القضا ء على حركة الشباب وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد إثر فشل الرئيس فرماجو في اقناع الأمم المتحدة وبعثة قوة الإتحاد الإفريقي في الصومال بإطلاق حرب شامل على تنظيم الشباب للقضاء عليه، وطي صفحته إلى الأبد. وفي المقابل ستفتح الصومال موانئها في خليج عدن والمحيط الهندي لإثيوبيا لتخفيف الأعباء الإقتصادية التي تتحملها جراء استخدامها مونئ جيبوتي والسودان.
التحدي الأكبر
موقف الدول الأخرى التي لها وجود عسكري في الصومال وخاصة جيبوتي وأغندا الرافض لدخول قوات أجنبية خارج اطار مهمة بعثة الاتحاد الإفريقي إلى الصومال، كان ولا يزال يمثل التحدي الأكبر للمشروع الإثيوبي – الإرتيري في الصومال، لما يشكله من تهديد على مصالحها السياسية والاقتصادية وما يمثل اخلالا في موازين القوى بالمنطقة، وكذلك يفتقر المشروع إلى دول تدعمه اقتصاديا وضوء أحضر من الولايات المتحدة والدول الأروبية المعنية بالشأن الصومال كبريطانيا وايطاليا.