زهرة الصومال…نافذة ثقافية
بل هي عطر يفوح على جنباتها أدب ومسك وريحان، هي نثر ثقيل على الميزان، وشعر جذاب للإنسان … وإنّها شمس أشرقت من شرق إقريقيا على الجزيرة وبلاد البابل وكند وكنانة الله في أرضه، عندما تسترجع قبسات من عبق التاريخ وحضارته العريقة في قالب الرواية وقصص الزمان الغابر، منطلقة من مهبط أدم وحواء ومنشأ الإنسان الأول … منطقة القرن الإفريقي – على حد تعبير برفسور محمد حاج مختار، ولفيف من المؤرخين وعلماء الآثار والحفريات – ومن خلال ابداعاتها الأدبية ورواياتها الرائعة جذبت أنظار كثير من القراء في العالم العربي تجاه القارة السمراء وبلاد بونت وممالك الصومال، مما يوحي بأنّ زهرة الصومال بمثابة نافذة ثقافية تطل على أرض العروبة عبر قلمها الساحر وخيالها الواسع متجملة بألوان الطيف من الأدب في غاية الروعة والجمال استحسنه القراء هنا وهناك عندما وطأت قدميها على الأرض بكل قوة وثقة .. وعسى أن لا يغيب ضوءها، لأنّها شمس أشرقت على الدنيا ومن ضيها توارى العتيم.
هي الكاتبة القديرة التي تغمرها الأضواء برواياتها الأخيرة، وكأنّها تصرح بعيداً مصرخةً بصوت عال: “سوف أهدم الجدار الثخين الذي يفصل بين وطني وباقي العالم “… ولكن فقط عبر كتاباتها الرائعة ورواياتها الباهرة ومداخلاتها الثقافية الجريئة… هذه الفتاة – بنت بارطيرا – في كبريائها وتمرّدها رفضت الخنوع والاستسلام رغم الظروف الصعبة والحالة الكئيبة التي تمر بلادها وخاصة أنّ وطنها اليوم في عمق البؤر السياسي والبؤس الاجتماعي، بل بلدها أكثر بقاع الأرض فقراً ومذلةً للإنسان، إلا أنها شامخة الرأس ورافعة الأنف ترفض الإهانة والمذلة، وتقرع الأجراس لكل الأجناس، منذرة – وقد أعذر من أنذر – لمن يقترب حماها ويغترف ماءها، فضلاً عمن يعتدي على شرف الوطن وكرامته، عندما دخلت في معركة الكتابة والرواية بكل شجاعة وثقة، ولا شك أنّ من تجاربها الفريدة التي دأبت عصفورة الزمان وإكليلة البيان على تدوينها في صيغة القصة والرواية برهنت بأنها من أرض الملوك والسلطنة – وما أكثر هذه الأرض خصوبة – ولكن قلّ من يغترف ويغتنم من معين أدبها الصافي… وأرجو أن لا يبقي جهود الأخت ورواياتها الباهرة في طي صفحات كُتبها بل ينبغي ترجمتها على أرض الواقع ونقلها إلى المسرح الإقليمي والعالمي، إذا كنا ندرك أهمية ذلك وما تعني الكاتبة ومحالتها في استخراج كنوز الأجداد وميراث الأوائل والتي بدلت الأخت جهوداً جبارةً دون أن تتيه في عبور ذلك حقبات من سيرة الأجداد وملوك غابرة حتى لا يختلط الحابل بالنابل، لأنّه مما لا شك فيه بأنّ زهرة الصومال وبهجتها تألمت كثيراً بتلك الأقلام القسيسة التي أساءت بلدها الصومال أكثر من مرة بعد قرآءتها بعيون تدمع وقلب يلمع، وبالتالي لم تزحزح من ثقتها وما كانت تكنّ لبلدها من حب ومودة من تلك الشماتة الشنيعة، لأنّها تستأنس بترديد ذكرياتها الماضي الذي أثّر في النسيج الذي منه صنعت طفولتها في أرض الأمجاد والحضارة، وليس من الغرابة إذا قرأنا كتابتاتها في بعض الفترات من التمرد والعصيان والتحدي البارز، فضلاً من أنّها برهنت بأنّ الصومال ليس مجرد حروب ومجاعات، وإنّما علم وثقافة، تاريخ وحضارة….
حب الكتابة ودورها في تطوير الثقافة وتقدم العلمي:
في بيت كـ “بيت أستاذ جامعي ” غالباً ما تتزاحم القرآءة والكتابة وكل ما له علاقة بتكوين الطفل وتربيته على أحسن الحال، لأنّ المثقف يعرف بأنّه لا يمكن أن تستقيم حياة الإنسان الثفافية والعلمية دون إجادة القرآءة والكتابة، ومن هنا قد قدر الله للكاتبة زهرة مرسل عمر أن تنشأ نشأة حسنة في بقعة إقرأ، و” ن، والقلم وما يسطرون“، مهبط الوحي، البلد الأمين، مكة المكرمة، وخاصة في بيت توفرت لديه أغلب العوامل التقدم العلمي مع الرعاية الكاملة من قبل أبوين كريمين، أبٌ كريم وأمٌ رحيم (رحيمة وحنونة رحمها ا لله)، وهو الأمر الذي ساعدها لتصل إلى النبوغ العقلي والنضوج الفكري، حتى كان يحسّ كلُّ من كان حولها بأن الفتاة لها مستقبل ومكانة كبيرة في عالم الكتابة منذ كانت صغيرة تذهب في المراحل الابتدائية للتعليم، ولاسيما عند ما كانت في الصف الخامس الابتدائي، وقد لاحظت معلمتها في الفصل بأنها فريدة، وأن أسلوب كتابتها مميز وسلس. وهكذا تطور مستواها حتى نالت اعجاب الجماهير بكتاباتها بل وتفاعل معها بكل تقدير واحترام، ولم يخف على الكتابة زهور بهذا الأمر بحيث أحسّت ما يجري حولها ومدى مستوى الثقافة والأدب وحركته في عالمنا العربي بحيث موقعها وحضورها في الميدان. وعلى الرغم من أنّ كاتبتنا الأستاذة زهرة احدى النماذج الحية من طيورنا المهاجرة من بنات جنسها في بلاد الصومال وغيرها في مجال الكتابة والابداع الأدبي إلا أنّها لم تكن وحيدة في الميدان من حيث الابداع والمشاركة الفعّالة، باعتراف الكتابة نفسها على ذلك الأمر في احدى مقابلاتها الثقافية التي تمت معها، بل وترى “المرأة الصومالية بارزة ومتميزة في كافة المجالات التي تقرر أن تخوضها… وأن الأصوات النسائية في هذا المجال لم تكن أبداً قليلةً، بل هي في زيادة مستمرة وتأثيرها قوي وفاعل في أرض الواقع. ثمة أكثر من اسم لنساء صوماليات نجحن على الصعيد العالمي في الرواية والشعر…ألخ“. وعلى سبيل تطوير والكتابة في الصومال أخذت الكاتبة زهرة دوراً كبيراً في تشجيعه من حيث رفع زيادة عدد دور النشر والتوزيع الصومالية وتفعيلها حتى يرتفع عدد الكتاب، وبالتالي تتحرك عجلة الإنتاج والاستهلاك في هذا المجال.
تشجيعها في القرآءة والإبداع الأدبي:
وعبر محاضراتها ومقابلاتها الثقافية والأدبية بدلت الكاتبة جهوداً جبارةً في سبيل رفع المستوى الثقافي وبالذاب في مجال القرآءة والكتابة واقتناء الكتب، وقد ركزت الكاتبة الفئة الناشئة ليس في القطر الذي تقيم فيه وإنما أقطار أخرى في عالمنا العربي، وعلى سبيل المثال بعثت الكاتبة عبر الأثير بعض مقاطع ثقافية تحثّ فيه الكاتبة الحرص على القرآءة واقتناء الكتب، وهذا المقطع عبارة عن برنامج تصويري قامت الكاتبة زهرة مرسل عمر دعوة لأخوانها وأخواتها من أبناء الجالية الصومالية في الكويت للمشاركة في نادي القراءة لاتحاد الطلبة الصوماليين في الكويت … وحرصاً لأهلها وأبناء بلدها أوصت العصفورة جميع الجالية الصومالية بأن يكونوا أعضاء لهذا النادي.