تتوالت الأنباء في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة الماضية حول محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا والتي نفذتها مجموعة من الجيش قاصدين بذلك الاطاحة بالرئيس الحالي لجمهورية تركيا رحب طيب أردوغان الامر الذي لم تعهد به تركيا في السنوات الأخيرة.
وبعد ظهور تلك الانباء في الساحة الاعلامية وانتشارها في وسائل التواصل الاجتماعي تباينت ردود أفعال متلقي هذا الخبر في العالم ما بين متضامن مع تركيا وواقف معها وملتزم بالصمت معتبرا شانا داخليا تركيا يخص تركيا والاتراك .
وفي خضم هذه الردود المختلفة تضامن مع تركيا ورئيسها دولا وشعوبا بكاملها، وكان من بين تلك الدول والشعوب دولة الصومال وشعبها الابي حيث كان الشعب الصومالي في صدارة من تضامن مع تركيا ووقف بجانبها واستنكر هذا الانقلاب.
وكان هذا جليا مما لوحظ من وسائل التواصل الاجتماعي منذ الساعات الاولى من محاولة الانقلاب الفاشلة من تغريدات شديد اللهجة والتي تندد ذلك الفعل الشنيع المناهض للشرعية الديموقراطية واستخدام علم تركيا والصورة الشخصية للرئيس أردوغان كخلفية لحسابات كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي” الفيس بوك بالأخص” معبرين بذلك تضامنهم مع الشعب التركي ، كان هذا في الليل.
أما صباح هذا اليوم فافتتحت مقديسو -العاصمة الصومالية- أعينها بمظاهرات حاشدة يدفعها الحس الأخوي الناصر للحق والشرعية الرافض للظلم ، وكان المتظاهرون يلوحون العلمين الصومالي والتركي صائحين بعبارت يندّدون الانقلاب والانقلابيين من جانب ويشيدون بموقف الشعب التركي ووقوفه امام الظلم والظلمة من جانب آخر ، واجتمع المتظاهرون في ميدان “الجندي المجهول” بالعاصمة مقديشو، هذا من جانب الشعب الذي يقول بلسان حاله :
اينما ذكر اسم الله في بلد :: عددت أرجاءه من لب أوطانيا .
أعقب ذلك بيان صحافي صدر عن مكتب رئاسة الجمهورية الصومالية أن الرئيس حسن شيخ محمود ينتقد بشدة المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا والتي حاولت زعزعة الاستقرار والعملية الديمقراطية في تركيا وفق ما جاء في البيان كما أوضح أن الصومال تدعم الحكومة التركية المنتخبة ديمقراطيا بقيادة رجب طيب أوردغان مؤكدا رفضه الكامل للمحاولة الإنقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا، متمنيا لتركيا حكومة وشعبا بمواصلة العملية الديمقراطية ودعم الشرعية وقال الرئيس في تصريحه الصحفي بالحرف الواحد : إن الإنقلاب على الديمقراطية في تركيا أمر غير مقبول .
لم تكتف الصومال بهذا القدر وانما ارسلت وفدا رسميا وآخر شعبيا الى السفارة التركية في مقديشو ليؤكدوا لتركيا ان الصومال شعبا وحكومة متضامنة مع تركيا وواقفة بجنبها بالنفس والنفيس، ولم لا ، وتركيا شعبا وحكومة تستحق منا أكثر من ذلك ، فبالامس القريب وفي حالة حظر بعض من وكالات الامم المتحدة السفر الى الصومال زار الرئيس الحالي اردوغان بصفته رئيسا للوزراء الى الصومال ، اضف الى ذلك أن تركيا استثمرت لتساهم في استقرار الصومال واستعادة عافيته من ويلات الحرب ولم تنتظر الاستقرار حتى تستثمر كما أنها ارسلت مواطنيها الى الصومال ليديروا اعمالها المختلفة في الصومال في حين فضّل شركاء دوليون ادارة أعمالهم من الخارج.
من جانب آخر لم ينس الشعب الصومالي مقولة رئيس جمهورية تركيا التي قال فيها : تركيا قوية بما يكفي لمساعدة كل من سوما والصومال ، وذلك ردا على الانتقادات التي وجهت لحكومته – على خلفية انفجار منجم في مدينة سوما التركية- بأنها فشلت في توفير المساعدات في الوقت المناسب لضحايا الانفجار المنكوبين.
كل هذا وغيره ينبئ عن اوصر العلاقات الوطيدة بين الشعبين الصومالي والتركي ،وعن الدوافع التر تدفع كلا الجانبين الى التقارب من الآخر ، فالعلاقات الثنائية بين البلدين ليست وليدة اليوم وانما تضرب جذورها الى القرن السادس عشر في العصر العثماني وخاصة في عهد السلطان سليمان القانوني الذي أوصل الدولة العثمانية الى اوج سلطانها وفي عهده توسعت رقعتها الجغرافية وحكم ما بين 1520-1566م .
ويدفع كل من البلدين العقيدة المشتركة التي يؤمن بها كل من الشعبين اضافة الى دوافع أخري.
فمجموع تلك الامور تنادي بصوت عال الى تكاتف الشعبين ومقاسمة الافراح والاتراح وتشييد موقف الشعب التركي ونزوله الى الشوارع ابيا عزيزا شامخ الرأس مكرما غير مهان ( وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان ) ، وليس لنا أن نقول للشعب التركي الّا كما قال الشاعر منصور ابو مصطفى :
دفعْتَم كُلَّ رزيَّة حلّتْ بكمْ :: بعزيمةٍ قد ذوّبَتْ أحقاداً
أتركيا بثّي الزهور وقبّلي :: فالوحدةُ الكبرى غدتْ ميعادا
ها انتم ببيتِ العزِّ قادةَ أمةٍ :: تتعانقونَ أخوةً ووِدادا
وعلى الجميع يضوعُ عطرَ محبةٍ :: وبشاشةٍ غمرتْهُمُ إسعادا
وأخيرا فالشعب الصومالي والتركي جزء لا يتجزأ ووحدة واحدة لاتنفك عن الاخرى ، ونقول لهم من شرق أفريقيا من الصومال :
نكون كروح بين جسمين قسمت :: فجسماهما جسمان والروح واحد