قلّما أكتب عادة حول المواضيع السياسية وما له صلة بأوضاع الصومال السياسية، لعدم خبرتنا في ذلك المجال، بيد أننا على أعتاب التغيير السياسي الذي ينتظره الجميع في شهر أغسطس أو سبتمبر القادم من هذا العام – إذا كان هناك مؤتمر وخلصت النيات -ومن هنا أحببنا أن نشارك أمتنا همومها السياسية وتفكيرها الوطني، فكل مواطن ومواطنة ينتظر تغييرا جذريا يطرأ على الساحة السياسية الصومالية سواء في النخب السياسية أو في التفكير السياسي العامّ بالبلاد، حتى تتمكن الصومال من الوصول إلى برالأمان من خطر الإرهاب وتلاعب الأجانب، ، ومن وحل الفساد السياسي والمالي الذي أغرق الوطن وأفسد الحياة العامة والخاصة.
ويقال ” التاريخ يعيد نفسه” إن صح التعبير.. وقبل 16 عاماً كتبتُ مقالاً عنونته ” من يقود الدولة التي نريدها في الصومال القادم ” في جريدة القرن الجيبوتية في عددها 166 بيوم الخميس 11 ربيع الثاني 1421هـ الموافق 13 يوليو عام 2000م، وفي تلك الفترة كان هاجسنا يدق على ناقوس خطر أمراء الحرب ومعاونيهم في الداخل والخارج ، بعد تخريبهم وتدميرهم للبلاد قرابة عشر سنوات متتالية، وكان أمل الأمة معقودا في مؤتمر عرته الذي نادى به فخامة رئيس جيبوتي السيد إسماعيل عمر جيلي حفظه الله لعودة هيبة الدولة الصومالية وبريقها الوطني من جديد، ولاستئناف النظام والانضباط في حياة المجتمع المنقسم على نفسه بالقبلية. ويؤسفني أننا ما زلنا حتى اليوم ننشد تلك القيادة ونجعل مقالنا هذا في البحث عن القيادة الني تصلح لتكون ربان سفينتنا في مستقبلها السياسي بعد ردح من الزمن رغم رؤساء وأنظمة توالت على قيادة البلاد منذ عام 2000م عندما انبثق مؤتمر عرتي بحكومة أصبح قادتها وصناع قرارها من السياسيين الذين لا علاقة لهم بأمراء الحرب وقادة القبائل – ما عدا قيادات جيش قبائل الرحنوين للمقاومة RRA وعلى رأسهم الولونيل حسن محمد نور حسن المشهور بشاتي غذود – أي صاحب القميص الأحمر- والذين اشتركوا آنذاك في المؤتمر المشار إليه في حين رفض غيرهم من الفصائل والجبهات وإدارة أرض الصومال وبونت لاند.
ومن هنا سوف نسلط الضوء من خلال عدة حلقات متتالية على تلك السمات والصفات المطلوبة في القيادة المرجوة لتقود البلاد والعباد وتخرج محنتها من عنق الزجاج وتوصلها إلى الحرّية والكرامة التي كنا نعيش فيها في قديم الزمان. والنخب السياسية التي نتمنى اختيارها، سواء في المجالس السياسية الفيدرالية أو المجالس المحلية الأخرى في الأقاليم والمحافظات – ما عدا المناطق التي تقع تحت سيطرة جمهورية أرض الصومال المعلنة من جانب واحد، وكذلك إدارة الخاتمة وحركة الشباب المجاهدين، بحيث رفضوا اللحاق بتلك المائدة السياسية.
والإنسان الصومالي ينبغي أن لا يستبد بحياته اليأس والقنوط، بل ينبغي أن يغلب على حياته التفاؤل والبحث عن الحلّ النّاجع لأزمتنا المعاصرة، وسبل النجاة إلى برّ الأمان وأمام العقبات والمشاكل التي تتكالب على الساحة الصّوماليّة منذ انهيار الدولة قبل 26 سنة، مع اليقين أن الطريق ليس مفروشاً بالحرير والورود، وأنّ الأزمة لها جذور عميقة. وإذا كان أمراء الحرب ومعاونوهم بالأمس قسموا الأمة كتلاً، فإنّ قادة اليوم على مستوى الوطن الكبير جعلوا عراقيل بين المجتمع عندما شرعوا في وضع حواجز وحدود ما أنزل الله بها من سلطان.
ورغم تركيزنا هنا على ” القيادة التي نريدها أن تقود البلاد والعباد ” إلّا أنّنا سوف نضطر إلى الاعتراف مسبّقاً بأنّ البحث عن الحلّ المناسب للأزمة الصوماليّة لا يكمن فقط في إيجادأفراد بأعينهم دون برنامج محدد وواضح المعالم في قالب نظام يضمن للجميع الوصول إلى استقرار سياسيّ يسهل العيش الكريم والحرّيّة المطلقة، بالإضافة إلى آليّة تحافظ على تطبيق هذا النظام المتفق عليه، ولا شك أنّ من أهم هذه الآليات تلك القيادة الحكيمة التي لا تتسبب في زعزعة مكتسبات الأمة والإضرار باستقرارها ووحدتها الوطنيّة ، بل تقاوم كل الرّياح الهوجاء التي تمسّ حرّيّة الأمة وكرامتها التي وهبها الله سبحانه وتعالى أزليّاً.