باءت جميع المحاولات الداخلية، والمساعي الاقليمية والدولية لإقناع بونت لاند بالعدول عن موقفها الرافض لقرار الحكومة حول النظام الانتخابي في الصومال بالفشل.
بررت بونت لاند موقفها بأن القرار الحكومي اعتداء سافر على الدستور المؤقت والذي ينص على أن تكون انتخابات عام 2016 بانتخابات شعبية مباشرة، وبأن نظام 4,5 تكريس للمبدأ القبلي الذي ساهم في اطالة أمد الأزمة الصومالية.
وبالتالي يتساؤل كثيرون ماذا سيكون مصير العملية السياسية مع اقتراب الانتخابات التي لا يفصلنا عن موعدها سوى أقل من سبعة أشهر ؟ هل ستشارك بونت لاند في الانتخابات أم ستقبى على موقفها وتجرى الانتخابات البرلمانية من دون المناطق الشمالية ( صومالاند) التي أعلنت انفصالها عن باقي الصومال عام ١٩٩١ والمناطق الشمالية الشرقية ( بونت لاند) ؟ أم أن بونت لاند ستتنازل عن موقفها وستقبل طوعا أو كرها اجراء الانتخابات وفق نظام 4,5؟
نظرا للمطيات المتوفرة على الأرض فالخيارات أمام الفرقاء السياسين محدودة ولم تبق أمامهم سوى الخيارات التالية:
1- تأجيل الانتخابات البرلمانية، وتمديد فترة ولاية البرلمان الحالي لمدة عامين، وانتخاب رئيس جديد للبلاد يحكم لمدة عامين ولديه سلطات وصلاحيات محدودة تتمثل في اعداد انتخابات برلمانية مباشرة يراقبها المجتمع الدولي، يختار الشعب ممثليه بحرية ونزاهة وعلى أساسي حزبي بعيدا عن المحاصصة القبلية ونظام 4,5 الذي ضاز حقوق بعض الفئات والعشائر.
2- اجراء الانتخابات البرلمانية دون مشاركة بونت لاند وهذا الأمر ستترتب منه عواقب وخيمة لاتحمد عقباها، وسيكون مصير وحدة البلاد على المحك، ولا يمكن الاستبعاد أن تلحق بونت لاند باختها صومالاند وتعلن انفصالها تماما عن باقي البلاد.
صحيح فبونت لاند جزء أساسي من العملية السياسية الصومالية، وأن سكانها لا يقبلون الوحدة بديلا، لكنهم يشكون من ظلم ذوي القربى ومن سياسات خاطئة تمارسها بعض الجهات والتي قد تدفعهم في نهاية المطاف إلي إعادة النظر في علاقتهم مع مقديشو والتي لا تربطهم اليوم سوى العلم والعاصمة، ولذلك ينبغي تدارك الموقف قبل انفلات زمام الأمور ونصل إلي هذا الحال المأساوي؛ لأن وحدة الصومال مقدسة، ولا يمكن المساس منها، ويجب على الجميع الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يأثر سلبا على وحدة البلاد وتماسك شعبه.
يقع على عاتق الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء عمر عبد الرشيد شارماركي مسؤولية كبيرة ويجب عليهما اتخاذ الإجراءات اللازمة والكفيلة بتصحيح المسارات الخاطئة وبإقناع سكان بونت لاند، والعمل من أجل اعادتها إلي حظيرة البيت الصومالي الذي يتسع للجميع.
3- ممارسة مزيد من الضغط على بونت لاند وارغامها على تليين موقفها تجاه المسار السياسي في البلاد والموافقة على النظام الانتخابي الذي قبله معظم الفرقاء الصوماليين كما حدث لإدارة جوبالاند. وأن رئيس إدارة جوبالاند أحمد مدوبي يمكن أن يلعب دورا كبيرا في تغيير موقف رئيس بونت لاند عبد الولي غاس الذي يعد صديقا مقربا له .
وفي حال حدث هذا الأمر، ونجحت تلك الضغوط في قلب الموازين، وقبلت بونتلاند المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وعلى نظام المحاصصة القبلية – وهذا أمر متوقع- فانه لن يكون الا حلا مؤقتا قد يعمق هوة الخلافات بين الأفرقاء السياسين الصوماليين، ويجر البلاد إلي هاوية محتملة يفرح بها العدو الاقليمي، ويحزن لها الصديق والشقيق.
4- ايجاد حل وسط: لا بد من التأكد أن ايجاد حل سياسي وسط أمر ضروري لتفادى مزيدا من المشاكل السياسية التي لا يستطيع البلاد تحمله وبالتالي ينبغي البحث عن حل توافقي يحظى برضا الجميع، ويمثل سلما طويلا يساعد عبد الولي غاس رئيس إدارة بونت لاند في النزول عن الشجرة الطويلة التي اعتلاها بعد اعلان رفضه القاطع عن اجراء الانتخابات مقاعد مجلس النواب ( الغرفة السفلى للبرلمان) بنظام المحاصصة القبلية 4,5، وقد يكون هذا الحل إما بتأجيل الانتخابات أو اجراء تعديل بسيط في قرار الحكومة يسمح بإلغاء انتخابات الغرفة العليا للبرلمان واجراء انتخابات الغرفة السلفى ( مجلس النواب) بنظام مختلط يمزج بين نظام المناطقية والإدارية ونظام المحاصصة القبلية.