لقد تعوّد الصوماليّين على رؤية قادتهم يتحرّكون وفق اشارة البعثات الدبلوماسيّة الاجنبية فهم الّذين يخطّطون للاستراتيجيّات ويرسمون السّياسات العامّة للدّولة أصبحت تلك المشاهدمألوفة لدى الجميع هنا ولم تعد غريبة او مستهجنة
لقد رأينا مؤتمرات خارطة الطّريق 2012 بقيادة اوغستين ماهيغا تمت فيه المصادقة على دستور انتقالى الكلّ كان يثمّنه ويعتبره ركن ومرجعيّة عليا ليتّضح فيما بعد أنّه لا تخلو صفحة من صفحاته على تناقضات تدفع التّساؤل : أين كانت النخبة والسّادة المستشارين عند صياغته ولماذا عجز أحدهم من قراءة بضع صفحات من كتيب بهذا الحجم من الأهمية؟ ام أنّ العقل الصومالى لم يعد بامكانه فهم لغة القانون أم أنّه لا يبالى بها ولا يروق له ذالك اصلا؟
فى غضون بضعة أيّام كانت قراءة الدّستور تلقى على مسامع المشركين فى المصادقة على الدستور الانتقالى فى مقرّ أكاديميّة الشّرطة بمقديشو للمصادقة على الدستور ومعظمهم شيوخ قبائل قادمين من مختلف المناطق الصوماليّة , عدم المامهم بمفردات القانون ناهيك عن فهمه جعلهم غير قادرين على النّقاش الّا فى صغار الأمور ما دفعهم فى الآخر الى مصادقة جماعيّة على كلّ البنود بعد تسعة أيّام من الحضور
المكتب الأممى فى الصومال عادة يحتفظ بتفاصيل المؤتمرات بين الجهات الصوماليّة بل ويكتب أجندات المؤتمرات قبل أيّام من انعقادها من غير أن يضطرّ الى تغيير سطر واحد قبل الاختتام
ونظرا لحساسيّة الظّرف الرّاهن فانّ المجتمع الدّولى بزعامة الأمم المتّحدة يحاول تصوير نفسه كمسهّل وراعى وليس ممليا ومتنفّذا , من هنا بدأ طاقم الأمم المتّحدة يقللّ من الظّهور فى الجلسات او التّدخّل فيها لايمانهم بأنّ المبادرة ستعود بأيديهم لامحالة ريثما تستعر الخلافات وتنسدّ الآفاق على المتحاورين وهو أمر مؤكّد الحدوث, هذه الاستراتيجية المدروسة نجحت الى حدّ كبير فمع فشل مؤتمرات التّشاور فى كلّ من مقديشو وكسمايو والانهاك الّذى أصاب جميع المشاركين يبدأ الجميع فى الاستنجاد بالمبعوث الجديد ليأتى بالقول الفصل
تميّز مؤتمر كسمايو ب:
- الممثّل الأممى الجديد لم يزاول عمله فى الصومال بعد , لذالك لم يشارك فى الجلسة , هذاالغياب قديكون مقصودا لارسال رسالة مفادها أنّ الدّيبلوماسيّة الأممية غير سعيدة بمسار العمليّة السّياسيّة وقد يكون لعلمهم مسبّقا بنتيجة المؤتمر
- كما أنّ بعض الوفد رفيعة المستوى مثل وزير خارجية اثيوبيا جاءت الى كسمايو فى الوقت المحدّد 10 يناير فى وقت كان الرّئيس منشغلا بافتتاح مؤتمر انشاء ولاية هيران وشبيلى السفلى ممّا أجبرهم على العودة على ادراجهم قبل أن يتمكّن الرّئيس من الوصول بعد يومين من الميعاد
- مبادرة احمد مدوبى لمنع الأعلام الاقليميّة والاحتفاظ فقط بالعلم الصومالى الأزرق ذى النّجمة الخماسية البيضاء لم تكن كافية لاذابة الجليد ورأب الصدع بين الجهات المشاركة
- البعض يردّد أنّ رئيس جوبا احمد مدوبى طلب من البعثات الأجنبية مغادرة القاعة ليكون اللّقاء صوماليّا بحتا لكنّه اتّضح أنّ معظم الدّبلوماسيّين الأجانب غادرو المدينة قبل افتتاح المؤتمر كما ذكرنا
- خلال المناقشات بدى رئيس البرلمان جريئا وعلى غير العادة حيث طرح فكرة التّمديد
- المجتمع الدّولى لا زال يتحفّظ على اوراقه وربّم سيكشفها فى الجولة القادمة
ما الحلّ؟
أنصار كلّ من نظام التّعيين على أساس القبيلة والتّعيين على أساس التّمثيل الاقليمى استنفذو جميع أوراقهم كما ان الحكومة الفدراليّة فشلت هى الأخرى فى اقناع الطّرفين بحلّ وسط يجمع بين النّموذجين باتّباع النّظام الأوّل فى تعيين أعضاء مجلس النّوّاب والثّانى عند تعيين مجلس الشّيوخ المزمع تأسيسه
بعض الأوساط تقترح تمديد فترة البرلمان لسنتين اضافيتين على أن ينتخبو رئيس البرلمان وبعدها رئيس الجمهوريّة لاختزال الوقت والمال أوّلا ولكى يقودو الوطن الى انتخابات حرّة ثانيا
هذا الاقتراح الّذى يستثنى الرئيس حسن والسّيد جوارى قد تثير غضبهما , كما أنّ الولايات الاقليميّة تنتظر تغيير مّا بفارغ الصّبر على أمل احداث التّأثير فى المجالس الحكوميّة القادمة
البعض الآخر يذهب الى امكانيّة اجراء التّمديد لكلّ الهيئات الحكوميّة ما عدا رئاسة الوزراء , ينصّ المقترح على تعديل فقرة رئاسة الوزراء حيث تسمح للنّواب بانتخاب رئيس حكومة ذو صلاحيات واضحة قادر على العطاء لاجتياز المرحلة.
محمود عيسى فارح