يمثل الشباب الفئة الأكثر عددا في المجتمع الصومالي ، و تقدر نسبة الشباب في الصومال بما يزيد عن ٧٠٪ وفق احصائيات الأمم المتحدة.
يعيش هؤلاء الشباب في ظروف بالغة الصعوبة، تهدد مستقبلهم وتدفعهم الي البحث عن بدائل أخرى توظف طاقاتهم وتشبع احتياجاتهم الاساسية، الزواج والوظيفة وتحقيق الذات.
لم يعد الشباب الصومالي اليوم تنفعه أنماط الحياة السائدة في البلاد التي تعود الي القرن الماضي. لقد تأثر بنمط الحياة في الغرب، ولم تعد تنفعه ممارسة المهن والأعمال الذي كان ابوه يمارسها في الثمانيينات والتسعينات من القرن الماضي، ولم يعد كذلك مقتنعا بالظروف السياسية والأمنية التي عاش في كنفها آباءه وأجداده.
يتطلع الشباب الصومالي الي دور شخصي يناسبه في نطاق الاهداف التي يصبو الوصول اليها، ويطمع لمستقبل اكثر اشراقا يتوائم مع اتجاهاته وافكاره والي أجواء حرة تفسح له المجال في تطبيق النظريات والافكار التي يدرسها في المعاهد والجامعات أو التي يشاهدها عبر القنوات الفضائية.
ولتحقيق هذا الهدف يفعل الشباب كل شيئ. لا يستطيع نظرا لطبعية المرحلة العمر ية التي يمر بها، كبح جماح شهواته ورغباته وان ينهي نفسه عن غيها وبالتالي يكون في تهديد دائم بالانحراف والوقوع فريسة لأفكار ضالة تقوده الي الهلاك والانزلاق نحو العنف والتطرف أوممارسة اعمال تهدد أمن البلاد والسلم الاجتماعي مثل السرقة والنهب والانضمام الي الشبكات الإجرامية؛ لأنه يفتقد جهات مسؤولة تراعي ظروفه وتوظف طاقاته بشكل ايجابي .
فعلى سبيل الميثال فالشاب الأشعث الأغبر الذي يحمل الكلانشكوف على كتفه ويقف في الطرقات لإيذاء المارة وعابري السبيل لا يفعل ذلك الا لإشباع شهواته وتحقيق رغباته المتمثلة في الحصول على حزمة القات وعلبة سيجارة.
وكذلك الحال بالنسبة للشباب الذي يمارس القرصنة في البحر أويقتحم عباب البحر للوصول الي أوروبا . فهؤلاء الشباب لم تسول لهم أنفسهم بهذه الاعمال الا بعد ان فقدوا الأمل والعناية التي كانوا يحتاجون اليها والمستقبل الباهر الذي كانوا يتطلعون اليه لتجربة ابداعاتهم وافكارهم، ولم يتبق لديهم سوى اللجوء الي تلك المخاطر دون مبالاة عواقبها ونتائجها السيئة التي لا تقتصر على حياتهم، بل على مستقبل المجتمع بأسره.
قصرت الحكومة بحق الشباب وفشلت في تربيته والتوفير له كل العوامل المساعدة في توجيه طاقاته نحو الاستخدام الأفضل والأمثل.
فشلت الحكومة في تلبية طموحات الشباب الصومالي المعاصر التي لا تتعدى الحصول على التعليم والوظيفة وضمان عيش محترم واجواء حرة يمارسه فيها نشاطاته اليومية.
يجتاج الشباب الصومالي الي مكتبات عامة تتوفر فيها الكتب التي تثري الفكر وتحيي النفوس يقضي فيها ساعات الفراغ ويجمتع على هوامش صفحات كتبها مع رجال الفكر الكبار والمبدعين العظماء الذي سطروا أروع الأمثلة في الإبداع والتفكير المستنير.
يحتاج الشباب الصومالي الي مراكز ثقافية ومنتديات شبابية ومنابر حرة تحميه من الضياع، يتبادل فيها الآراء مع اقرانه ونظرائه ويتفاعل مع المفكرين والمثقفين الصومالين العظماء ليتخذهم نموذجا ومركز الهام في مسيرته العلمية وشق طريقة نحو المستقبل الأفضل.
يحتاح الشباب الصومالي الي دوائر ومكاتب حكومية تفتح له الابواب ليتدرب فيها ويطبق فيها النظريات التي يدرسها في المعاهد والجامعات ويعيش مع الاحداث بشكل حي ومباشر .
يحتاج الشباب الصومالي منتزهات وحدائق جميلة يتفسح فيها ويقضي فيها الاجازة والعطلات ويأخذ منها سيلفي ينشره على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي ليعكس الحياة الجميلة التي يعيش في كنفها.
يحتاج الشباب الصومالي الي من ينظم له الرحلات الاكتشافية الي المناطق الزاعية والريفية خارج المدن ليرى المناظر الخلابة ويقف على حقيقة الموارد الطبيعة التي يملكها بلاده.
الشباب الصومالي وطني بامتياز ، لن يتردد في المساهمة في بناء الوطن والدفاع عن سيادته وكرامته، ولا ينتقصه اليوم القيام بهذا المسؤولية سوى شعوره بخيبة الامل تجاه القيادات العليا وسلوكياتهم تجاه مستقبل الوطن. وبالتالي يجب على الحكومة خاصة الجهات المسؤولة عن رعاية الشباب وتنميته تغيير استراتيجياتها تجاه الشباب بغية الاستفاذة من طاقاته في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن.