تبلورت بوادر النزاع الحدودي البحري بين الصومال وكينيا في عهد الرئيس شريف شيخ أحمد، عندما حاولت الحكومة الكينية في تلك الفترة توقيع مذكرة تفاهم حول الحدود البحرية مع الحكومة الانتقالية بزعامة رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد علي شرماركي في نيروبي إلاأن البرلمان الصومالي آنذاك رفض تلك الاتفاقية والتي اعتبرها بأنها أداة كينية لنهب مناطق بحرية صومالية وتشكل تهديدا على سيادة الصومال.
تدخل القوات الكينية في الصومال
يعتقد المحللون أن كينيا قررت التأثير في القضية الصومالية سياسيا وأمنيا لتحقيق أطماعها الاقتصادية المتمثلة في محاولة اقتطاع منطقة بحرية في المياه الصومالية والتي يصفها الخبراء بأنها منطقة غنية بالثروة السمكية والثروة النفطية، وهو الذي أدى إلى تدخل القوات الكينية في الصومال في عام 2011، تحت ذريعة محاربة حركة الشباب للحفاظ على أمنها القومي، ويعتقد بعض المحليين أن التدخل الكيني في الصومال في عام 2011 كان يمثل تمهيدا لإطماعها الاقتصادية.
ظهور النزاع
ظهر النزاع حول الحدود البحري بين الدولتين مباشرة بعدما حددت كينيا ثمانية امتيازات بحرية مطروحة للترخيص، يقع سبعة منها في المنطقة المتنازع عليها في عام 2012، حيث بدأت شركات دولية القيام بعمليات التنقيب بعد تعاقدها مع الحكومة الكينية، وهو ما أثار امتعاض الحكومة الصومالية والتي طلبت من الشركات الدولية العاملة في التنقيب في المنطقة المتنازع عليها الانسحاب من المنطقة التي تقع في المياه الصومالية، ووفقا لمسؤولين حكوميين، توقفت الشركات الدولية من عمليات التنقيب في المنطقة المتنازع عليها غير شركة “إي أن آي” الإيطالية والتي رفضت وقف عمليات التنقيبت، مما دفع الصومال إلى تقديم شكوى ضد هذه الشركة إلى الحكومة الإيطالية للضغط عليها لوقف أعمالها التنقيبية في المياه الصومالية التي تتعارض مع القوانين التي تنظم الحدود البحرية، إلا أن روما لم ترد على طلب الحكومة الصومالية.
بدء المفاوضات
توجهت الحكومة الصومالية إلى بدء مفاوضات مع نظيرتها الكينية لحل النزاع الحدودوي البحري بين الدولتين عبر المفاوضات والقنوات الدبلوماسية وبدون تدخل أية جهات خارجية، إلا أن الحكومة الصومالية أعلنت فشل المفاوضات بينها وبين الحكومة الكينية بشأن النزاع الحدود ي البحري، ورفعت إلى محكمة العدل الدولية شكوى ضد كينيا في ٢٨ من شهر اعسطس ٢٠١٤، بهدف حسم النزاع بين الدولتين بواسطة المحكمة الدولية.
أسباب النزاع
أرجع الخبراء والمحللون النزاع الحدودي البحري بين الدولتين إلى الثروة السمكية والنفطية المتواجدة في المنطقة المتنازع عليها، حيث اتهمت الحكومة الصومالية نظيرتها كينيا بمحاولة استغلال الظروف الاستثنائية التي تمر بها الصومال حاليا، وقال رئيس الهيئة الوطنية للبحوث والدراسات البحرية الأدميرال فارح قري إن كينيا تطمع في إعادة ترسيم الحدود بين البلدين وفق رغبتها لتنتزع ملكية مناطق في المياه الإقليمية الصومالية يرجح أنها غنية بالنفط، وهو أمر غير مقبول على المستوى الرسمي والشعبي، بحسب قوله.
مساحة المنطقة المتنازع عليها
وأكد المحامون الذين يمثلون الصومال في قضية النزاع الحدودي البحري بين كينيا والصومال أمام محكمة العدل الدولية في مقابلة مع الصحفي يوسف جراد أن المنطقة المتنازع عليها بين الدولتين تقدر بـ حوالي 142.000 كم مربع، وأشار رئيس الهيئة الوطنية للبحوث والدراسات البحرية الأدميرال فارح قري في تصريح لإذاعة مقديشو صوت الجمهورية الصومالية إلى أن المناطق المتنازع عليها تقع في المياه الصومالية، منوها بأن مساحتها تمثل 19% من الأراضي الصومالية.
تسليم مذكرة الدعوى إلى المحكمة
سلمت الحكومة الصومالية مذكرة الدعوى ضد كينيا يوم الإثنين الماضي 13 يوليو 2015 إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي وفقا للموعد الذي حددته المحكمة سابقا لتسليم الصومال مذكراتها إلى المحكمة، وكانت المذكرة التي قدمتها الصومال إلى المحكمة تتألف من 150 صفحة، وتؤكد فيه الصومال أن المناطق التي تدعيها كينيا واقعة في المياه الصومالية، ومن المنتظر أن تقدم كينيا من جانبها مذكراتها إلى المحكمة في 12 مايو 2016 للرد على المذكرة التي سلمتها الصومال إلى المحكمة، وبعد ذلك تبدأ جلسات المحكمة لبحث القضية.
من هو المنتصر
أبدى الخبراء الصوماليون والمحامون الذين يمثلون البلاد في القضية أمام المحكمة الدولية آمالهم حيال انتصار الصومال في القضية، نظرا إلى الحجج والبراهين التي أوردتها الصومال في المذكرة والتي تؤكد ملكية الصومال المناطق المتنازع عليها، ومما يشير إلى احتمالية انتصار الصومال في القضية قلق كينيا الشديد من مذكرة الدعوى ضدها المقدمة من الصومال إلى المحكمة الدولية، حيث طلبت كينيا مرارا وتكرارا من الصومال سحب القضية من المحكمة الدولية، لتسوية النزاع بينهما بواسطة المباحثات.