مصور صدام حسين في غزة يروي ذكرياته مع الرئيس العراقي وتفاصيل مثيرة

مصور

 

 

 

 

الفلسطيني بشير الغزاوى ” 74 عاما ” كان من الأشخاص القلائل الذين عايشوا صدام حسين وعملوا معه ، وتربطهم علاقة محبة ببعضهم البعض بعد عمل طويل وانتماء لحزب البعث الذي ينتمي له الرئيس الراحل صدام حسين.

ذكريات جميلة وطويلة تحدث بها الغزاوى عن أجمل لحظات حياته بعمله كمصور صحفي ومع صدام حسين في العراق ، تلاها ندم على عودته لغزة بسرعة رغبة في خدمتها مثلما خدم العراق طوال سنين حياته ، والتي انقلبت لصدمة بدأت من مصادرة أملاكه على المعبر الفلسطيني في منطقة الحجاج على الحدود مع الأردن.

هاجر الغزاوى برفقة أهله أيام النكبة الفلسطينية من المجدل إلى رفح ، ودرس مراحله الأساسية والإعدادية متنقلا بين رفح وغزة التي استقر بها فيما بعد ، وعام 1956  حدث العدوان الثلاثي على فلسطين ومصر وترك مقاعد دراسته ليلتحق بالمتطوعين بالعريش ، وانضم هناك في محطة الأبطال كفدائيين امتداد للمقاومة في غزة .

واستمر عاما كلاما في العمل داخل مخيم الأبطال هناك ،  ثم انتقل للعمل في صفوف المخابرات المصرية بعد ترشيح احد أصدقائه له للعمل معهم بعد نشاطه الملموس وتمكنه من التصوير ، ثم عمل مع الدوليين وفوض بالاتصال بين غزة والعريش ، واستمر عمله مع الدوليين كوظيفة لكن ارتباطه الرسمي كان مع المخابرات المصرية ، ومن إحدى المهام التي كانت على عاتقه تصوير اى سيارة غريبة تدخل مركز الدوليين ، وتصوير الأشخاص الغرباء الذين يتواجدون في الحفلات التي تقيمها المخابرات المصرية ، في حين كان عالم التصوير والكاميرات في بدايته وبنظام غير متطور وقد يلتقط ثلاثون صورة ولكن تكون صورة واحدة صالحة للتحميض والطبع .

وعاد لغزة  ليتزوج قبل عام 64 ، وانضم بعدها للفدائيين بغزة ضمن صفوف الجيش الشعبي ، ومن ثم انطلق للأردن ، حيث كانت أول محطاته في السجن والحياة العملية ، وقال ” حينما قررت السفر للأردن جائنى صديق مسيحي طالبا منى توصيل 3 أشخاص معي من غزة للأردن ، فقمنا بتزييف هويات لهم وحجزنا تذاكر للباص وانطلقنا ، وحينما وصلنا الأردن تفأجئت بالأشخاص الذين رافقوني طلبهم من احد الجنود الأردنيين  بان يأتي رتبة عسكرية أردنية لاستلامهم ، وعرفوا على أنفسهم بأنه مدير المخابرات المصرية في إحدى المناطق  وبرفقته مرافقه ومسئول جهاز اللاسلكي ، وما هي إلا لحظات حتى توافدت السيارات التابعة للأمن الاردنى والسفارة المصرية لنقل واستلام هذه الشخصيات ، ومن ثم اقتادوني للسجن مطالبين بمعرفة الحقيقة  “

واستمر الغزاوى 13 يوما في السجن قيد التحقيق في ظروف إدخال هذه الشخصيات وبهويات مزورة ، ثم نقلوه لعمان وخلال طريقه تعرف على شخص فلسطيني  يدعى محمد فتيحة من القدس ، وبعد معرفته لقصة الغزاوى بالتفصيل قام بالتحرك والسعي للإفراج عنه ، وبالفعل تم الإفراج عنه بعد أيام من نقله لعمان ، ومنحه السفير المصري وثيقة للسفر ومبلغ 10 دنانير للسفر والتنقل والإقامة في الفندق .

ثم كان العمل الفدائي في الاردن ببدايته ينطلق سرا ، وانضم في صفوف فتح والجبهة الشعبية ، وتردد عليه المخابرات الأردنية مطالبينه بمعرفة السر الذي يحمله بعد نقله لمدير المخابرات المصرية وسجنه والإفراج عنه ، ثم طلبوا منه العمل معهم في الاردن ، فوافق بشرط أن يكون موظف رسمي هناك ، وجرى لقاء بينه وبين مدير الشرطة الاردنى محمد الهبائى وإبراهيم ظاظا وفهد الكرمل ، وتم تعيينه في الأمن الاردنى ثم تولى مدير قسم الجرائم وتولى مراقبة الوافدين من لبنان وسوريا وفلسطين ، حيث كان يحتجز هوياتهم مطالبهم بكفيل شخصي للإفراج عن أوراقهم الثبوتية ، ثم بدأ بلبس ” الحطة والعقال ” والزى الاردنى خلال عمله .

وبعد فترة من عمله ألقت القوات الأردنية القبض على خمس فدائيين فلسطينيين قادمين من الغور بعد تنفيذهم عملية عسكرية ، وطلب منه القيادة الفلسطينية مساعدتهم في الإفراج عن الأسرى الخمسة ، وبطبيعة عمله حدد لهم يوم الاثنين لأنه سيكون في سهرة مع مدير السجن ليلا ، وأضاف ” طلبت منهم مخدر ووضعته في الشاي ونام مدير السجن بعدها ، ثم أفرجت عن الأسرى الخمسة وجميع الأسرى الأردنيين داخل السجن ، ثم أعدت المفتاح لصديقي وغادرت المكان والأردن هاربا إلى الكويت ، وهناك توجهت لمقر حركة فتح واستقبلوني بحرارة بعد معرفتهم قصتي ، سرعان ما حدثت مشاكل بين فتح والجبهة الشعبية هناك ، تلاها قرار الكويت بترحيل الوافدين الجدد ، ثم رحلت بعدها للعراق وأقمت عدة أشهر ، ثم عدت للأردن بجواز سفر مزيف بشخصية جديدة واسم جديد “

وطلب منه مكتب فتح حينها بالتوجه لعمان لاستلام عمله في الأمن  ، ثم نقل للحدود السورية الأردنية الرمثا بعد معرفة بعض الأشخاص لشخصيته الحقيقية في عمان ، ثم بدأت المشاكل من جديد تلاحقه بشخصيته الجديدة بتهم اغتيالات وتهريب أسلحة ، وفجأة خلال تواجده في مكتبه على الحدود تفاجأ بزميل له في عمله  يقول له ” يا رفيقي صارحني باسمك الحقيقي ، مو أنت بشير الغزاوى؟؟ ” واستغرب حينها الغزاوى من كشف شخصيته الحقيقة على يد رفيقه ، وأجابه انه اسمه وصورته واسمه الحركي والحقيقي مدونيين داخل البطاقات التي أمامه والهوية .

وبعد كشف هويته الحقيقة على يد زميله في العمل ، تشاور مع أصدقائه في عمان للوصول للحل ـ وقال ” قمت باعتقاله وكل ما له علاقة به ووضعتهم داخل حظيرة حيوانات ، وتبين خلال التحقيق أنهم كلهم رجالات فتح وقيادات لكنهم مرتبطين مع المخابرات الأردنية ويعملون لصالحها ومخترقين لفتح ، واعترف زميلي في العمل بعد الضرب المبرح والتحقيق معه انه مرتبط مع  شخص يدعى محمد كايد زغور في المخابرات الأردنية ، وزوده بالاسم والصورة  الحقيقة مطالبه بالبحث عليه “

واثأر ذلك استياء فؤاد الشوبكى خلال زيارته لمستشفى العودة التابع لفتح في الاردن ، ومشاهدة التعذيب على أجساد عناصر فتح الذين تم اعتقالهم على يد بشير الغزاوى ، وطمأنه الدكتور محمد الفرا مدير المستشفى بان الجرحى سيتم علاجهم على الفور ومغادرتهم للمستشفى .

وبدأ الغزاوى بالبحث عن هذا الرجل من خلال صديق له يعمل بائع للدجاج في السوق المركزي ، حيث يعمل معهم داخل حركة فتح في مجال التصنيع والمتفجرات ولكن يعمل في الدجاج كي لا تنكشف شخصيته ويتحرك بسهولة ويصل للجميع من خلال عمله في السوق ، وكان رده انه يعرفه شخصيا وسيقوم بالواجب معه حين تتيح الفرصة ذلك ، وفى نفس اليوم تلقى الغزاوى دعوة لحضور حفل تخريج ضباط في معسكر اردنى ، وبعد الاتصال بعدة أشخاص من أصدقائه تبين وصولهم نفس الدعوة اطمأن واتفقوا على الالتقاء داخل هذا الحفل لمشاهدته وكتابة تقرير عنه .

وفجأة خلال تواجده في الحفل جاء شخص تاركا كل الكراسي الفارغة ليجلس جنبه مباشرة ، وشعر الغزاوى بالارتباك وخلال حركته لاحظ وجود مسدس على جنبه ، فتابع القليل من الحفل وحفظ  الأرقام من كلمة الحفل لكتابتها في تقرير  الحركة وغادر مكانه ، وفجأة تلقى ضربة من مسدس برأسه ليغمى عليه ، وأفاق بعد ساعات من نقله من المعسكر ليجد نفسه داخل مكتب للجبهة الشعبية ، والتي كانت على علم بالقصة كاملة وبحث رجال المخابرات الأردنية عنه ، وتخطيط اعتقاله على يد ضابط المخابرات محمد زغور الذي كان يجلس بجانيه خلال الحفل ، واتجهت الجبهة الشعبية لهذا العمل لقوم بتهريبه من المعسكر قبل اعتقاله .

وانكشفت أوراقه خلال عمله في الرمثا من أسرة أردنية كانت تهاتفه على مكتبه يوميا  تتوعده وتهدده ، خوفا من تعرض الغزاوى لوالدهم على الحدود الذي يعمل أيضا بتهريب الأسلحة ، وابلغ قيادته بانكشاف شخصيته الحقيقة فأرسلوا شخصا أخر لاستلام المهام مكانه ، وطلبوا منه بحكم علاقته مع الجيش العراقي المتواجدين على الحدود “الرمثا ” بالتنسيق لإدخال سلاح للحركة في الاردن ، وبالفعل أدخلت الشحنة الأولى للسلاح من الجيش العراقي وخلال تعرفه على صديق بعثي جديد من الجيش الاردنى ابلغه بالبشرى أنهم قريبا سيتسلموا الحكم في العراق ، ونجا من موت محقق في محاولة التهريب الثانية بعد استهداف القوات الأردنية للموكب المحمل بالسلاح .

وعام 1969 تلقى أوامر من حزب البعث بالانتقال للعمل في جبهة التحرير العربية ، بعد نجاهم في الانقلاب على الحكم وتوليهم العراق ، ويعتبر أديب ناصر وكمال ناصر وأبو يوسف النجار وعبدا لله الحورانى من حزب البعث وانتقلوا فيما بعد لحركة فتح ” حسب قوله “.

وأشار انه خلال عمله في الارن كانت قوة خاصة تابعة لجبهة التحرير عائدة من عمل نضالي ، وقامت القوات الأردنية بإطلاق النار عليه ،  ومن هنا كانت شرارة أحداث أيلول الأسود وبدأت الحرب بين الفصائل الفلسطينية المقيمة في الاردن والجيش الاردنى النظامي ، وقرر الهروب من المكان نظرا لملفه الحافل بالقضايا لدى الأمن الادرنى، وقال ” حينما قررت الخروج من الاردن حملت سلاحي وشاهدت خلال المغادرة منظر اقشعر بدني له وهزني لزوجة صديقي المناضل أبو هاني الجملي  ميتة وترضع ابنها وهى ميتة ،  فطلبت من الجنود باعتقال كل البادية الأردنيين في المنطقة وخلال ساعة جاءت السيارة محملة بعشرات الرجال الأردنيين ،  وقمت بوضعهم على الجدران وأمرت العسكري بإعدامهم على الفور ، وانسحبت من الاردن برفقة الجيش العراقي الذي دخل لتوزيع المساعدات على الفلسطينيين وقت الحرب “

وشعر بصدمة جديدة بعد انتقاله للعراق وبيع مسدسه الخاص ونقل أسرته معه ،  وإقامته في فندق رغم عدم امتلاكه للأموال الكافية ، وخلال لقائه لصديقه داوود الدليمى بالصدفة كانت  النجدة بعدما اصطحبه لمركز القيادة العراقية وامتدح الغزاوى أمامهم بعد سرد قصته وحياته معهم ،  وأرفقوا معه مندوب من الحكومة العراقية ليدفع أجرة الفندق لشهرين مقبلين وإعطائه مصروف له ولأولاده ، وخلال تواجده في العراق نقلوا الجرحى من الاردن للعلاج في العراق بعد أحداث أيلول ، فكانت فرحة كبرى بعد مشاهدتهم للغزاوى سالما ، وابلغوه انه حكم عليه بالإعدام غيبا .

وبعد فترة قليلة تولى منصب الأمن في مكتب جبهة التحرير في العراق ، لكن ذلك كان صعبا عليه لوجوده في بلد غريب مع أسرته ، فتوجه لصديقه السكرتير الصحفي لصدام حسين ناصيف عواد طالبه بالعمل في الحكومة حينما كان رئيس الجمهورية احمد حسن البكر، فعرض عليه العمل في هيئة الإذاعة والتلفزيون العراقية .

وبعد معرفته بقدراته على التصوير عرض عليه العمل في التلفزيون العراقي، وأرسله دورة 6 شهور في معهد بغداد للتصوير ، وبدأ خلالها العمل على تصوير الحفلات والمؤتمرات لغاية عام 1976 ، ومن شدة التعب ونقل معدات كثيرة وكبيرة لتصوير شخص ابلغ مديره بان مهنته صعبة ، فأرسله للعمل مصورا لصحيفة حزب البعث في العراق بعد انتقال احد مصوريها للعمل مصورا مع صدام حسين .

وقال ” بعد انتصار الخميني على الشاه وتأسيس الدولة الإسلامية في إيران بدأت الحرب على جيران بدأها بالعراق وضرب مراكز الشرطة الحدودية ، وتقدمت بطلب للحكومة بإرسالنا لاماكن الحرب لتغطيتها إعلاميا فكانت الموافقة بعد يومين بتوجهنا هناك ، وأرسل صدام حسين كتاب خطى لرئيس التحرير بارسالى لمناطق الحرب على الحدود ، وتوجهت بطائرة خاصة للحدود واستلمت جيب صحراوي للتنقل هناك والتصوير ، وتأخرنا على المنطقة نتيجة الحرارة المرتفعة في المنطقة وتوقف الجيب عدة مرات “

ومن لحظة وصوله المنطقة اصطحبه ضابط عراقي في دبابته للتعرف على المنطقة ، طالبا منه عدم التصوير لحين التعرف على المنطقة ، والتقط ألاف الصور من ارض المعركة مع إيران ، وأرسل الصور مع جندي بطائرة خاصة لمقر الصحيفة وبقى متواجدا على ارض المعركة .

وعاد الجندي بعد ساعات محملا بفلاشات وكاميرات حاملا له رسالة من رئيس التحرير بضرورة تصوير المنطقة بصور ملونة وليس ابيض واسود بناء على أوامر طارق عزيز ” قيادي سابق ووزير الخارجية في العراق متواجد في سجونها ألان ” ، وبدأ الغزاوى التصوير بكاميرا خاصة لصحيفته ومن ثم التصوير بكاميرا ثانية لطارق عزيز والحكومة ، وكانت ترسل الصور التي تصل طارق عزيز لكل سفارات العراق في العالم لتوزيعها على الصحف والمجلات  وإيصال أخبار الحرب في العراق للعالم .

ومازحه الضابط العراقي في المعركة باللهجة العراقية قائلا” غزاوى عمرك شفت الجنود في الحرب يوكلون موز وتفاح ويتعشوا كباب ويشربوا مياه مثلجة ؟؟” فأجابه ” ما شفت هيك ولكن ألان معاد العشاء بدنا نشوف شو العشاء ” . فرد عليه الضابط العراقي ” إحنا نعمل هيك “

وطلبت الصحيفة من الغزاوى العودة للمكتب ، وحينما عرف الجيش بذلك أرسل معه دبابة صغيرة مع جنود لإيصالهم لأقرب منطقة أمنة في مهمة خاصة ، ومنتصف الطريق احترقت الدبابة  بعدما نسى الجنود إنزال عمود اللاسلكي عن الدبابة والذي أرسل إشارة كهرباء للدبابة واحترقت ونجا الجنود حينها .

وبعد إقامته في مكتب الصحيفة  ابلغه رئيس التحرير بضرورة عودته لأرض المعركة بأوامر من الرئيس صدام حسين لمتابعته الصحيفة يوميا ومشاهدة الصور وأخبار المعركة لكن هذه المرة يكون في البصرة ، وتوجه برفقة سائقه الشيعي على ، واستنكر المصورين المتواجدين هناك وجود الغزاوى بينهم لأنها ليست منطقته ، فتأمر عليه الجنود والمصور هناك بان يقتله احد الجنود بطلقة في الرأس وهو مخمور، ومن ثم يقال انه قتل إثناء الحرب ، وسمع هذا الكلام سائقه الشيعي على ، فاصطحبه بسيارته متوجها لبغداد وتقدم  بشكوى في الرئاسة بما سمعه ، وأجريت لجنة تحقيق للجنود المتواجدين هناك ، وبدورهم دحضوا التهم الموجهة لهم بحجة خوف السائق من التواجد في ارض المعركة  وصدر بعدها قرار رئاسي بتولي الغزاوى منطقة البصرة ، مشيرا إلى أن هذه المعلومات كانت تعتبر سرية جدا وغير مسموح النشر بها في ذلك الوقت .

وأشار إلى أن المخابرات العراقية حددت للصحفيين الأجانب فندقا للإقامة به متوفرا فيه خطوط هاتف لهم وغرف إقامة وكل الخدمات لإيصال الحرب على العراق لوكالاتهم ، وبعدما شاهد رجال المخابرات الغزاوى متواجدا في الفندق طلبوا منه مراقبة بعد الوكالات لاشتباههم بها بتصويرها أحداث بطريقة تجسسية ، فرد عليهم ” بامكانى مراقبتهم ولكن في ارض المعركة والتصوير وليس في الفندق ، وحددوا في اليوم الثاني مكانا للتصوير منطقة شط العرب وتواجدت حينها معهم ، وخلال تصويري للصحيفة وشاهدت مصور يصور  ” خرم ” الطلقة  مدخل ومخرج إذا كانت في دبابة أو سيارة أو اى مكان في المنطقة ، وتصوير الصواريخ التي داخل الدبابة ، وحينما عدت للفندق طلبت من المخابرات التحقيق مع هذا المصور لان هذه ليس صورة صحفية مهنية بل تجسسية ، وتبين انه لبناني يحمل جنسية تونسية يعمل لصالح وكالة طلبت منه ذلك ،  واعترف انه متهم العراق أنها تزور السلاح وتقوم ببندقته وتركيبه وتطوير ، بمعنى قد تكون الدبابة روسية ولكن الصواريخ  فرنسية  حسب قدرات العدو ، وطردته من العراق ومنعت دخوله مرة أخرى “

وأكد الغزاوى أن اغلب الوكالات العالمية تعمل مع أجهزة المخابرات الدولية في أمور تجسسية ،  مشيرا إلى أن اغلب أسلحة العراق تم شرائها من السوق السوداء بعد الحصار على العراق ، واغلب الأسلحة الثقيلة تم خلطها لتقوية الجبهة مثل دبابة روسية تحمل صواريخ أمريكية أو فرنسية أو ألمانية .

ومصور أخر كان يلتقط  صور كلوز موسعة لمقابلة شخصية مع جندي أو ضابط بعد مشاهدة الغزاوى  لرقم العدسة التي يحملها المصور ، ومصور أخر كان يركز على مدى إصابة البراميل والصهاريج الكبيرة وقدرة ودقة هذه الإصابة ومدى التأثر ، مشيرا إلى انه هذه صورة تجسسية تكون لصالح تجار ومهربي الأسلحة والمافيا الدولية لمعرفة قوة السلاح الذي يتاجرون به ومدى إصابته واندفاعه  .

وقال الغزاوى ” في منطقة العمارة جنوب بغداد كان هناك معركة قوية تواجد حينها الرئيس صدام حسين خلال توجهي بالصدفة لتفقده ارض المعارك باستمرار  ، وتقابلت معه  وتناولنا الغذاء وحينما  شاهدني صدام حسين ضحك  ثم قال لي  وين كنت فأجبته هناك في ارض المعركة ، ثم تحدثنا قليلا عن سكان المناطق المجاورة للحرب “

وفجأة إثناء وجودهم في ارض المعركة قصف الطائرات الإيرانية المكان ، وأصيب مصور صدام الخاص محمد حسن بشظية في قلبه استشهد على الفور ، وربت صدام على كتف الغزاوى ليتسلم الكاميرا الفيديو بدل الشهيد ، وبدأ بتصوير صدام  وتنقله في المعركة وتصوير الشهداء ،وتعتبر هذه المرة الأولى للغزاوى في تجربته بالتصوير على كاميرا فيديو ، مما دعاه للتوجه لأحد أصدقائه المتواجدين في المكان ليسأله إذا كانت الكاميرا تصور أم لا ، ثم صاح صدام مناديا لسائق الغزاوى منبها إياه بتوصيله للمنزل قائلا له ” أذبحك إذا ضاع منك الغزاوى وصله للبيت ، يكفى ضاع منا مرة بالصحراء”

وكان ذلك اليوم عصيبا على الغزاوى كونه يصور للمرة الأولى على كاميرا من هذا النوع ، فاتصل بمسئول  التصوير للاطمئنان على سلامة تصويره وخوفا من غضب صدام ، فأجابه المدير ” تصويرك كان رائع وسيتم نشره باسمك الليلة في النشرة الإخبارية المسائية على التلفزيون العراقي ” ، وبالفعل شعر بالارتياح بعد بث تصويره واسمه.

ونجا الغزاوى من الاغتيال بأعجوبة بعد توجهه لتصوير مدينة حدودية احتلها الجيش العراقي ، وسرعان ما انهالت القوات الإيرانية على سيارته بإطلاق النار وقذائف الهاون ، وكانت خلفه سيارة أخرى لضابط عراقي استشهد نتيجة قصف سيارته بالهاون ، وانتشر الخبر لدى القوات العراقية  باستشهاد الغزاوى ، واتصل صدام برئيس تحرير الصحيفة  للاطمئنان على سلامة الغزاوى والتأكد من خبر استشهاده .

واستذكر  الغزاوى بعض نصائحه للجيش العراقي بعدما كانت طائرة إيرانية تأتى من الحدود مرورا بجبلين ”  بين نهدين ” تقوم بقصف مناطق عراقية ثم تهرب ،وجه الجيش خطته لاصطيادها بنصب قاذفات في المنطقة  التي تمر فيها الطائرة ، وعرف سكان المنطقة بهذه الخطة وأصبحت حديث الشارع ، حيث يعمل اغلب سكان هذه المنطقة مع المخابرات الإيرانية ، وقال “حينما شاهدت الصواريخ منصوبة علنا في المنطقة أشرت للضابط بضرورة إيهام الناس بانسحابهم من المكان وضح النهار  ورفع الصواريخ ونصبها بمكان أخر سرى ،وبالفعل تم نقلها وبعد يومين تم اصطيادها ووقعت “

وقام الغزاوى بتصوير الصواريخ المضادة التي كانت تنتظر الطائرة ،  والكلام المكتوب على الصاروخ حرفيا ،وحصل على معلومات عسكرية  عن هذه الصواريخ التي تنتظر الإيرانيين وقوتها ومدى دقتها  وكل التفاصيل العسكرية ، وكان نشر هذا الخبر واصطياد الطائرة كارثة على رأس الغزاوى وأصدقائه .

وأمر صدام بحبس الصحفيين الذين نشروا الخبر لأنهم افشوا أسرار عسكرية  تمس الدفاع ، وتعرض الغزاوى للاعتقال بعد نشر التقرير والصور على يد المخابرات العراقية ، إلا أن رئيس التحرير دافع عنهم بوثيقة رسمية تثبت توقيع وموافقة الأمن السياسي على نشر التقرير ، وحينما عرف صدام بأمر الغزاوى اعتذر له وأمر بالإفراج عنهم جميعا .

وبعد مغادرة الغزاوى  لفندق الرشيد بعد تغطية مؤتمر للأديان بحضور العديد من الوافدين من دول عربية وغربية والرئيس صدام حسين ، استهدفت الطائرات الإيرانية الفندق واستشهد العشرات في المكان وانتشرت أشلاء الضحايا على الجدران ، فعاد الغزاوى على الفور بعد ابتعاده عن المكان عدة كيلو مترات ، فوجد صدام يتفقد في الشهداء فسلم عليه ، وبدأ بالتقاط صور للشهداء والضحايا والمكان ،والتقط صورة لشهيد دمه ينزف من بطنه لحظة موته حاملا للمصحف الشريف بيده ، وسمع من بعض المتواجدين انه المصابين نقلوا لمستشفى النعمان ، فهمس الغزاوى بإذن صدام حسين قائلا ” اتبعني ” وطار الغزاوى بسيارته إلى مستشفى النعمان فوجد الرئيس صدام حسين خلفه في المكان ، وتحدث حينها صدام للصحفيين بعدما شاهد منهم جنسيات غربية بان الصاروخ الايرانى لا يفرق بين عربي والمانى وفرنسي وعراقي ولا حتى مؤتمر للأديان أو مؤتمر سياسي .

واستأذن الغزاوى من صدام قبل مغادرته للمكان من شدة التعب للتوجه للصحيفة لتسليمهم الصور ، فأمر صدام احد حراسه بأخذ الأفلام وتوصيلها لمقر الصحيفة ، وأمر الغزاوى بالذهاب للبيت ليستريح .

وحدثت مشكلة بين الغزاوى و المحاسب المالي من أصل فلسطيني وينتمي لفتح  في مكتب صدام حسين ، بعدما قام بإيقاف راتب الغزاوى بحجة الأمور القانونية انه وافد غير مقيم وليس من حقه التمتع بالراتب العالي الذي يتقاضاه ، وقال ” شعرت بضيق شديد بعد توقف الراتب ، وفى تمام الساعة الثامنة مساء بعد يأسى من المشكلة وعدم وجود حل ، اتصلت بصدام حسين على منزله وعندما فتح الخط أقفلته من عندي ، ثم عدت الاتصال وناديت الرئيس باسمه ، فقال لي  ” قول يا غزاوى هالجوهرة ” فشرحت له القصة ولم يفهمها ، فأمرني بالتواجد في مكتبه صباح اليوم التالي ، وتوجهت  له شارحا له القصة فطلب الرد من المحاسب المالي والأسباب ، وأمره بصرف الراتب وبأثر رجعى ومعاملته معاملة اللاجئين الفلسطينيين  ” .

ويعتبر الغزاوى الرجل الوحيد الذي كان يتمتع بدخول منزل صدام حسين بمنطقة العوجة ، لنشر تقارير كاملة عن حياة صدام حسين وطفولته وقيادته في شهر نيسان من كل عام في الصحيفة  ، حيث يقوم بتصوير زوجته وحياتها التي كانت تعمل مديرة لمدرسة بنات ، وتصوير منزله ، ولم ينسى الغزاوى لحظات لقائه مع والدة صدام التي كانت تطالبه بوقف التصوير والجلوس بجانبها ليحدثها عن النكبة الفلسطينية ، وكيف هاجروا من بلادهم وكيف استحل اليهود أراضيهم ، حيث يصادف في هذا الشهر من كل عام عيد تأسيس الجبهة وعيد ميلاد صدام حسين وكل المناسبات البعثية .

وفى إحدى المرات قال الغزاوى مازحا لأصدقائه في الصحيفة أنا تعبت من كثر ما اشترى حليب نيدو لابني صدام ” حيث سمى طفله الأول صدام تيمنا بالرئيس ” ، فضحك أصدقائه ورفعوا هذا الحديث بتقرير للرئيس صدام حسين ، فاتصل فيه قائلا له ” يابا حليب النيدو لصدام على حساب الحكومة “

وكان لصدام حسين 11 مصور استشهد منهم8 وتبقى 3 مصورين من ضمنهم مصوره الحربي بشير الغزاوى ، وفى نهاية عام 1995 عاد الغزاوى لغزة ليحصل على هوية ، وحينما عاد للعراق عن طريق الاردن تعرض لمحاولة اغتيال بعدما تعقبه مجموعة مسلحة كانت تنتظره حين دخوله مناطق صحراوية ، وأطلقت النيران على السيارة استشهد البعض داخلها ، وقام المجموعة بمداهمة السيارة وانزل الجميع منها ومصادرتها ، وتظاهر حينها  الغزاوى بالموت نتيجة الدماء التي امتلأت على ملابسه من أصدقائه ، إلى أن وصلت الشرطة ونقلتهم للمستشفى .

وفى أوائل التسعينات قامت المخابرات العراقية باستدعاء على عبدا لله صالح الرئيس اليمنى سابقا ، وعلى البيض من اليمن لتوقيع مصالحة بينهم في بغداد ، وقام الغزاوى بتصوير هذه المناسبة كاملة ، إلا انه بعد عودتهما لليمن قاموا بحرب جديدة فيما بينهما .

وقبل عودة الغزاوى لغزة اجتمع فيهم صدام حسين في منطقة على الصالح ، مطالبا إياهم بالبقاء في العراق ، محذرا إياهم من العودة لغزة لأنهم سيعيشوا أيام سوداء هناك ، وسيفترشوا الأرض  ويقال عنهم كفرة وبعثيين ومعارضة ومنبوذين ، وحسبما أفاد الغزاوى فقد عاشوا هذا الشعور بالفعل حيث كان حكيما في أقواله .

وشعر الغزاوى بالندم بعودته لغزة ، حيث دفعته النخوة بالعودة لغزة وخدمتها  وخدمة بلده كما خدم العراق ، إلا أن الواقع الذي عاشه عكس رؤيته وطموحه.

وحينما رحل الغزاوى من بغداد إلى غزة جاء ومعه صناديق حديدية محملة بكل أفلامه وصوره التي قام بتصويرها خلال عمله في العراق على مدار عشرات السنوات ، حيث عرض حينها عليه عزام الأحمد حينما كان سفير فلسطين في العراق ترك مكتبته وأرشيفه مقابل 50 ألف دولار فرفض ، حيث صادرت إسرائيل قبلها أرشيف السلطة الفلسطينية في لبنان ، لكن الغزاوى باع فقط إحدى كاميراته في بغداد ب 45 ألف دولار امريكى ، وتوجه بمكتبته لغزة عن طريق الاردن ، لكن السلطة رفضت إدخال المكتبة والأرشيف ومسدسه الشخصي وصادرت هذه المعدات في مدينة الحجاج على الحدود مع الاردن ، ووعده ” الحاج إسماعيل ” بتسليمه المكتبة له في غزة  ، إلا أن السلطة لم ترد له شيئا من ممتلكاته ، وتقدم بشكوى لابو عمار وقيادات السلطة دون جدوى ، حيث كان ينوى إقامة معرض شهري للصور والفيديوهات التي كانت برفقته .

وعاد الغزاوى لغزة بدون ممتلكات شخصية سوى من بعض الملابس الخفيفة وشنطة صغيرة يحمل فيها كاميراته الخاصة التي كانت معه قبل عشرات السنوات ، تحمل أجمل ذكرياته في أجمل دولة عربية عمل بها وقدرت تعبه ومهنته ، وما زال يحتفظ بكاميرا التصوير الفيتو والفيديو ، وعشرات الصور التي التقطها لصدام حسين ، والبومات الصور والمعدات القديمة والبطاقات الصحفية والمهنية لعمله في العراق .

وأقام الغزاوى قبل عدة أيام معرض لصوره، حيث تحمل كل صورة من صوره قصة من داخل المعارك التي جرت في العراق ، ويطوى بذلك بعض ذكرياته الجميلة في معارض  تسرد تاريخ دولة دعمت الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وانهارت بعدها .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نقلا عن دنيا الوطن .. http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2014/05/12/535947.html#ixzz31Zv7x3Nf

زر الذهاب إلى الأعلى