الضرائب الجديدة في الصومال .. تساؤلات وانتقادات

فرضت الحكومة الفيدرالية الصومالية ضرائب جديدة على المبيعات والصفقات التجارية التي تتم عبر التّطبيقات المالية الإلكترونية الشائعة الاستخدام في الصومال.

في مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن السيد بيحي إيمان عغي، وزير المالية في الحكومة الفيدرالية الصومالية، عن فرض ضريبة بنسبة 5% على الصفقات التجارية التي تتم عبر التطبيقات المالية الإلكترونية المعاصرة مثل تطبيقات تحويل الأموال  والمحافظ الإلكترونية والحسابات التّجارية التي توفّرها شركات الاتصالات والبنوك التجارية الصومالية.

وأضاف السيد الوزير في كلمته، بأن هذه النسبة قليلة جدّا مقارنة مع دول الجوار مثل كينيا وإثيوبيا، ومع مجموعة دول شرق أفريقيا الاقتصادية التي انضمت إليها الصومال مؤخّرا، معلنا أن الحكومة الصومالية بات بمقدورها الآن متابعة هذه الصفقات وتقييمها واقتطاع الضرائب منها، داعيا الشركات الموفّرة لهذه الخدمات تسهيل مساعدة الفنيين والعاملين في وحدة الدّخل بالوزارة على أداء واجباتهم.

وأوضح السيد الوزير أن قانون المالية الصادر في 1984م، كان ينص على هذا النوع من الضرائب، إلا أنه لم يتم تطبيقها بسبب عجز الحكومة الصومالية آنذاك عن تنفيذ ذلك.

تفاعل المجتمع الصومالي في مقديشو مع هذا القرار الّذي أثار عدّة تساؤلات تستفسر عن طبيعة هذه الضرائب وما يميّزها عن غيرها من الضرائب المختلفة التي تثقل كاهله وتفرضها الحكومة الصومالية تحت مسميات مختلفة على المجتمع في العاصمة “مقديشو”.

بداية يقول السيد عبده نور علي محمد، الخبير الاقتصادي وعميد كلية الدّراسات العليا بجامعة “سيمد” في مقديشو، في حديثه مع قناة “يونيفيرسل” الفضائية الصومالية، أن الضريبة الجديدة تشمل على نوعين من الضرائب هما: ضريبة القيمة المضافة والضريبة الرقمية أو الألكترونية، وسيتم جمعهما عبر التطبيقات المالية للهواتف المحمولة المنتشرة في الصومال.

وأشار السيد عبده نور إلى أن هذه الضريبة ستشمل جميع التحويلات المالية التي تتم عبر الهواتف ما لم تضع لها الحكومة معايير واضحة ومحدّدة تحدّدها بالتحويلات التي تتم لأغراض البيع والشراء.

وفيما يتعلّق بالآثار التي تترك هذه الضريبة على الاقتصاد الصومالي، فقد أوضح السيد عبده نور، أن هذه الضريبة قد تعرقل نمو اقتصاد البلاد، ذلك أن بعض الدول المتقدّمة تفرض هذا النوع من الضرائب عند رغبتها في تحديد معدّلات النمو الاقتصادي، وبالتالي فإنه لا يناسب للصومال هذا النوع من الضريبة في الوقت الحالي على الأقل، حيث الصعوبات الاقتصادية التي يعانيها المجتمع، فضلا عن غياب ملموس لمردود هذه الضرائب من الخدمات الأساسية التي توفّرها الحكومة للشعب.

كما تساهم هذه الضريبة في تعطيل حركة الاستثمار التي تموّلها البنوك الصومالية، إذ من الممكن لجوء الشعب إلى استخدام الأوراق النقدية في البيع والشراء، مما يدفع إلس سحب الأموال والودائع نقديا من البنوك وشركات الاتّصالات، وهنا قد تتوقف عجلة نمو الحركة التّجارية في البلاد، بسبب هذه الضريبة المستحدثة، حسبما يقوله الأستاذ الجامعي عبده نور علي محمد في مقابلته مع قناة يونيفيرسل الفضائية الصومالية.

من جانبه، أبدى البروفسور يحيى عامر الخبير الاقتصادي الصومالي مخاوفه من أن تؤدّي هذه الضريبة الجديدة إلى اضطرابات أمنية على غرار ما يحدث في كينيا المجاورة، التي شهدت احتجاجات واسعة على زيادة الضرائب المفروضة على الخبز والتحويلات المالية عبر الهواتف، مما أدّى في النهاية إلى إقالة الرئيس الكيني وليام روتو وزرائه استجابة للمحتجين ومطالبهم.

هذا، وتفرض الحكومة الصومالية أنواعا مختلفة من الضرائب، في مقدّمتها ضريبة الدّخل، ضريبة الإسكان والعقارات، ضريبة المبيعات، وضريبة المرور، ومع تعدّد هذه الضرائب إلّا أن الشعب لا يلقى مردودها من الخدمات فليس هناك تعليم مجاني شامل، فضلا عن الصحة والخدمات الكهربائية والمائية، حيث إن المواطن الصومالي بعد دفعه لمعظم هذه الضرائب، عليه أن يدفع رسوم الدّراسة وفواتير المياه والكهرباء الباهظة الثمن، حيث تعدّ الصومال من الدّول الأغلى لفواتير الكهرباء الّذي تمنحه شركات تجارية خاصة، إذ يدفع المواطن في الصومال، ثلاثة أضعاف ما يدفعه نظيره الأمريكي في واشنطن، مقابل الكيلوواط/ ساعة، ويدفع 15 ضعف ما يدفعه المواطن المصري، وفقا لتقرير نشره موقع رصيف 22، في الـ 23/ديسمبر_كانون الأول/2023م.

ويرى المتابعون، أنه على الرّغم من اعتماد الدول على الضرائب في دخلها وإيراداتها المحلّية، إلا أنهم يقترحون إعفاء بعض الضرائب عنه، ريثما تتحسّن الأوضاع الاقتصادية ويتم تقليل نسب البطالة المتفشية في البلاد، فضلا عن تقديم عائد له مقابل الضرائب التي يدفعها حاليا، حينها قد يبادر إلى دفع الضرائب الجديدة التي تفرض عليه، وإلّا فإن ازدياد الضرائب بدون مقابل من الخدمات الحكومية قد يعرّض البلاد لأخطار اقتصادية وأمنية متعدّدة.

زر الذهاب إلى الأعلى