على الرغم من الجهود التي يبذلها الرئيس حسن شيخ محمود من أجل إنجاح مشروعه السياسي المرتكز على ملف إجراء انتخابات عامة مباشرة في الصومال قبل نهاية فترة ولايته إلا أن الطريق نحو تلك الانتخابات فيما يبدو، طويل ومعقد بسبب تهديدات الإرهاب، والخلافات السياسية والقبلية، بالإضافة إلى غياب جهود جادة لإيجاد حل لتلك المشاكل.
وبالتالي فإن القرارات الأحادية أو أي عملية سياسية مهما تكون غايتها نبيلة لا تتم بدون أقصى حد للتوافق السياسي سيكون مآلها إلى الفشل، وتؤدي إلى خروج القطار السياسي عن مساره الصحيح، ونسف جميع الانجازات التي تحققت خلال العقود الثلاثة الماضية، وأن الدول الراعية لعملية السلام والديمقراطية في الصومال لايمكن أن تقبل إهدار جهودها واستثماراتها في القضية الصومالية ، وأنها ستتحمل مسؤوليتها تجاه إنقاذ العملية السياسية في الصومال مما يجعل لزاما على الشركاء السياسيين أن يعوا خطورة ذلك ، ويقبلوا الجلوس على طاولة المفاوضات داخل العاصمة مقديشو ، وتحت رعاية الحكومة قبل أن يقول المجتمع الدولي كلمته ، ويجبر عليهم الاجتماع خارج البلاد وفي عواصم دول الجوار واحدة تلو أخرى أو إحدى عواصم الدول الأوروبية وبرعاية أجنبية كما كان الحال خلال العقود الثلاثة الماضية.
يجب على الحكومة الفيدرالية أن تتولى زمام المبادرة باعتبارها صاحب السلطة والسيادة لحل القضايا السياسية العالقة بعيدا عن التدخلات الأجنبية عبر إرسال رسائل طمآنة إلى كل يهمه الأمر وجميع الشركاء السياسيين ، وبدء خطوات جادة نحو تصحيح المسار السياسي، وإعادة النظر في جميع القرارات السياسية المثار حولها الجدل ولاسيما فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية ، وهذه الخطوات ستدفع معارضي الحكومة وخصوصا ولايتي بونت لاند وجوبالاند إلى قبول دعوة الرئيس حسن شيخ محمود لعقد حوار شامل، ومن ثم الاتفاق على مسار إنتخابي يحظى بتوافق شامل ، ومشاركة واسعة من جميع الأطراف السياسية في البلاد، لأن البديل لن يفضي إلا إلى ثلاثة سيناريوات كارثية تتمثل في انزلاق البلاد نحو التفكك وظهور إدارات مشابهة لإدارة صومالاند أو عودة الحروب العشائرية الطاحنة، أو سقوط البلاد في أيدي تنظيمات إسلامية متطرفة.
لا شك أن الأطراف السياسية المعارضة للحكومة الفيدالية سيحاولون رفع سقف مطالبهم ، وتحقيق مزيد من المكاسب في ظل اقتراب موعد إنتهاء فترة ولاية الرئيس، بيد أن هناك جهات محلية فاعلة في الساحة الصومالية قادرة على ممارسة ضغوط على الجهات المعارضة ، لكن ينبغي في الوقت ذاته على الحكومة الفيدرالية إبداء المرونة والتعاون مع تلك الجهات لجلب المعارضة إلى طاولة المفاوضات دون عقبات.
أما في حال استمر الرئيس حسن شيخ في نهجه الحالي والتصديق على كل ما يقدم له من تقارير إيجابية حول الوضع السياسي والأمني في البلاد، والاستعدادات الجارية بشأن الانتخابات العامة، وضعف المعارضة، وعدم قدرتها على تشكيل تهديد حقيقي لمشرعه السياسي ، فإن البلاد سيكون أمام مرحلة خطيرة .