متى يزور الرئيس الدكتور حسن شيخ مدينة هرجيسا؟

طالت قضية أرض الصومال، ومن المحتمل أن تأخذ خلال السنوات القليلة المقبلة، أبعادا أكثر خطورة،  وأنماطا عنيفة، في ظل التغييرات الجيوسياسية الجوهرية التي يشهدها العالم، وتبدل المصالح القوى الاقليمية والدولية تجاه الصومال ومنطقة القرن الأفريقي الأمر الذي يشكل تهديدا مباشر على كينونة البلاد وهويته، وبقائه في خريطة العالم كما كان الحال قبل أكثر  من 30 عاما.

فماذا نفعل في حال استيقظنا يوما ما ونحن أمام صومال منقسم إلى عدة دول أعضاء في المنظومة الدولية والجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى؟ لا أحد يعرف،  لكن المؤكد،  في حينها، نستسلم لهذا التطور الخطير ، ونتجرع كأس المرارة كما حدث في السودان عام 2011 م.  في حينها نتبادل الاتهامات والانتقادات حيث لا ينفع تنديد ولا شجب وبالتالي ألا يجب أن تأخذ الحكومة الحالية برئاسة الدكتور حسن شيخ محمود مسألة انفصال شمال البلاد المستمرة منذ أكثر من 30 عاما محل الجد ، وتواجهها بشكل جدي وبصورة  مختلفة عما كان الأمر في السنوات الماضية ، وتقدم مقترحات إبداعية قبل فوات الآون أم أنها تنتظر عندما يبلغ السيل الزبى وبعدها تعلن النفير العام ، وتحشد كل أمكانياتها وطاقاتها لإستعادة هذا الجزء الأصيل من جمهورية الصومال.

ما يجري في فلسطين من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية ، وما يجري في أكرانيا من تحد لأبسط ابجديات القانون الدولي،  وقرارات المؤسسات الدولية، وفي ظل تزايد الظاهرة الترامبية ليس في أمريكا فحسب وإنما في باقى دول العالم،  ليس من المستبعد  أن تتخذ بعض الدول خطوات متهورة للاعتراف بمنطقة أرض الصومال كدولة مستقلة ذات سيادة،  ضاربة  جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة على عرض الحائط، مبررة بذلك من أجل حماية مصالحها القومية، وتحقيقا لتطلعات سكان تلك المنطقة  وخصوصا مع زيادة أعداد الدول المهتمة بأرض الصومال لأهمية موقعها الجغرافي ، ودخول الولايات المتحدة في الخط، وتزايد أعداد الدول التي تقيم  قنصليات في هرجيسا  دون الاتصال بالحكومة الصومالية في مقديشو.

كلام كالعسل وأفعال كل الأسل، هكذا تعامل الرؤساء التي حكمت البلاد في السنوات الماضية ملف أرض الصومال إنها في الحقيقة طريقة لا ترقى إلى مستوى أهمية وخطورة هذا الموضوع، كانوا يعتبرونه ملفا ثانويا ولم يكن بطبعية الحال ضمن سلم أولوياتهم مبررين بذلك وجود ملفات أكثر إلحاحا وخطورة مثل قضايا الإرهاب، والأمن، والأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد منذ عام 1991 . كانوا يتعاملون مع الملف وفق رؤى تقليدية ، ومقاربات قديمة أثبتت فشلها، وكاستجابة لدعوات بعض الدول إلى التوسط بين الجانبين، وكما نعلم أن الجهات الخارجية سواء كانت شقيقة أو صديقة لا تتدخل مثل هذه الملفات الا وفق رؤيتها ، وأجنداتها ، وبما يخدم مصالحها الخاصة، وأن حماسها يشهد تراجعا في حال واجهت صعوبات أو تغيرت مصالحها في هذا الشأن.

بناء على هذه الإحتمالات، والوقائع الخطيرة ينبغي للرئيس الدكتور حسن شيخ محمود أن يأخذ زمام المبادرة ، ويتخذ خطوة جرئية لتحريك المياه الراكدة، وكسر الجمود، وإعطاء هذا الملف الزخم الذي يستحقه ، ويقدم حلولا صومالية بحتة ليس للخارج دخل فيها ، وأن الخطوة الأولى لتلك الحلول تبدأ بقيام الرئيس زيارة مفاجئة إلى هرجيسا ثم إلى  برعو، وبورما، وبربرة ، ولاسعانود دون أي شروط مسبقة أو برتكول أو رتوش ليس بأعتباره كرئيس وإنما كزعيم صومالي يتصرف وفق التقاليد والعادات  الصومالية حول المصالحة، وتحقيق الوئام ليؤكد لسكان تلك المناطق على جديته ورغبته في حل هذه الملف وفق ما يحقق مصالحهم،  ولإقامة الحجة على سلطات أرض الصومال ، ووضعهم أمام بدائل عن الانفصال ومقترحات متعددة لتحقيق اللحمة، وإعادتهم إلى  وطن الأم ، ويذكرهم بأنه جاء إلى هرجيسا كما جاء إبراهيم عقال  إلى مقديشو عام 1960 لتحقيق الوحدة الوطنية.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى