‏تنسيقية تقدم إلى “لا شيء”

لا تختلف كمبالا كثيرا عن نيروبي في إستقبال قادة مليشيا الدعم السريع أو من يمثلهم، فتدرك الخرطوم ومنذ عهد الرئيس السابق “عمر البشير” بأن كمبالا لم تكن يوماً حليفاً أو وسيطاً لحل الأزمات السياسية في محيطها الإقليمي، فإستضافة كمبالا لهذا التجمع متوقعاً وهذا ما ذكرناه في مقالنا السابق “المجلس التأسيسي لولاية الخرطوم/مجلس بلا حضور” وستتوالى مثل تلك الإجتماعات في عدد من العواصم الإفريقية في محاولة يائسة وعبثية لوقف حالة التردي والإحجام التي تلتحف بها مليشيا الدعم السريع  ويتوسد بها قادتها، بعد يقين المليشيا  وذراعها السياسي تنسيقية ‫تقدم بأن التطورات المتلاحقة في الساحة السودانية لن تسير مستقبلاً لصالحها ولا وفق ما تم رسمه لها لإفتقارها إلى الحاضنة الشعبية التي فقدتها بعد 15 إبريل 2023، ولا غفران لما إرتكّبَ بعدها في وجدان الشعب السوداني، فالفرق شاسع بين الحكم المدني الذي يأتي بإرادة شعبية حقيقية وبين حكم مدني “مستورد” يريد الوصول للسلطة بوصاية ودعم خارجي، وهذا ما يفسر المحاولات المستميته لتفكيك المنظومة العسكرية للجيش السوداني والأجهزة الأمنية التابعة له وتجريفها، ومحاولة إحلال مليشيا الدعم السريع محلها كذراع “مسلح” ضامن لإستمرار الحكم المدني “المستورد” في السودان في حال وصوله للسلطة.

يدرك الرئيس الأوغندي “يوري موسفيني” قدرة الخرطوم على إجهاض كافة مساعيه في منطقة البحيرات كما أجهضتها في حقبة التسعينات وما تلاها، ولا أعتقد أن الوضع في الداخل الأوغندي يسمح لكمبالا مواجهة الخرطوم في هذا الظرف الدقيق الذي تعيشه الدولة السودانية والذي بات يسير وفقاً للرؤية الدولية في صالح القيادة السودانية ومؤسساتها الوطنية ، ولا نريد الخوض كثيراً في التاريخ، فموسفيني وحده الأعلم بقدرة الخرطوم على إحراق الداخل الأوغندي متى ما أرادت ذلك والسبل لذلك كثيره، وفي حال إستمرار كمبالا في ذلك فلن تتوانى الخرطوم في الإستثمار في التقدم الشعبي الذي يتحقق لرئيس حزب المعارضة الأوغندي “Robert Kyagulani” ودعم منصته الوطنية “National Unity   Platform”  التي حققت مؤخراً نجاحاً بتشكيل جماعة ضغط في الكونغرس الأمريكي داعمة لتوجهها في قضايا الديموقراطية والحوكمة والأمن، خاصة أن هناك إستياء وغضب بين قيادات أمنية واستخباراتية أوغندية بسبب تدهور العلاقات مع الخرطوم “سنأتي على ذكر تفاصيله في مقال آخر”.

سينتهي إجتماع تنسيقية تقدم إلى لا شيء وسيفض جمعهم وجمع من جمعهم ومن سيجمعهم مستقبلاً، وسيبقى السودان، فالسودان بصموده في هذه الحرب الذي تجاوزت العرف والأخلاق والقانون أكد للعالم أجمع بأن لكل دولة ميدان ولا يوجد ميدان تنحني فيه الحقيقة إحتراماً وتبجيلاً إلا ذلك الميدان الذي يرفع فيه أبناء الوطن هامة الوطن بدماءهم وهم يواجهون أعتى حرباً في العهد الحديث.

‏نصر الله السودان وأهله وجيشه الوطني

د.أمينة العريمي

باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي

د.أمينة العريمي

أمينة العربمي باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
زر الذهاب إلى الأعلى