صادق المجلس الوزاري الصومالي في اجتماعه الاستثنائي البارحة على أعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، المتكوّنة من 18 عضوا.
وذكر السيد حمزة عبدي برّي، رئيس الوزراء الّذي ترأس الاجتماع الوزاري الطارئ، أن حكومة “مصلحة وطنية” ملتزمة بردّ حق انتخاب القادة والممثلين إلى الشعب الصومالي.
بدوره، وافق البرلمان الفيدرالي الصومالي في اجتماعه الـ 11 المشترك بين مجلسيه الشعب والشيوخ اليوم الأربعاء على تشكيلة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، حيث صوّت 169 عضوا نيابيا لصالح المشروع، بينما رفض 6 آخرون فقط، ولم يسجّل حياد في هذا التصويت وفق ما أعلنته رئاسة البرلمان الفيدرالي الصومالي الحادي عشر.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جملة من الخطوات العملية والسياسية والقانونية التي تتخذها الدّولة الصومالية لتحقيق طموحاتها نحو إجراء “انتخابات صوت واحد لشخص واحد” في الموسم الانتخابي المقبل، وذلك بعد الاتفاق السياسي الّذي وقع بعض أعضاء المجلس الوطني الاستشاري الصومالي في الشهر الماضي (30أكتوبر)، وتمديد البرلمان لدوورته الحالية لمدّة 30 يوما لإقرار التشريعات والقوانين المهمة لانعقاد هذا النوع من الانتخابات في الصومال.
مخاوف من التمديد الإداري:
اصطدمت مساعي الحكومة الفيدرالية ورغباتها في إجراء الانتخابات العامة المباشرة، برفض القوى المعارضة السياسية الشاملة لكل من ولايتي بونتلاند وجوبالاند، فضلا عن سياسيين ومسؤولين صوماليين سابقين وحاليين، عبّروا عن موقفهم الرافض لهذه الخطوة في بيانات ومؤتمرات صحفية مشتركة ومنفصلة، موضحين أن ذلك يخالف القانون والدّستور ويمهّد لتمديد إداري غير شرعي وقانوني، قد يجرّ البلاد نحو مخاطر من عدم الاسقرار السياسي والأمني.
جوبالاند تتخذ خطوات عملية لإفشال الخطة الحكومية للانتخابات المقبلة:
منذ أن انسحب السيد أحمد محمد إسلام (أحمد مذوبي) رئيس ولاية جوبالاند، عن اجتماعات المجلس الوطني الاستشاري الأخيرة المنعقدة في العاصمة الصومالية “مقديشو” في الفترة ما بين الـ 2- 30/أكتوبر-تشرين الثاني/2024م، تدهورت علاقاته مع الحكومة الفيدرالية، وقرّر إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية غير المباشرة في ولايته، وهو ما تم خلال شهر نوفمبر الجاري، حيث شكّلت إدارة جوبالاند، برلمانا جديدا أعاد انتخاب السيد أحمد مذوبي، للمرة الثالثة رئيسا لولاية جوبالاند جنوب الصومال، على الرّغم من حدوث اضطرابات أمنية في مدينة “كسمايو” قبل يومين من الانتخابات الرئاسية، راح ضحيتها شخصان على الأقل وأصيب آخران، بعد اشتباكات بين القوات الولائية وحرس عضو مجلس الشيوخ الصومالي السيد إلياس بدل غبوسي، الّذي اختاره مؤيّدوه لرئاسة جوبالاند في السنوات المقبلة!
تصعيد عسكري في الولاية:
تزامنا مع الانتخابات الرئاسية التي أُعيد فيها انتخاب السيد أحمد مذوبي رئيسا للولاية، أرسلت الحكومة الفيدرالية الصومالية، وحدات من القوات العسكرية الخاصة المعروفة بـ “غورغور أو الصقور” على متن طائرات هبطت في منطقة “رأس كمبوني” الساحلية التابعة لمديرية “بطاطي” في جوبا السفلى بولاية جوبالاند، مما زاد الأمور تعقيدا، حيث إن إدارة الولاية بدورها بعثت عبر البحر بقوات تابعة لها لمحاربة القوات الحكومية، لكن الأنباء تفيد باستسلام عدد كبير من قوات دراويش ولاية جوبالاند للقوات العسكرية الخاصة التي وصلت إلى منطقة “رأس كمبوني”، الأمر الّذي قد يغيّر المعادلة السياسية في جوبالاند.
حلول مقترحة للمعضلة السياسية في البلاد:
لا شكّ أن الوضع السياسي الراهن في الصومال، غير مستقر، فبينما أوقفت ولايتا جوبالاند وبونتلاند، التعاون مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، تطالب قوى سياسية أخرى بإحداث توافق سياسي يضمن إجراء انتخابات ممكنة ومتّفق عليها بدل تمادي الحكومة في تطبيق خططها نحو إجراء الانتخابات المباشرة والعامة.
وعلى الرغم من ضرورة الوصول إلى توافق سياسي شامل لإجراء انتخابات متّفق عليها، فإنّه لا بدّ من اتخاذ الخطوات الجرئية الضامنة للخروج الآمن من المألوف في العرف الانتخاب السياسي، وذلك في إطار مواصلة المصالحة الوطنية بناء للثقة الداخلية بين مكوّنات المجتمع، وإجراء الإصلاحات القانونية والتشريعية الفاعلة والمؤثّرة، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية حتى تكون الدولة الصومالية قادرة على الحفاظ على وحدة البلاد وتماسكه، فضلا عن مواجهة التدخلات الخارجية المضرة بالسيادة الوطنية ووحدة الأمة وتماسكها الاجتماعي.