خلال العقدين الأخيرين ، بات الخلاف بين الحكومة الفيدرالية وأحمد مذوبي رئيس ولاية جوبالاند يتكرر كلما تقترب موعد الإنتخابات الفيدرالية في الصومال، ويظل يستعصي جميع المحاولات للسيطرة عليه ، وإيجاد حل له، وأن أحمد مذوبي ظل يخرج من هذه الأزمة كل مرة منتصرا، وأقوى من ذي قبل رغم المحاولات المستميتة لكبح جماحه. وبالتالي فهناك علامات إستفهام كبيرة حول فرص نجاح محاولات الحكومة الفيدرالية الحالية لهزيمة أحمد مذوبي، ويتساءل كثيرون ما إذا ستكون مصيرها نفس مصير نظيراتها السابقة أم هذ المرة الأمر مختلف؟
أسباب وجذور المشكلة
يمكن حصر أسباب وجذور المشكلة على أربعة عناصر رئيسية:
- جميع الحكومات الفيدرالية السابقة في مقديشو توصلت إلى نتيجة مفاذها لا يمكن العمل مع جوبالاند مادم أحمد على رأس سلطة الإقليم، ويجب إسقاطه بالقوة أو بالحلية، وأن الرئيس حسن شيخ محمود يتبنى الموقف ذاته
- مقديشو تريد هيمنة كسمايو وولاية جوبالاند وأن يكون وضعها كوضع ولايات هيرشبيلي، وجملدغ، وجنوب غرب الصومال ليس كما هو الأمر بالنسبة لبونت لاند
- العلاقة مع إثيوبيا وكينيا : من يحكم ولاية جوبالاند يقدر أن يلعب دورا كبيرا في نجاح أو فشل السياسية الخارجية الصومالية بشأن العلاقة مع هاتين الدولتين ودول أخرى مهتمة بالمواني الصومالية
- الإقتصاد : يدر ميناء كسمايو عاصمة ولاية جوبالاند ملايين الدولارات سنويا وهذه الأموال تقع دائما في جيوب قيادة الولاية وتمكنهم من إدارة الولاية دون الحاجة إلى دعم مقديشو ، وأن الحكومة المركزية تريد السيطرة على هذا المصدر الحيوي
ما هي خيارات الحكومة الفيدرالية؟
بين الرئيس حسن شيخ محمود وأحمد مذوبي علاقات قديمة، ويعرف كل وأحد على الآخر وأن خلافهما ظل قائما منذ الفترة الرئاسية الأولى للرئيس حسن ، لكن الصراع بينهما هذه المرة يعتبر معركة كسر العظم. يسعى الرئيس حسن إلى تنظيم انتخابات شعبية مباشرة في الصومال عام 2026 ، وأن الرئيس أحمد مذوبي لا يريد ذلك ، ويعتبر هذا الأمر نهاية لمستقبله السياسي وبالتالي يصر على مخالفة قرارات المجلس الاستشاري الوطني، وإجراء انتخابات يشرف عليها بنفسه، وتضمن له إعادة انتخابه كي يبقى رقما صعبا في المسرح السياسي الصومالي، ولاعبا قويا في عملية الإنتخابات الرئاسية الفيدرالية المقبلة.
يمضي أحمد مذوبي قدما في طريق إعادة إنتخابة ، وتم حتى الآن إختيار برلمان الولاية وأن اليومين المقبلين سيعيد البرلمان إنتخابه رئيسا لولاية جوبالاند لفترة ولائية ثالثة ، ولذلك باتت خيارات الحكومة الفيدرالية في مقديشو محدودة ، وأن جميعها محفوفة بالمخاطر، ولا تضمن لها الوصول إلى المبتغى المأمول، بل من الممكن أن تنسف الإنجازات التي تحققت خلال الأعوام الماضية في الصومال، وتعطي الفرصة لتنظيم الشباب المسيطرة على أجزاء واسعة من ولاية جوبالاند ، ومن أبرز تلك الخيارات :
أولا: خيارات الحسم العسكري
- إرسال جنود إلى منطقة جذو معقل معارضي نظام أحمد مذوبي ثم الزحف نحو مدينة كسمايو والسيطرة عليها وأن هذ السيناريو صعب وغير واقعي؛ لأن المسافة بين جذو وكسمايو طويلة وتعتبر معقل تنظيم الشباب.
- إرسال قوات إلى منطقة أفمذو جنوب كسمايو عبر الجو بدعم من المليشيات القبلية وهذا الخيار خطير أيضا وذلك بسبب السيطرة القوية لأحمد مذوبي على هذه المنطقة بالإضافة إلى وجود القوات الكينية التي فيما يبدو لا تقبل مثل هذا الإجراء وكذلك أنه في حال إندلاع حرب بين الطرفين يتوقع الا يكون سريعا وخاطفا، وقد يستغرق وقتا ما يؤدي إلى إستنزاف قوات الحكومة الفيدرالية، وإثارة بلبلة في الإستقرار الأمني والسياسي الهش في الصومال
- دعم المرشحين المعارضين لأحمد مذوبي ماليا وعسكريا ، وإحداث انشقاقات داخل قوات جوبالاند وهذا أمر يمكن حدوثه، لكنه خطير ولا يخدم لمصلحة المنطقة والصومال، ومن الصعب أيضا أن يحقق انتصارا سريعا وأن الحكومة الفيدرالية ما لم تحسم مثل هذا الموقف بسرعة فستغرق في وحل جوبالاند، وسيكون فشلها ذريعا
ثانثا: خيارات الحل السلمي
هناك خيار واحد ومرير بالنسبة للحكومة الفيدرالية، لكن يعتقد كثيرون بأنه الأقل تكلفة ، والأكثرة أهمية بالنسبة لعملية إعادة بناء الدولة الصومالية ، وتعزيز عامل الثقة بين العشائر الصومالية . وهذا الخيار يتمثل في أن تتحلى الحكومة الفيدرالية بأقصى درحات ضبط النفس، وتتخلى شأن جوبالاند كما فعلت بالنسبة لبونت لاند ، وأن يتركز جل نشاطاتها الحثيثة واهتماماتها نحو تنظيم انتخابات شعبية مباشرة في المناطق الأخرى من البلاد.