القمة الثلاثية في أسمرة .. ملامح تشكّل تحالف إقليمي جديد في المنطقة

استضافت العاصمة الإرتيرية أمس الخميس الـ 10/أكتوبر_تشرين الأول/2024م، قمة ثلاثية اجتمع فيها رؤساء دول الصومال، إرتيريا، وجمهورية مصر العربية، لإجراء مشاورات مكثفة بشأن مسائل إقليمية ودولية حيوية.

ووفقا لبيان مشترك صادر، فإن القمة تناولت بعمق أكبر وتوصلت إلى توافق في الآراء بشأن المسائل التالية:

  1. الأزمة في السودان وتداعياتها الإقليمية.
  2. الوضع في الصومال على ضوء التطورات الإقليمية الأخيرة.
  3. قضايا الأمن والتعاون بين الدول الساحلية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب في سياق أهميته القصوى كممر بحري حيوي.
  4. آليات التنسيق الدبلوماسي والجهود المُشتركة بين الدول الثلاث.

كما أكّد رؤساء الدول الثلاث: السيد حسن شيخ محمود، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، الجنرال عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والرئيس إسياس أفورقي، رئيس دولة إرتيريا على ضرورة الالتزام بالمبادئ والركائز الأساسية للقانون الدولي باعتبارها الأساس الذي لا غنى عنه للاستقرار والتعاون الإقليميين، خاصًة الاحترام المُطلق لسيادة واستقلال ووحدة أراضي بلدان المنطقة، والتصدي للتدخلات في الشئون الداخلية لدول المنطقة تحت أي ذريعة أو مُبرر، وتنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وخلق مناخ موات للتنمية المُشتركة والمُستدامة. وتطوير وتعميق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تعزيز إمكانات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وتمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي لما سمي بـ “الإرهاب” بكافة صوره، وحماية حدوده البرية والبحرية، وصيانة وحدة أراضيه. والترحيب بالجهود التي تقوم بها كل من دولة إريتريا وجمهورية مصر العربية في دعم الاستقرار في الصومال الشقيق وتعزيز قدرات الحكومة الفيدرالية، والإشادة بعرض جمهورية مصر العربية المساهمة بقوات في إطار جهود حفظ السلام في الصومال.

كما تم الاتفاق على إنشاء لجنة ثلاثية مشتركة من وزراء خارجية إريتريا، ومصر، والصومال للتعاون الاستراتيجي في كافة المجالات.

إن توقيت القمة والقضايا التي نوقش فيها، إلى جانب مخرجاتها الواردة في البيان المشترك الصادر عنها، فضلا عن التوترات التي تشهدها المنطقة، لتدل على أنها بداية لتشكّل تحالف إقليمي يواجه خطرا مشتركا وبالتالي، يلزم على هذه الدول الاتحاد والتعاون من أجل التغلب على هذا الخطر.

إن تأكيد رؤساء هذه الدول على ضرورة الالتزام بالمبادئ والركائز الأساسية للقانون الدولي، والاحترام المُطلق لسيادة واستقلال ووحدة أراضي بلدان المنطقة، والتصدي للتدخلات في الشئون الداخلية لدول المنطقة تحت أي ذريعة أو مُبرر، وتنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وخلق مناخ موات للتنمية المُشتركة والمُستدامة، يبعث برسالة صريحة إلى جهات بعينها في المنطقة، مفادها أن التصرفات والسلوكيات غير القانونية التي تتخذها هذه الجهات غير مقبولة قطعا.

التهديد الإقليمي المشترك لهذه الدول:

يرى محللون أن إثيوبيا بقيادة آبي أحمد، تشكل تهديدا لهذه الدول، ذلك أن أزمة سدّ النهضة بين إثيوبيا ومصر، مازالت قائمة، في حين أن التوتر الصومالي الإثيوبي الناجم عن الأطماع الإثيوبية نحو الساحل الصومالي، وتوقيع “أديس أبابا” مذكرة تفاهم غير قانونية مع إدارة صوماليلاند الانفصالي، لم يتم حلّه بعد، بينما إرتيريا، تتخذ خطوات تصعيدية، ضدّ أديس أبابا، كان آخرها قطع الاتصال الهاتفي بين البلدين –حسبما تناقلته مصادر إخبارية-، وقبلها، تم تعليق رحلات الخطوط الجوية الإثيوبية من وإلى إرتيريا، كردّة فعل إرتيرية على تصرّفات إثيوبية، لم تعجبها.

كلّ هذا وغيره، يدلّ على أن المنطقة متجهة نحو تكوين التحالفات الإستراتيجية واستقطاب الدول فيما بينها لتعزيز الجبهات القانونية والدبلوماسية، قبل الميادين الأمنية والعسكرية.

هذا، ومن الممكن أن تشهد المنطقة توسعا لهذا التحالف وانضمام دول أخرى إليه، كما أنه من الممكن إنشاء تحالف آخر موازي لهذا التحالف، في حال شعرت إثيوبيا بأنها المستهدف في هذا التطور الجديد في المنطقة، فتسعى إلى استقطاب دول المنطقة التي لم تشارك في هذه القمة وتقنعها بإنشاء تحالف إقليمي معها، ولكن يبقى سر نجاح تكوين التحالفات في المنطقة، في مدى استشعار أعضاء التحالفات لقيمة التحالف أو لحقيقة الخطر المشترك الّذي يواجههم ويدفعهم نحو تكوين التحالف واستقطاب القوى الإقليمية والدّولية لدعم قضيّته.

الجدير بالذّكر أنه في 2018م، شهدت المنطقة تحالفا أمنيا ثلاثيا، ضم كلا من إثيوبيا آبي أحمد، وصومال محمد فرماجو، وإرتيريا إسياس أفورقي، غير أن هذا التّحالف لم يكن فعّالا وقويا، ربما لأنه لم يكن أمامه خطر أو تهديد مشترك، على خلاف تحالف اليوم، الّذي يتّفق أعضاؤه على النفور من تصرفات إثيوبيا وسياساتها في المنطقة، لكن الملاحظ في التحالفين غياب جيبوتي عنهما، مع دورها المحوري في المنطقة، ولعل هذا الغياب قد يمنحها، فرصة لعب دور الوسيط في المنطقة، على الرغم من خلافاتها الحدودية مع إرتيريا، إذ ما عدا ذلك فإنها تتمتع بعلاقات طيّبة أو غير متوتّرة مع دول المنطقة ومع اثنين من أعضاء التحالف الثلاثي الجديد الّذي يتشكّل في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى