الانتخابات الرئاسية التونسية لسنة 2024: الشعب يختار الاستمرارية

نبيه الزبيدي – تونس

 أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس مساء الاثنين 7 أكتوبر 2024 عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي دارت يوم الأحد 6 أكتوبر 2024 معلنة استمرار الرئيس الحالي قيس سعيد في الحكم لخمس سنوات جديدة بعد اكتساحه لمنافسيْه فهل سيقود البلاد لجنَّة النجاح أم إلى نار الفشل.

          فاز الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيد لفترة رئاسية ثانية تمتد لسنة 2029 بعد فوزه بانتخابات الأحد الماضي و حصوله على نسبة 90.69% و بأصوات قُدرت بـ 2438954 متجاوزا منافسيه الاثنين بفارق شاسع. و تُعد نسبة المشاركة ضعيفة نسبيا حيث بلغت 28.8%.

و قد شهدت المنافسة النهائية ثلاثة مترشحين و هم حسب الترتيب الذي تم اعتماده رسميا:

+ العياشي زمال مهندس الكيمياء و رجل الأعمال البالغ من العمر 47 عاما و قد تحصل على 197551 صوتا و هو ما يعادل 7.35% من نسبة الناخبين

+ زهير المغزاوي النقابي و أستاذ الرياضيات البالغ من العمر 59 عاما و قد تحصل على 52903 صوتا و هو ما يعادل 1.97% من نسبة الناخبين

+ قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري، الرئيس الحالي و البالغ من العمر 66 عاما و قد تحصل على النسبة المذكورة في الأعلى.

شهدت هذه الانتخابات لغطا و نقاشات حادة سواء في تونس أو في الخارج[1] بعد أن رفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (التي يتهمها معارضو النظام بكونها ذراعا من أذرعه التي يحكم بها البلاد) عديد المترشحين لدواعي مختلفة[2]. كما أن العديد من الراغبين في الوصول إلى كرسي الرئاسة لم يتمكنوا من توفير الشروط اللازمة للترشح و منها الحصول على بطاقة نقية للسوابق العدلية و التي تُمنح حصريا من وزارة الداخلية التونسية و الحصول على تزكيات شعبية من 10 آلاف ناخب أو من قبل 10 من نواب الشعب أو من طرف 40 من نواب المجالس المحلية و هو قطعا ليس بالأمر السهل. كما زادت حدة التوترات بعد أن تم سجن المترشح رقم واحد في قائمة المترشحين النهائية و المعارض للنظام الحالي بتهمة تزوير تزكيات شعبية تؤهله لخوض غمار الانتخابات.

لم يكن فوز الرئيس الحالي قيس سعيد بولاية ثانية أمرا مفاجئا فهو يحظى برضا النسبة الكبرى من الناخبين كبار السن[3] الذين يملكون انضباطا انتخابيا كبيرا و نسبة عزوف ضعيفة مقارنة بالفئات الشابة من الناخبين التي كان غيابها عن هذه الانتخابات ملحوظا. ينتقد عديد الشبان سياسات الحكومة الحالية و يصفونها بالتخبط و عدم الاستقرار و الغموض و عدم إيجاد الحلول الملائمة لمشاكل البلاد. و قد ساعد هذا العزوف الذي تجاوز الـ 70% في فوز مستحق للرئيس قيس سعيد الذي لم يجد أدنى منافسة من مترشحيْن لم يتمكنا مجتمعين من الحصول حتى على نسبة 10% من الأصوات المعلنة.

يثير فوز قيس سعيد الكثير من اللغط معتبرين أنه سيتخذ منهجا انتقاميا من منتقديه و معارضيه و هو ما بدأه حسب رأيهم فعليا بعد انفراده بالسلطة، بعد حله للبرلمان السابق سنة 2021 و تغييره لدستور البلاد سنة 2022 بعد استفتاء شعبي، مانحا منصب رئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة لم يكن يمتلكها في دستور الجمهورية الثانية الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014.

تبقى مسألة الحريات الهاجس الأكبر لمعارضي قيس سعيد في الداخل و الخارج بعد أن أمضى قوانين و أوامر تحد منها مقارنة بما عاشته البلاد من تطور ديمقراطي و انتعاش للحريات بعد ثورة 2011. و قد أصبح المرسوم بقانون عدد 54 الذي وقعه قيس سعيد في سبتمبر 2022 و الذي يهدف إلى مكافحة المعلومات الزائفة و الشائعات عصا غليظة في يد النظام يؤدب بها معارضيه حسب قولهم.

تعاني تونس منذ سنوات من عدة مشاكل اقتصادية و اجتماعية أهمها البطالة (و خاصة بطالة خريجي الجامعات) و التضخم المالي و غلاء الأسعار و نقص عديد المواد الأساسية المعيشية و ارتفاع نسبة الفقر و ارتفاع الدين الخارجي و عجز الميزان التجاري و تراجع العملة المحلية (الدينار) أمام العملات العالمية و ارتفاع نسبة الجريمة بأنواعها و تدهور القطاع الصحي العمومي و قطاع النقل العمومي و فساد و ضعف منظومة التعليم و الهجرة غير الشرعية التي أتت بآلاف مؤلفة من أفارقة جنوب الصحراء الحالمين بالعبور بحرا إلى السواحل الأوروبية و ما زاد الطين بلة المشاكل المناخية من نقص في نسبة التساقطات و ما تبعها من جفاف و ارتفاع في نسبة التصحر و استنزاف للثروة المائية الجوفية مما يهدد بخسارة آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية الخصبة. كما أصبح التلوث البيئي برا و جوا و بحرا مسببا رئيسيا لعدة أمراض خطيرة و مزمنة تضرب الصغار قبل الكبار و خاصة في منطقة الحوض المنجمي و المدن و القرى المطلة على خليج قابس.

في هذه الانتخابات منح أغلب المقترعين التونسيين أصواتهم للرئيس قيس سعيد على أمل أن يواصل سياسته المبنية على محاربة الفساد و المافيات التي تعطل عمل حكوماته المتعاقبة الواحدة تلو الأخرى حسب قوله. و لكن و في نفس الوقت يحلم هؤلاء الناخبون بتحسن في مستوى معيشتهم الذي بدأ في التدهور بصفة دراماتيكية منذ سنة 2019 و بلغ أوجه بعد جائحة كورونا[4] التي ضربت العالم بأسره.

يبدو الرئيس قيس سعيد عالما و متمرسا بطبع المواطن التونسي و تقلباته المزاجية فهو يملك من الذكاء ما يجعله يبدو رئيسا ناجحا في أعين ناخبيه. في حقيقة الأمر لم يعطي وعودا انتخابية صريحة و لم يكن برنامجه الانتخابي يقدم حلولا لكل المشاكل التي تم ذكرها و لكنه تعهد بأن يواصل على نفس المنهج الذي تبناه منذ سنة 2021 و المبني على محاربة الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة كما أنه يُعد برنامجا مهما يكافح التهرب الضريبي و يشدد العقوبات على مرتكبيه. كما أنه يطمح لجعل الفوارق الاجتماعية بين فئات المجتمع التونسي أقل حدة و ذلك من خلال محاسبة الفاسدين من رجال الأعمال الأثرياء و جعلهم يقومون بمشاريع ذات صبغة اجتماعية في المناطق الأكثر فقرا و تهميشا في البلاد.

أما على مستوى السياسة الخارجية فلم يكن برنامج قيس سعيد الانتخابي أكثر وضوحا من برنامج سياسته الداخلية و لكن من المنتظر أن يواصل برنامجه الحالي المبني على تقارب أكثر مع دول الشرق الكبرى (روسيا و الصين و الهند) مع عدم إهمال تعهداته مع الدول الغربية و خاصة دول الاتحاد الأوروبي و تحديدا إيطاليا التي أبرم معها صفقة لحماية سواحلها من جحافل المهاجرين غير النظاميين (الحراقة) من تونسيين و أفارقة جنوب الصحراء و غيرهم من الجنسيات الأخرى.

يبقى دعم تونس للقضايا العربية و الإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين ثابتا لا تشوبه شائبة في برنامج قيس سعيد رغم أنه لم يتمكن في حقيقة الأمر من تقديم شيء يُذكر لنصرة قطاع غزة في العدوان الغاشم الذي يتعرض له منذ سنة كاملة من قبل الاحتلال الصهيوني الهمجي[5].

و تبقى التحديات القادمة لتونس في السنوات القادمة عديدة و متشعبة و أهمها:

  • إرساء مبادئ الديمقراطية و الحريات و التداول السلمي على السلطة بطرق تضمن حرية الشعب في اختيار من يحكمه
  • الإيفاء بتعهدات البلاد المالية في آجالها المحددة من خلاص للدفوعات المستحقة للقروض التي تم أخذها في السابق من منظمات مالية عالمية و من بعض البلدان الصديقة
  • إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التي أضرت بالنسيج الاجتماعي التونسي و توفير المواد الاستهلاكية الأساسية بأسعار مدروسة تكون في متناول كل فئات الشعب الذي بدأ يعاني من نقص في الكميات المعروضة و غلاء في الأسعار
  • دفع عجلة الاستثمار في البلاد و ذلك من خلال سن قوانين تشجيعية للمستثمرين المحليين و العمل الدبلوماسي الدؤوب لجلب مستثمرين من الخارج و هو ما يُعد نقطة ضعف فادحة في عمل البعثات الدبلوماسية التونسية في بلدان العالم و التي يغط أغلبها في سبات عميق
  • إيجاد حلول عملية و معقولة و إنسانية للأعداد الكبيرة من أفارقة جنوب الصحراء التي تتدفق يوميا بطرق غير شرعية على البلاد و ذلك من الحدود مع ليبيا و الجزائر
  • إيجاد حلول للتنمية المستدامة و المشاكل المناخية التي تضرب البلاد و خاصة أزمة الجفاف و أزمات المياه الآخذة في التفاقم و التي ستأخذ منعرجا خطيرا في السنوات القادمة إذا لم يتم البحث عن حلول منذ الآن فمن المنتظر أن تصل البلاد إلى مستوى خطير من نقص في مياه الري و الشرب بحلول سنة 2035 و ذلك للنقص المحتمل في كمية المياه التي تحملها الأودية القادمة من الجزائر حيث تسعى هذه الجارة الغربية لتونس لبناء عدد كبير من السدود قبل الحدود التونسية بقليل و هو ما سيضعف حصة تونس من المياه السطحية و الموسمية.

رغم كل المشاكل التي تم ذكرها و رغم الوضع العالمي الصعب تبقى فرصة تونس للخروج من عنق الزجاجة ممكنة إذا كانت الرغبة السياسية في الإصلاح موجودة و يبقى الرئيس قيس سعيد مطالبا بتغيير واقع التونسيين نحو الأفضل سواء الذين منحوه ثقتهم أو لم يمنحوه إياها في هذه الانتخابات فالوطن يتسع للجميع على اختلافاتهم و اليد الواحدة لا تصفق.

عديدة هي المشاكل التي تستوجب إصلاحات جذرية في تونس و من المؤمل أن يقوم الرئيس المُعاد انتخابه باتخاذها و خاصة في قطاعات الفلاحة و الصحة و النقل و التعليم و الصناعة. كما أن قطاع المناجم و الثروات الباطنية يعاني منذ سنوات و قد تناقصت المداخيل بشدة بسبب الاضرابات العمالية و تهالك أسطول الاستخراج و النقل خاصة في مناجم الفوسفات. كما أن ناقوس خطر الجفاف و أزمة المياه الحادة بدأ يُدق بشدة منذ أكثر من عشرة سنوات و لكن لم يتعرض أي مترشح لرئاسيات 2024 لهذه المعضلة بصفة جدية و لم يقترح أي واحد منهم أفكارا قابلة للتطبيق فهل يملك قيس سعيد اقتراحات حلول ممكنة و سريعة و هو الذي كان متحمسا بشدة لزيادة أعداد محطات تحلية مياه البحر و خاصة في جنوب البلاد.

يعلم الجميع أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة و لكن حكام تونس في السنوات الأخيرة أعجبهم تأجيل هذه الخطوة لأن الطريق مليء بالأشواك و لم يقبل أي واحد منهم إلى حد الآن بأن تكون الشوكة الأولى من نصيبه.

في حقيقة الأمر، تُعد السياسة الخارجية لكل بلد أمرا مهما و عانت تونس منذ ثورة 2011 من تخبط و عدم استقرار في سياستها الخارجية و علاقاتها مع بقية البلدان. و قد ركز الرئيس قيس سعيد في سنوات حكمه الخمس الأولى على الاتجاه شرقا و تدعيم علاقاته مع كل من الصين و روسيا مع المحافظة على علاقات ودية مع القوى الغربية و على رأسها فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية.

علاقات تونس مع محيطها المتوسطي و العربي تبدو جيدة في الظاهر و لكن السنوات الأخيرة حملت معها تقلبات و اهتزازات عديدة في علاقتها مع بعض أشقائها و أصدقائها كقطر و تركيا و الإمارات العربية المتحدة و المغرب و ليبيا و إيطاليا.

يجب أن يعي الساسة التونسيون أهمية القارة الإفريقية و تأثيراتها المباشرة و غير المباشرة على سياسة البلاد في الداخل و الخارج. تمتد الحديقة الخلفية لتونس من الصومال شرقا إلى غينيا غربا و عليها أن تعزز علاقاتها مع هذه البلدان لأن أي انقلاب عسكري أو حرب أهلية أو نزاع مسلح أو أي كوارث طبيعية في هذه المنطقة من العالم يؤثر بطريقة مباشرة عليها و من الممكن أن تصلها تأثيرات هذه الأزمات في مدة وجيزة لا تتجاوز بضعة أسابيع. من الخطوات الواجب التفكير فيها من قبل الرئيس المُعاد انتخابه قيس سعيد و التسريع في اتخاذها في ما يتعلق بسياسة البلاد الخارجية و علاقاتها مع محيطها الإفريقي:

+ التعامل مع البلدان الإفريقية على أساس الربح المشترك و خلق الثروة

+ فتح سفارات جديدة في بعض البلدان الإفريقية المهمة و التي من المنتظر أن تصبح قوى إقليمية لما تملكه من ثروات و آفاق مثل الصومال و السودان و أنغولا و تنزانيا و مدغشقر

+ دعم التبادل التجاري مع هذه البلدان و دعم المستثمرين التونسيين لإنشاء مشاريع فلاحية و صناعية و خدماتية ذات فرص تشغيلية كبيرة هناك

+ دعم النقل البحري و الجوي بين تونس و هذه البلدان الإفريقية لتسهيل تدفق البضائع و تسهيل حركة المسافرين.

Ω العلاقات بين تونس و الصومال و سُبل دعمها و تطويرها:

تسير الصومال على طريق الديمقراطية و التطور بثبات رغم كل العراقيل الداخلية و الخارجية. من المنتظر أن تصبح الصومال قوة اقتصادية مهمة في منطقة القرن الإفريقي خلال السنوات العشر القادمة و عليها أن تدعم علاقاتها الخارجية مع الدول التي تملك معها رابطا مشتركا كالانتماء لمنظمة المؤتمر الإسلامي أو الاتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية دون أن تهمل علاقاتها مع كبار العالم و المتحكمين فيه. لا تملك تونس و الصومال علاقات دبلوماسية مباشرة إلى حد الآن و لكن علاقتهما كانت دائما متميزة و جيدة و قد آن الأوان لدعم هذه العلاقة و تطويرها لما فيه خير البلدين و الشعبين الشقيقين.

يبدأ الرئيس قيس سعيد ولايته الرئاسية الثانية بعد أيام و عليه أن يوجه الأنظار صوب إفريقيا و أن يدعم علاقاته معها. إن كان يريد النجاح، لا بد أن تكون البداية من مقديشو.

بالنسبة لتونس، الصومال هي مفتاح شرق إفريقيا و دعم هذه العلاقة الثنائية لن يجلب إلا الخير للبلدين و للشعبين. من المهم للغاية أن يزور الرئيس التونسي مقديشو زيارة رسمية و سيكون استقباله في قصر قرطاج الرئيس الصومالي أو رئيس حكومته تعزيزا مهما لبناء علاقة وثيقة بين البلدين. عند ذلك، يمكن الحديث عن تعاون ثنائي و إجراءات تدعم علاقتهما و من أهمها:

  • فتح سفارة تونسية بمقديشو و سفارة صومالية بتونس العاصمة
  • إلغاء تأشيرات الدخول لمواطني البلدين
  • إمضاء اتفاقيات تدعم التبادل التجاري بين البلدين و منها التخفيض في الأداءات الديوانية عند توريد كل بلد لبضاعة يكون منشؤها البلد الثاني
  • رغم المشاكل التي تعاني منها تونس في ميدان التعليم و الصحة فإنها تملك أفضل الكفاءات العالمية في الطب و الهندسة و يمكنها تسهيل استقبال الطلبة الصوماليين في الجامعات التونسية. كما يمكن للأطباء و المعلمين و المهندسين التونسيين التوجه للعمل في الصومال في القطاعات التي تعاني نقصا
  • تشجيع التونسيين للاستثمار في الصومال و تشجيع الصوماليين للاستثمار في تونس

حسب بعض الإحصائيات، يبلغ عدد المواطنين من أصل صومالي في أوروبا حوالي 600 ألف شخص يحتفظ أغلبهم بحنين لبلدهم الأم و يرغبون بزيارته من حين لآخر. سوف يساعد تحسن الأوضاع الأمنية في الصومال بصفة عامة و العاصمة مقديشو بصفة خاصة في ارتفاع زيارات المغتربين الصوماليين لعائلاتهم في بلادهم. و رغم زيادة عدد شركات الطيران العالمية التي تؤمن رحلات إلى مطار مقديشو فإن الصوماليين و خاصة منهم المقيمين في دول شمال أوروبا يجدون صعوبات جمة لزيارة وطنهم و يكونون في كثير من الأحيان مضطرين للصعود على متن ثلاث رحلات جوية تقريبا للوصول إلى مقديشو و هو ما يجعل من هذه السفرة أمرا شاقا و طويلا.

سيكون مهما للغاية أن تشترك تونس و الصومال لإنشاء شركة طيران جديدة (بتمويل حكومي أو خاص من رجال أعمال تونسيين و صوماليين) بمقرَّين اثنين أحدهما في مطار مقديشو و الثاني في مطار تونس قرطاج أو مطار النفيضة الدولي (من ضواحي مدينة سوسة الساحلية السياحية و ثالث كبرى المدن التونسية). ستوفر هذه الشركة رحلات مباشرة من تونس إلى الصومال و من تونس إلى أكبر المدن الأوروبية و من الصومال إلى مدن شرق إفريقيا و ذلك لتسهيل حركة المغتربين الصوماليين الراغبين في زيارة وطنهم و المسافرين التونسيين الراغبين في استكشاف الصومال و المناطق السياحية المجاورة لها كزنجبار و كينيا و غيرهما دون أن ننسى مواطني البلدان الأخرى المهتمين بالسفر لهذه المناطق. سيدعم هذا الخط الجوي المباشر بين تونس و مقديشو التبادل التجاري بين البلدين و يمنح المستثمرين التونسيين و الصوماليين سهولة و سرعة في التنقل و السفر.

يلعب الموقع الجغرافي لتونس في شمال إفريقيا و في قلب البحر الأبيض المتوسط الذي يجمع قارات العالم القديم إفريقيا و أوروبا و آسيا في جعلها نقطة التقاء مهمة و قاعدة تواصل ممتازة لشركات الطيران و هو ما يمكنها من أن تكون شريكا استراتيجيا للصومال الطامحة بدورها للعودة بقوة للساحة العالمية التي غابت عنها لعقود.

لا بد أن تتوفر الرغبة السياسية في بادئ الأمر و ذلك لتشجيع المستثمرين من كلا البلدين للمضي قدما في هذا المشروع المهم الذي من الممكن أن يكون قاطرة لدعم العلاقات التونسية الصومالية.

          باحت انتخابات أكتوبر 2024 الرئاسية التونسية بأسرارها و فاز الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد بولاية ثانية من المفترض أن تكون الأخيرة حسب الدستور التونسي الذي يمنح الرئيس فترتين رئاسيتين فقط تمتد كل واحدة منها على خمس سنوات. جاءت هذه الانتخابات في فترة تعاني فيها البلاد من عدة مشاكل اقتصادية و اجتماعية و سياسية فهل سيتمكن الرئيس قيس سعيد من إخراج البلاد من عنق الزجاجة و تحسين مستوى معيشة التونسيين و هل سيستطيع أن يجعل من سياسته الخارجية مفتاحا لحل مشاكل البلاد الداخلية.


[1] تنتقد عديد المنظمات الحقوقية في الخارج سياسة قيس سعيد الداخلية متهمة إياه بنسف مسار الديمقراطية و الحريات الذي بدأ سنة 2011 بعد الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي الذي حدَ من الحريات و حكم البلاد لمدة 23 سنة

[2] حكمت المحكمة الإدارية في تونس بإعادة 3 مترشحين لسباق الانتخابات الرئاسية و هو ما رفضته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مقدمة أسبابا رآها البعض مقنعة و رفضها الكثيرون

[3] يرى أغلب المواطنين من كبار السن في تونس أن أهم ميزة يمتلكها الرئيس قيس سعيد هي “نظافة اليد” و هو ما يجعلهم يُقبلون على انتخابه من دون أدنى شك

[4] في تونس، تم الإعلان عن أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في بداية شهر مارس 2020

[5] تمكنت تونس من استقبال عشرات الجرحى الفلسطينيين لعلاجهم في المستشفيات و المصحات الخاصة التونسية كما أنها قامت بإرسال عدة أطنان من المساعدات المتكونة من مواد غذائية و أدوية و أغطية و غيرها إلى مطار العريش المصري

زر الذهاب إلى الأعلى