فلسفته في الكفاح ضد الاستعمار
بعد دخول الاستعمار في الصومال وجد الشيخ أبيكر غافلي الذي عاش في المرحلة ما بين عامي 1852-19022 ، بيئة مغايرة تماما للبيئة التي عرفها وترعرع في كنفها، ورأي مرة واحدة يتداعى على بلاده الاستعمار ويتكالب عليه، الأمر الذي دفع الشيخ إلى تغيير نمط حياته وتعليق دوره في نشر العلم ، ومحاربة الجهل، والنهوض إلى خدمة أكبر وأهم منها وهي مواجهة الاستعمار وتحرير البلاد.
طغت فلسفة الطريقة الصالحية المقاومة للاستعمار الغربي ، على شخصية الشيخ عبدي أبيكر غافلى وأفكاره، كما كان الحال في ذلك الوقت في العديد من المناطق الصومالية والبلدان الإسلامية على وجه العموم “إذ برزت على المشهد الإجتماعي في البلدان الإسلامية شخصيات إسلامية ثورية ذو خلفية صوفية حملت أفكارا إصلاحية ونضالية مغايرة لما كان سائدا ، ومن هذه الشخصيات الاسلامية الثورية شخصية مهدي السودان، والسلطان على دينار في دارفور، وحركة السنوسية وعمر المختار في ليبيا، والسيد محمد عبد الله حسن في الصومال[1]” ، كما أشعلت قيم المجتمع الصومالي السائدة في ذلك الوقت الرافضة للاحتلال وأذنابه، جذوة روح المقاومة المسلحة في نفسية الشيخ عبدي أبيكر غافلي، وتغلبت على نضاله السلمي ، المتمثل في نشر الدعوة الإسلامية، وتقديم الدروس الدينية في المساجد وفي الحلقات التعليمية.
كانت فلسفة الشيخ عبدي أبيكر غافلي النضالية تقوم على أن المقاومة ضد المحتل حق أصيل ومشروع وطني وقومي لا يخص بمنطقة صومالية واحدة وإنما يهدف إلى تحرير كافة الأراضي الصومالية من الاحتلال الإيطالي والبريطاني الغاشم ، وإقامة نظام سياسي عادل لا يتم فرضه من الخارج إنطلاقا من الثوابت الدينية والأخلاقية والوطنية.
تواصل الشيخ عبدي أبيكر غافلي خلال كفاحه ضد الإستعمار الإيطالي مع كافة القبائل الصومالية في الجنوب والشمال وبعث إليها رسائل يحثها على الوئام ، ونبذ الخلافات الداخلية، والوحدة من أجل الذود عن حياض الدين وتحرير البلاد، وقيل إن مِسبَحَته ظلت طيلة فترة نضاله ضد الإستعمار رمزا للتواصل مع القيادات المجتمعية وشيوخ العشائر الصومالية[2] . وصف أحد الكتاب الإيطاليين الذين أذاقهم الويلات وقال “هناك شيخ أبيكر غافلي وكان دائما ضدنا مثير للشغب وجرح قبل عامين من الذراع وهو فار وخفضت قيمته القيادية”. وأضاف “وفي الظرف الهادئ هو لا يزال يثير الشغب والتحريض”.
كان الشيخ عبدي أبيكر غافلي يعتقد أن الاجتماعات واللقاءات العشائرية منابر مهمة للتحريض ضد الاستعمار وحمل الأمة على القتال وطرد المستعمر، وكان ينظم اجتماعا سنويا حافلا يشارك فيه أفواج من الوفود القبلية من شتى أصقاع البلاد، احتفالا بمولد النبي عليه الصلاة والسلام ، وكان لا يقبل الا أن يذبح في هذا الإجتماع جمالا من ماله إجلالا لمولد النبي عليه الصلاة والسلام، وكان الشيخ يستغل من مثل هذه المناسبات في حث الناس على المقاومة والدفاع عن دينهم وبلادهم والمشاركة في الحرب ضد الاستعمار.
تنفي الفلسفة التي تبناها الشيخ عبدي أبيكر غافلي خلال نضاله ضد المحتل تماما عن تهم البعض بأن ثوار الصوماليين في إقليم شبيلي السفلى قاتلوا ضد الاستعمار إحتجاجا على إلغاء العبودية في منطقتهم، وخوفا من لون المستعمر الغربي الذي وصفوه بأنه مصاب بالبرص، وعما أشيع أيضا من أن الشيخ أبيكر غافلي يمكنه “رمي العين الشريرة ، وتحويل الرجال إلى حيوانات ، أو تغيير الرصاص إلى الماء”. صحيح أنه كان صوفيا لكن صوفيا مناضلا ولا علاقة له بالخرافات والأساطير والشعوذة[3].
[1] https://mogadishucenter.com/2021/06/%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%83%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%af-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%ad/
[2] الشيخ نور جيلي مرجع سابق
[3] Muslim Brotherhood in Nineteenth-century Africa B.G.Martin ص: 188 الطبعة الأولى 1976