تعد الصومال من دول العالم الثالث القلائل غير المعتمدة على التحالفات الإقليمية والدولية التي تشكل في نظر العلاقات الدولية عامل استقرار للعديد من الدول الصغيرة والضعيفة، وليس لديها حليف استراتيجي موثوق به تلجأ إليه وقت الشدائد والمحن وتحميها من سطوة الأغنياء وطغيان الأقوياء وتحصنها من الحروب الأهلية والتفكك الداخلي ولا سيما في فترات الاضطرابات السياسية وأوقات الكوارث الطبيعية وهذا هو السبب وراء استمرار الأزمات التي تعصف بهذا البلد الأفريقي العربي الغني بالثروات الطبيعية منذ أكثر من 25 عاما وتعثر جميع المحاولات البريئة والكيدية لإعادة بناء دولته المنهارة وتحوله إلى بلد مستباح من قبل القاصي والداني .
لم تكلكل كافة الجهود الصومالية الرامية إلى بناء علاقات قوية ومتميزة مع القوى الدولية الكبرى بالنجاح، فبعد الاستقلال حاولت الصومال البقاء تحت حماية مستعمِرها إيطاليا الا أنها اكتشفت بأنها ضعيفة ومحمية هي أيضا من قبل قوى أخرى ، فاتجهت نحو الشرق وأقامت تحالفا استراتيجيا مع الاتحاد السوفيتي واعتمدت عليه في كل المجالات والاتجاهات العسكرية والأمنية والاقتصادية وحتى الفكرية والثقافية غير أن هذا التحالف لم يدم طويلا وبعد أقل من 10 أعوام طالبت بالطلاق البائن ورحيل الاتحاد السوفيتي من أراضيها ثم بدأت الاقتراب من الغرب من جديد وهذه المرة من الولايات المتحدة الأمريكية، متعهدة بمنحها كل الامتيازات التي كان يحظى بها الاتحاد السوفيتي لكن لم تصل هذه العلاقة إلى مستوى التحالف الاستراتيجي لتباين القيم والأهداف بعيدة المدى لدى البلدين وأصبح مصيرها معلقا بين القوتين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
ولحد اليوم تعاني الصومال من غياب الحليف الاستراتيجي التي تتمتع بها الدول الأخرى في المنطقة الأمر الذي جعلها فريسة سهلة لقوى طامعة وشرهة ومؤامرات كيدية تستهدف استقلالها ووحدة أراضيها ، وبالتالي لقد حان الوقت لإعادة النظر في علاقتها وسياساتها الخارجة وخاصة مع القوى الإقليمية والدولية بهدف بناء تحالف استراتيجي يساعدها في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني ويوفر لها حماية أمام التحديات الداخلية والخارجية التي تهدد وجودها ولا يمكن في هذه المرحلة التي لا مكان للضعفاء فيها أن تبقى الصومال من دون دعم الحلفاء الاستراتيجيين.