شلم تَتوقف الأحداث السريعة والغريبة التي جرت في المنطقة، حيث قام الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو بزيارة إلى كينيا بصحبة رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد ، ووصف المتابعين في الشأن السياسي في المنطقة بأنها كانت زيارة غير متوقعة ومفاجأة، وبعد جولة من المفاوضات أعلن القادة بأن المحادثات كانت مثمرة جدا، وقد شملت جميع الملفات العالقة بين البلدين، ولم يفصح أحدهم عن حقيقة ما تم في الغرف المغلقة. وكتبت الصحف الكينية مقالات أشارت فيها بأن الملف النزاع حول الحدود البحرية بين البلدين قد جرى تطرقه حلال مباحثات الطرفين، فيما نفى لاحقا نائب رئيس الوزراء الصومالي مهدي محمد جوليد عن صحة تلك الأخبار وأكد بأن الصومال ما زالت متمسكة بحل القضية في المحكمة العدل الدولي، ومن المحتمل أن تصدر المحكمة قرارها النهائي في 2020.
هل ستعود العلاقات حقا؟
شهدت المنطقة في شهور الماضية تحركات مكوكية من قبل القادة في القرن الأفريقي، وتلك التحركات أفضت إلى تحالفات جديدة، بحيث شاركت كينيا في أول مرة في مؤتمر أسمرا، وذلك بعد نشوب الأزمة الدبلوماسية مع جارتها الصومال، ولم تكن الصومال جزءا من هذا المؤتمر الثلاثي بين كينيا وإثيوبيا وإرتريا، وكانت رسالة قوية من كينيا مفادها بأنها صارت جزءا من التحالفات الإقليمية وتلعب هذه المرة ورقة ضغط إقليمية، ومن جانبها رحبت الصومال بمؤتمر أسمرا على مضض، لأنها – أي الصومال- متوجسة بدور كينيا الجديد في المنطقة، ولكن مما كشف نوايا كينيا التي تتفنن – كما يبدو – إلى مناكفة سياسية واستفزاز الصومال من خلال خطواتها غير دبلوماسية حيث التقى رئيس إدارة صوماليلاند موسى بيحي مع رئيس كينيا أوهورو كينياتا ورئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد في أديس أبابا، وكانت خطوة غير دبلوماسية كشفت نوايا أوهورو ورغته الجامحة في ممارسة مزيد من الضغط على الصومال لكي تتنازل عن لجوئها إلى محكمة العدل الدولية، وأن الجانب الكيني يعتقد بأن المحكمة ستكون لصالح الصومال وتسعى قبل إعلان قرار المحكمة بأن تحل القضية بين البلدين من دون مشاركة جهات دولية، بل قالت في بيان لها، كان من الأجدر للصومال أن تلجأ إلى تجمع دول شرق إفريقيا المعروف بـ (East Africa Community) أو منظمة إيغاد، قبل ان تلجأ إلى محكمة العدل الدولية، رغم تلك المحاولات الكينية إلا أن الصومال ما زالت متشبثة لقرار المحكمة العدل كخطوة نهائية لحل القضية.
تلك التحركات السريعة في المنطقة ستؤثر جليا في أزمة البلدين، وأن مؤتمر الثلاثي في نيروبي لم ينه أزمة المتصاعدة في البلدين، رغم أن هناك أنباء جديدة تشير إلى انعقاد مؤتمر ثان بين قادة البلدين على هامش مؤتمر كمبالا الذي من المتوقع ان يعقد في 12 من الشهر الجاري، إلا أن حل الأزمة يحتاج إلى وقف كل ما يعكر صفو العلاقات بين البلدين، وأن انتظار قرار المحكمة هو الفيصل الوحيد لحل الأزمة الحدودية التي هي السبب الرئيسي للمشاكل الدبلوماسية المتجددة، واللقاء الذي جرى مؤخرا في نيروبي بين وزراء الخارجية في البلدين، واعلان وزيرة الخارجية الكينية مونيكا جومو بإعادة فتح السفارات بين البلدين، لا شك – أن هذه الخطوة- ستخفف حدّة الأزمة ولكنها ليست حلا نهائيا للأزمة، وإن عودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها مرهون بقرار المحكمة الدولية العام القادم.